في تحدٍ سافر للمجتمع الدولي.. «إسرائيل» تنتهك سيادة قطر وتغتال الوساطة العربية    عدن.. تشكيلات مسلحة تقتحم مستودعات تابعة لشركة النفط والأخيرة تهدد بالإضراب    الجاوي يدعو سلطة صنعاء لإطلاق سراح غازي الأحول    مسؤول رقابي يتسأل عن حقيقة تعيين والد وزير الصحة رئيساً للمجلس الطبي الأعلى بصنعاء    تسجيل هزتين أرضيتين غرب اليمن    تكتل قبائل بكيل: العدوان الإسرائيلي على الدوحة اعتداء سافر يمس الأمن القومي العربي    تصفيات اوروبا لكأس العالم: انكلترا تكتسح صربيا بخماسية    تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم: كوت ديفوار تحافظ على الصدارة    مصر تقترب من التأهل إلى كأس العالم 2026    قطر: لم يتم إبلاغنا بالهجوم الإسرائيلي مُسبقًا ونحتفظ بحق الرد    ضرب محيط القدس وام الرشراش بصاروخ انشطاري و3 مسيرات    قيادي في الانتقالي يستقيل من رئاسة مؤسسة هامة ويبين أسباب استقالته    مصر: إحالة بلوغر إلى المحاكمة بتُهمة غسيل الأموال    اليمن يودّع حلم التأهل إلى كأس آسيا بخسارة أمام فيتنام    جامعة حكومية تبلغ طلاب قسم الأمن السيبراني بعدم قدرتها على توفير هيئة تدريس متخصصة    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ شاجع درمان    بين جوع العمال وصمت النقابات.. حكاية الرواتب المؤجلة    أمين عام رابطة الجرحى بمأرب يتحدى الإعاقة ويحصل على الماجستير في الرياضيات    الإصلاح: الاستهداف الصهيوني لقطر سابقة خطيرة تستوجب موقفاً عربياً موحداً    الجراحُ الغائرة    الان .. صاروخ يمني يحلق باجواء الاراضي الفلسطينة    اجتماع يناقش آثار إضراب المعلمين وآلية استقرار العملية التعليمية في شبام بحضرموت    إب.. السيول تغمر محلات تجارية ومنازل المواطنين في يريم وتخلف أضرارا واسعة    بحضور السقطري والزعوري.. إشهار جمعيتين متخصصتين في تنمية البن والعسل بعدن    لجنة الإيرادات السيادية والمحلية تتابع مستوى تنفيذ القرارات الصادرة عن اجتماعاتها السابقة    وداعاً بلبل المهرة وسفير الأغنية المهرية    دعوة يمنية لعودة اليهود من فلسطين إلى موطنهم الأصلي بلاد اليمن    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور مكتب الصحة بالمهرة ويطلع على الخدمات المقدمة للمواطنين    وقفة احتجاجية لطلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا بعدن رفضا لرفع الرسوم الدراسية    نادي نوتنجهام فورست الإنجليزي يُقيل مدربه إسبيريتو سانتو    في ذكرى تأسيس الإصلاح..