تدخل الحرب شهرها الثالث في معظم مناطق اليمن، سيما مدينة الحديدة ،وما فتئت اعداد القتلى والمصابين تتزايد كل يوم. وكما الحال دائما في النزاعات فإن المدنيين الأبرياء وحدهم من يدفعون ثمن الحرب وتكلفتها الباهظة على المعيشة اليومية التي تكاد تتوقف امام ازيز شبح الموت المتجول في الشوارع والأحياء، على امتداد الخارطة الجغرافية اليمنية. هنا في الحديدة تأبى الحرب إلا ان تأخذ ارواح المدنيين فضلا عن انعدام الخدمات الأساسية كالغذاء والماء والكهرباء، واغلاق المستشفيات لغرف عملياتها بسبب نقص العاملين ووقود المولدات. عروس البحر ذات يوم لم تعد كما هي الأن فملامح الحياة تبددت في شوارعها الغارقة في الظلام، والمكدسة بمخلفات القمامة، يزيد عن ذلك انتشار الأمراض والأوبئة واصابة السكان بحمى الضنك. ناهيك عن الجانب الإنساني الذي يزداد تفاقما مع تزايد حدة الصراع الدائر بين المقاومة الشعبية وغارات التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة ومليشيات الحوثي والمخلوع علي صالح من جهة اخرى. المتحاربين وحدهم من يدفعوا باتجاه استمرار الحرب، فيما تغيب فرص العمل السياسي التي يمكن من خلالها تجاوز العقدة الانسانية ومخاوف انجرار الوضع الى مستنقع اخطر . بيد أن آلات الحرب كعادتها تأبى التصالح مع مشاريع الحياة التي تموت في هكذا بلد فخخه النظام طيلة سنوات بكل عوامل الانهيار. فمنذ آذار مارس الماضي وسكان الحديدة كما هو حال بقية المدن اليمنية يعيشون حالة انسانية صعبة، بين النزوح هربا من الموت والتوقف عن العمل رافق ذلك ارتفاع في اسعار المواد الغذائية وانعدام المشتقات النفطية . الأمر الذي بات فيه المواطن التهامي حبيس النكبة بمأساتها الكارثية على المدنيين من تقطعت بهم سبل العيش بكفاف . وعلى الرغم من تحذيرات المنظمات الانسانية لانهيار الوضع الانساني في اليمن ، الا ان نزيف الدم اليمني ومعاناته مستمرة . فحسب احصائيات مكتب الصحة بمحافظة الحديدة فإن عدد الحالات المصابة بحمى الضنك بلغت اكثر من 1523 حالة، بما في ذلك مئات النساء،.في حين يعاني الأهالي في مدينة الحديدة من انتشار الوبائيات مثل الملاريا ، حيث تجاوزت الإصابات بهذا المرض 19465 شخصا وتسبب انعدام المشتقات النفطية في تزايد معدلات انقطاع الكهرباء في المدينة التي تصل درجة حرارتها 39 درجة مئوية ،الأمر الذي يدفع السكان للخروج للشوارع والأرصفة ما يعرضهم للإصابة بهجمات البعوض. ويعاني 20مليون من سكان اليمن نقص المواد الغذائية والطبية ،تأتي الحديدة في مقدمة المحافظاتاليمنية حيث تحتوي على اكثر من 40 بالمئة من نسبة سوء تغذية الأطفال على مستوى اليمن . وفقا لتقارير مكتب الصحة بالمحافظة والمنظمات الدولية التي حذرت من تفاقم الأزمة الانسانية في اليمن خصوصا ان اكثر ضحايا الحرب من المدنيين . ومع تزايد حدة الصراع في اليمن تغدو حاجة المواطن الى هدنة انسانية وإيقاف الحرب المشتعلة في مختلف في معظم مناطق البلاد ؛ امر في غاية الأهمية لما يترتب على الحرب من عوامل كارثية على الأرض والأنسان . يأتي ذلك في ظل استمرار رجال الحرب في التجييش لمعركة قد تطول مع تقهقر الحالة السياسية التي تغيب ملامحها كلما ارتفعت اصوات البنادق في معركة حامية الوطيس . في حين يغدو شعور اليمني المنكوب بحاجة ماسة لإعادة الحياة ، الحياة التي تكاد ان تجف ويجف معها عرق اليمني المغلوب على أمره