يبدو أن إخوان مصر لا يتعلمون من كل التجارب التي يسيرون عليها، وإذا تعلموا فإنهم ينسون سريعاً. تجربتهم مع أميركا مثالاً. هم ما يزالون يعتقدون فيها الرجاء والخلاص وعليه يلجؤون إليها. ألقوا وراء ظهورهم ما كانت هذه الدولة العظمى تفعله فيهم وهي تصر على أن يبقوا من أهل السجون الدائمين طوال سنوات كثيرة. كأن هذا الأمر لم يكن وعليه كانت أول زيارة لوفد من الإخوان يخرج من القاهرة في زيارة رسمية بعد صعودهم إلى السلطة كانت زيارة إلى الكونجرس الأمريكي من أجل تبييض الوجه والبدء في علاقة جديدة. أي علاقة يمكن أن تكون مع «الشيطان الأكبر»!. وبعد خروجهم القريب من الحكم والسلطة كانت وجهتهم أميركا. نداءات تلو الأخرى وماتوقفت. امتهن محمد البلتاجي، القيادي الإخواني الأكثر تواجداً على المستوى الإعلامي امتهن دور المنادي الأكبر وهو يرفع صوته بين الفينة والأخرى: أن يا أميركا تعالي وأعيدي الرئيس مرسي إلى الكرسي. يفعل نداءات أن يوقفوا تقديم المعونات العسكرية السنوية للجيش المصري. هو تأليب واضح وصريح على جيش بلاده وقد يأتي هذا في خانة وتوصيف الخيانة العظمى. وفي الوقت نفسه لم يتردد البلتاجي نفسه في إعلان أن العمليات الإرهابية التي تحصل في سيناء لن تتوقف إلاّ بعد عودة مرسي إلى الكرسي وهو اعتراف ضمني يقول من هو الكائن المشرف على ما يحصل هناك من موت وتدمير. كأنه يقول: نحن أو الفوضى. مصر لا تحضر هنا أبداً في بال قيادات الإخوان، الجماعة أولاً ومن بعد فليكن الطوفان. وفي نفس سياق لجوء الجماعة إلى الشيطان الأكبر وسواه قالت تقارير أكيدة عن لقاء حصل بين محمد مرسي ونجله أسامة في المكان السري الذي يقيم فيه وتحدثا عن الاتصالات التي تجريها القيادات مع الخارج الكافر. يسأل مرسي: «وماذا عن الاتصالات الخارجية؟»، يجيب أسامة: «كل الاتصالات بالدول الخارجية قائمة على قدم وساق، لقد أنهوا اتصالات مع أميركا والاتحاد الأوروبي وألمانيا للحصول على تأييدك ورفض الانقلاب العسكري القائم لكن أميركا هي البلد الوحيد الذي وعدنا بأن يقف إلى جوارك بمجرد أن يزداد أعداد المؤيدين لك في الشوارع والميادين، وهو ما نعكف عليه الآن». يمكن أن نرى هنا موقف وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي من هذا الموقف الإخواني بحسب ما نقلته يومية "الأخبار" البيروتية . لقد حرص على نقل غضبه للمبعوث الأميركي بيرنز وأكد على انزعاجه من الاتصالات التي قامت بها القيادات الإخوانية للدول الأوروبية، والولاياتالمتحدة، لتقليب العلاقة بين مصر والدول الأجنبية. وأوضح أن اتصالاته مع وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل أوضحت حقيقة مجريات الأمور، ولا داعي إلى أن يتطرق لها وزير الخارجية بحكم أن السيسي انتهى منها مع هاغل، مطالباً بضرورة أن تتفهم الولاياتالمتحدة متغيرات الأمور في مصر وثورة شعبها، وتتجنب التدخل المبالغ فيه بالشأن المصري. التقط بيرنز أطراف الحديث من السيسي لتغيير مساره للمعونة العسكرية، فقال: «الإدارة الأميركية لا تربط بين ما حدث في مصر والمعونة»، فقاطعه السيسي: «الحديث عن المعونة الأميركية العسكرية لا يشغل بال الجيش في مصر، وتهديدنا بها يوتر العلاقة بين البلدين، وله آثار سلبية على المستفيد منها». وعليه يبدو ذهاب الجماعة كل يوم في الخسارة تلو الأخرى. يظهر انعدام فكرة التعامل مع الآني وعدم تجريب ما قد تم تجريبه سابقاً وأثبت فشلاً في التزامن مع أداء جيد وواضح لقيادة المجلس العسكري. يرفض مرسي إجراء استفتاء على الرئاسة وهو الأمر الذي أكده البلتاجي نفسه يرفضون المشاركة في الحكومة الجديدة ومن ثم يذهبون إلى قول أن لا أحد تقدم إليهم بعرض بهذا الخصوص، أمر لا يستمر كثيراً حيث يعلن ذات البلتاجي أنهم سوف يرفضون المشاركة حتى ولو تم تقديم العرض لهم. إلى هذا أدت حكومة حازم الببلاوي الجديدة اليمين الدستورية أمام الرئيس المؤقت عدلي منصور. حكومة تكنوقراط غير حزبية حيث تقدم كل وزير باستقالته مسبقاً من الحزب الذي ينتمي إليه. حكومة بلا إخوان مسلمين. محمد البلتاجي لم يكن غائباً هنا أيضا، فبحسب "الأخبار" فقد أكد في كلمة ألقاها على منصة رابعة العدوية «لن نقبل مفاوضات من أي نوع، والوحيد الذي له حق التفاوض هو الرئيس مرسي بعد عودته بكامل صلاحيته، فنحن لن نتفاوض ولن نجلس ولا مصالحة، لأنهم يريدون مصالحة مع مبارك وحبيب العادلي وأحمد عز وليست مصالحة مع شعب مصر». وطالب المتظاهرين بالصمود، قائلاً: «موعدنا الجمعة المقبلة في 10 رمضان، العبور الثاني، من أجل استرداد الوطن كما استرددنا سيناء قبل ذلك»، متوجهاً للمتظاهرين بالقول «إحنا عارفين هنعمل ايه».