حقائق وإشراقات وإنجازات وتحديات    لحج.. غموض يكتنف تصفية مصنع حكومي لإنتاج معجون الطماطم بعد بيع معداته ك"خردة"    النفيعي: جئنا للمنافسة وسنلعب للفوز بالكأس.. والدقين: لن نفرط في حقنا أمام السعودية    الأرصاد يحذّر من أمطار غزيرة مصحوبة برياح وحبات البرد في عدة محافظات    تواصل فعاليات "متحف الذاكرة" بتعز لتوثيق معاناة الحصار وصمود أبناء المدينة    الاطلاع على تنفيذ عدد من مشاريع هيئة الزكاة في مديريات البيضاء    يا عزيزي كلهم لصوص    الكلدي: البنك المركزي الراعي الرسمي للمضاربة بالعملة    الوطنية ليست لمن تسكعوا في الخارج    أزمة خبز خانقة في عدن    وفاة الفنان اليمني محمد مشعجل    منتخب اليمن الأولمبي أمام الإختبار الآسيوي المهم    خبير مالي يكشف عن نزاع بين البنك المركزي بعدن ووزارة المالية    حماية الجنوب.. رفض توظيف الدين لأجندات سياسية وحدوية يمنية    سامحوا المتسبب بموت زوجها وأطفالها الأربعة دون علمها.. امرأة تستغيث بالقبائل    الزبيدي يعطي الاهتمام لمصفاة عدن كركيزة هامة للاقتصاد الوطني    فريق القدس يتوج بطلا في ذكرى المولد النبوي الشريف    62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن": من يبغض صنعاء فإن له معيشةً ضنكًا*    روسيا تعلن عن لقاح جديد "جاهز للاستخدام" ضد السرطان    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    وفيكم رسول الله    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)    مرض الفشل الكلوي (20)    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    حلاوة المولد والافتراء على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أين نبدأ؟
نشر في الاشتراكي نت يوم 23 - 07 - 2014

عملية خطف المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة وقتلهم شكلت المقدمات الظاهرة للعدوان الإسرائيلي على غزة. العدوان، الذي يقدَّر ضحاياه حتى الآن بمئات المدنيين الفلسطينين، معظمهم أطفال ونساء. ومع أن الجهة المسؤولة عن خطف وقتل المستوطنين الثلاثة لم تحدد على وجه اليقين، إن كانت فلسطينية أو غير فلسطينية، إن كان انتقاماً شخصياً أو حادثة مرتبطة بالصراع الفلسطيني _ الإسرائيلي. مع ذلك فقد وفرت هذه الحادثة العرضية الذريعة المطلوبة لتدمير غزة وسكانها.
وحتى لو افترضنا جدلاً أن الحادثة قد ارتكبت من قبل فلسطينيين، احتُلت أرضهم وهُدمت بيوتهم وجُرِّفت مزارعهم واقتُلعت أشجارهم وقتل شبابهم ونساؤهم وأطفالهم واعتقل وعذب رجالهم في سجون الإحتلال، حتى لو افترضنا ذلك، ولم يكن وراء الحادثة أجهزة إسرائيلية، أو غير إسرائيلية، أُوكل إليها توفير الذريعة المطلوبة لشن حرب على غزة، وما أكثر الحوادث، من هذا النوع، ومما هو أبشع من هذا النوع، التي ارتكبتها الحركة الصهيونية، بحق الأبرياء من اليهود وغير اليهود، لتوفير الذرائع، والمبررات لبلوغ أهدافها، حتى لو افترضنا أن بعض الفلسطينيين فعلاً هم من ارتكب هذا الحادث، فإن حادثاً كهذا لايمكن أن يبرر العمل العسكري الذي نتابع مشاهده المدمرة على شاشات التلفزيون. أسر كامله تجتث وأحياء تدمر ومئات القتلي من الفلسطينيين، وعشرات القتلى من الإسرائيليين. مثل هذه العملية، لابد أن وراءها أسباب وأمامها أهداف، أكبر بكثير من مجرد خطف وقتل ثلاثة مستوطنين.
