اتفق عدد من كبار الحقوقيين يوم الأحد على عدم تمتع اليمنيين بالحقوق الطبيعية المكفولة لهم في الدستور والقوانين وذلك خلال حلقة للتشاور الوطني المنبثق عن اللقاء المشترك. واستعرض المحامي محمد يحيى علاو من رئيس منظمة هود الحقوقية عدداً من الحقوق الواردة في الدستور اليمني لكنه أوضح انعدامها حين عكسها على الواقع الذي يعيشه المواطنون اليمنيون. ومن الحقوق التي أثبت علاو انعدامها حماية الدولة للطفولة والأمومة والحق في الحرية والأمان الشخصي حق الإقامة والتنقل والمساواة أمام القانون وحق الرأي والتعبير وحق التجمع السلمي. وقال علاو إن حق رعاية الأمومة والطفولة "مهدر في الواقع المعاش (...) وتنعدم الخدمات بشأنه في معظم مناطق اليمن وبالأخص بالريف وفي المدن يتوقف ممارسة هذا الحق على وعي الأسرة وإمكانياتها المادية". ومن الانتهاكات ضد الحق في الحياة برأي علاو "الحروب القبلية التي تحصد أرواح المئات دون عقاب أو تدخل من سلطات الدولة" وحوادث المرور التي تحصد آلاف الأشخاص سنوياً بسبب سوء تصميم الطرق نتيجة إسنادها إلى مسؤولين رسميين امتهنوا المقاولات إضافة إلى حوادث الاستخدام المفرط للأسلحة النارية وانتشار أمراض قاتلة نتيجة الاستخدام غير المنظم للمبيدات و تهريب الأدوية . أما حق الحرية والأمان الشخصي فيقول علاو إنه حق مهدر "من خلال إجراءات القبض أو الاحتجاز أو الاعتقالات التعسفية والمعاملة القاسية وغير الإنسانية أثناء فترة الاحتجاز وفي أماكن لا تتوفر فيها الظروف الصحية الملائمة". ومما يهدر هذا الحق أيضاً "شيوع حجز حريات المواطنين من قبل الأجهزة الإدارية كإدارات البلدية والواجبات والضرائب ومدراء المديريات والتموين (...) وشيوع ظاهرة السجون الخاصة لدى هذه الجهات والمشايخ والنافذين (...) كذلك إهمال القضاء إبطال الإجراءات التي تقوم على هذه المخالفات والانتهاكات". وتضيف ورقة علاو أن حق الإقامة والتنقل "ينتقص منه عن طريق المنع من السفر خارج إطار القانون" إضافة إلى إقامة نقاط التفتيش في مداخل المدن وهي نقاط قال علاو إنها صارت وسيلة للابتزاز ويفترض أن أجهزة الضبط تضبط أي مطلوب عند الإبلاغ عنه بدلاً من إقامة النقاط وتبرير وجودها بحفظ الأمن. وتأرجح حق المساواة أمام القانون "وفقاً لمعيير الولاء السياسي أو المناطقي وصراع الصائل والتيارات داخل الأحزلب الحاكمة ". وصار هذا الحق بعد حرب 94 بحسب علاو "يتوقف وفقاً لمعايير النفوذ العسكري أو القبلي أو المناطقي أو الحزبية وغابت المساواة في مختلف مناحي الحياة سواء منها الحق في شغل الوظيفة العامة أو الترقي فيها ومبدأ تكافؤ الفرص أو حتى في التجارة العامة والمقاولات العامة وصولاً إلى المساواة أمام القضاء والحق في محاكمة عادلة أمام قاضٍ طبيعي". ويتجلى انعدام حق التجمع السلمي في تعطيل التعددية الحزبية تفريخ الأحزاب السياسية وإلغاء بعضها ومصادرة صحفها وإنشاء لجنة يرأسها وزير حكومي لتنظيم الأحزاب إضافة إلى تسفيه المعارضة وتخوينها ومعاقبة المنتمين إليها. وأرجع علاو التدهور في الحريات والحقوق إلى إسهام التيارات بمختلف توجهاتها في العمل على تسيد أيدلوجياتها التي قامت على إلغاء الآخر . واقترح علاو لعلاج ذلك عقداً اجتماعياً جديداً يتضمن عدم الجمع بين السلطة والثروة وضمان الحقوق الأساسية للمواطن والحق في الخروج السلمي وتقييد سلطة المركز مقابل إعلاء المحليات إضافة إلى أن يكرس العقد الجديد مبدأ أن من يتولى شؤون الناس هو وكيل عنهم لا سلطان عليهم. من جهته قال الدكتور عبدالقادر البنا نائب الرئيس التنفيذي للمرصد اليمني لحقوق الإنسان إن جوهر مشكلة الحقوق تكمن في التراجع عن نصوص دستورية كانت مثبتة في دستور دولة الوحدة مشيراً إلى تعديل 101 مادة دستورية منذ حرب 94. ومن الأسباب التي أوردها البنا لتراجع الحقوق والحريات تراجع دور القضاء وتدخل السلطات في عمل المنظمات والنقابات وتدني مستوى الوعي بالحقوق وبآليات المطالبة بها إضافة إلى ما وصفه بالتعامل المشوش من القوى السياسية وبعض الرموز فيها تجاه عدد من الحقوق والتعامل بأغراض سياسية مع الحقوق مشيراً إلى موقف قوى سياسية من تحديد سن زواج الأنثى والكوتا النسائية . أما المحامي خالد الآنسي من منظمة هود فعزا تراجع الحقوق والحريات إلى "الانتقال من نظام الدولة إلى نظام الفرد". وأضاف الآنسي إلى ذلك "التعامل مع حقوق الإنسان على أنه التزام دولي لا محلي" والتلاعب بالمصطلحات والمفاهيم المرتبطة بالحقوق إضافة إلى غياب أدوات حماية الحقوق والحريات ودلل على ذلك بالقضاء الذي قال إنه قضاء حزبي. وتحدث في الحلقة عدد من قريبات سجناء على ذمة الصراع في صعدة وأشرن إلى معتقلين كانوا طلاباً في المرحلة الثانونية وقطع رواتب بعض هؤلاء السجناء. كما تحدث في الحلقة عدد من السياسيين والإعلاميين والنشطاء المدنيين.