هذا الإحتمال تؤكده تصريحات المسؤولين الأمريكيين، وعلى رأسهم كبيرهم، ومعه وزير خارجيته، بأن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها. هؤلاء دعاة، أو أدعياء، حقوق الإنسان، يتمتعون بقدر وافر من الوقاحة وانعدام الإحساس الإنساني، إلى حد أنه لايخطر على بال أحدهم أن من حق الشعب الفلسطيني أيضاً أن يدافع عن نفسه. الشعب الذي تحمي الولايات المتحدة وحلفاؤها محتلي أرضه وتمنحهم الشرعية في ممارسة القتل والتدمير، بل وتمدهم بالأدوات اللازمة لذلك. أي عالم مجنون هذا العالم؟ وأي حضارة هذه الحضارة، التي يمثلها الغرب الإستعماري، المجردة من أبسط الإخلاقيات؟ إنهم يكذبون ليل نهار، بوقاحة تستفز كل ذي عقل وضمير. يسمون الأشياء بنقائضها، دون أن يرف لهم جفن. ومع ذلك لايستحون من أن يواصلوا حياتهم العادية، وأيديهم ممرغة بدماء الأبرياء على امتداد العالم. يوهمون البسطاء من البشر، بأنهم حماة الديمقراطية وحراس مبادئ حقوق الإنسان. هذه الوقاحة تفسر لنا ردود الأفعال، التي تعبر عن نفسها في كتابات ومواقف الغرب الآخر، الغرب الصديق، كما أسميناه في مقال سابق. الغرب الذي يعيش أزمة ضمير حقيقية أمام وحشية الغرب الإستعماري وكذبه ونفاقه ولا إنسانيته. الغرب الصديق، الذي يجب أن نضعه دائماً في حساباتنا، ونحن نواجه ظلم ووحشية وجشع الغرب الإستعماري.
وإذا كان هذا هو موقف الغرب الإستعماري وامتداده العضوي، المتمثل بالكيان الصهيوني المحتل للأرض الفلسطينية، فما هو موقفنا نحن العرب؟ سؤال قد يعيدنا إلى موضوع المؤامرة، التي نعيش فصولها، منذ القرن التاسع عشر وحتى الآن، وأبرز معالمها احتلال فلسطين وتشريد شعبها. المؤامرة، التي أشرنا إليها، إشارات عابرة، في مقالات سابقة. والتي يقرها بعضنا وينكرها بعضنا الآخر. وقد نعود إلى الحديث عنها في مقال خاص، نلامس فيه حدود مسؤولية الغرب الإستعماري فيها، وحدود مسؤوليتنا نحن. تجاوزاً للنظرة الأحادية الجانب، التي يرى أصحابها، إما أن مانعيشه من تمزق وتخلف وفوضى، هي مؤامرة من صنع الغرب الإستعماري، نعلق عليها قصورنا وعجزنا، ونعفي أنفسنا من أية مسؤولية في ذلك. أو أننا نحن المسؤولون عن كل ما أصابنا، وليس للغرب الطيب ومؤامراته أي يد في مانحن فيه. وكلا النظرتين المتناقضتين، تعفيان أصحابهما من بذل الجهد اللازم لدراسة العوامل الموضوعية، المؤثرة في الأحداث، والتي لايستطيع حتى صُنَّاع المؤامرات، التي نتنشق هواءها كل لحظة، لا يستطيعون أن يسقطوها من حساباتهم، كالعوامل الإقتصادية والجغرافية والبنى الإجتماعية، وكذا أنماط التفكير والقيم والسلوك، التي تكونت عبر التاريخ، والطبيعة البشرية، القابلة للإختراق، والمهيئة لخيانة شعبها، بفعل تضخم الأنانية وتغلب المصالح الذاتية. بل درسوها، دراسة منهجية، ثم نجحوا في توظيفها، لتحقيق مصالحهم الكبرى. أما نحن فقد فشلنا في الحالتين، في دراستها وفي توظيفها لصالحنا.
ما هي مسؤوليتنا نحن إذاً في مايحدث اليوم في غزة؟ شن العدو الصهيوني حرباً مدمرة على غزة، بذريعة إختطاف ثلاثة مستوطنين إسرائيليين وقتلهم. فماذا صنعنا نحن، إزاء قيام مستوطنين إسرائيليين بخطف غلام صغير من باب منزله، جهاراً نهاراً أمام الناس، وحرقه حياً؟ لاشيئ. ماذا صنعنا إزاء اغتصاب أرض وتشريد شعب؟ لاشيئ يذكر. ماذا صنعنا إزاء هدم المنازل وتجريف الأرض وقلع الأشجار المثمرة وقتل كل من يقاوم هذه الجرائم من أبناء فلسطين؟ لاشيئ. ماذا نصنع اليوم إزاء التدمير والقتل الهمجي، الذي تحدثه الآلة العسكرية الإسرائيلية في غزة؟ لاشيئ.
الحكومات العربية المبجلة، ليس لديها ماتقوله أو تعمله سوى ترديد ما أدمنت على ترديده، من استنكار وشجب، مللناه وأصبحنا نخجل من سماعه، وتعلم هي نفسها أنه غير مجدي، ولم يعد يفيد حتى في رفع العتب عنها، بل أضحى مدعاة للسخرية والإستهجان. ليتها تكف عنه وتكتفي بالصمت. فالصمت أقرب إلى الوقار، من هذا الإسفاف الممل.
ونحن، كشعب عربي واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر أعضائه، كما هو مفترض؟ هل لدينا مانقوله سوى الأنين والتوجُّع؟ لقد خرجت في شوارع المدينة السكنية بحدَّة، عصر يوم الأحد، الموافق 20 يوليو، مظاهرة، لايزيد عدد أفرادها عن عشرة أشخاص. مظاهرة محدودة العدد، في حي صغير من أحياء صنعاء، مثلت ضمير الشعب العربي في اليمن. لكنه ضمير خافت، ليس له دوي ولا تأثير. كان الناس يقفون على الأرصفة، مكتفين بالمشاهدة وسماع الهتافات، التي أطلقها المتظاهرون، استنكاراً للعدوان الإسرائيلي وتأييداً للشعب الفلسطيني المقاوم في غزة. مما يدل على أنها كانت مجرد مبادرة من شباب غاضب، وليست مظاهرة منظمة من أحزاب سياسية، قَصُرت مواقفها حتى عن بلوغ مستوى نفاق الأنظمة الحاكمة. لقد اكتفى الناس بالمشاهدة. ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن حماس الشعب العربي كله، وهو يشاهد المنديال العالمي في البرازيل، كان أشد وأوضح، مما هو عليه وهو يشاهد مظاهرة محدودة العدد كهذه المظاهرة، أو يشاهد صور التدمير والقتل، التي تمارس في غزة.
فإذا قلنا إن الحاكم العربي قد صُنِّع تصنيعاً، ليؤدي دوراً محدداً في خدمة صانعيه، لايُسمح له بأن يحيد عنه، الأمر الذي لايجعلنا نستغرب سلبيته وتخاذله، فماذا نقول إزاء هذه الحالة الشعبية، اللامبالية. أهو الهوان، الذي قال عنه الشاعر: من يهن يسهل الهوان عليه مالجرح بميت إيلام؟
أم هو الإحباط، الذي أصيب به المواطن العربي، من جراء التضحيات الجسيمة التي قدمها، دون توقف، عبر عقود ممتدة من السنين، والأحلام، التي علقها على الثورات العربية، التي تبخرت، بما فيها آخر الثورات، أي ثورات الشباب العربي، ولم يبق من ذكراها سوى الأرواح الطاهرة، التي سقطت، والدماء الزكية، التي سالت. فقد اغتيلت كل تلك الثورات، قديمها وجديدها، ولم تخلف سوى أنظمة لاتقل سوءاً عن الأنظمة، التي ثارت عليها وسعت إلى تغييرها. هل يفسر هذا، بعض التفسير، حالة اللامبالاة، التي نعيشها؟ ربما.
فإذا كان هذا هو الحال، فما العمل؟ ومن أين نبدأ؟ هل تستطيع الأحزاب السياسية، كقوى منظمة وطليعة مفترضة لشعبنا، هل تستطيع أن تسعفنا بالجواب الشافي وتدلنا على الطريق، إن كانت تظن أنها معنيِّة بذلك؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.