قال المرصد اليمني لحقوق الإنسان ان اليمن شهد تراجعا للديمقراطية، وزادت معها معدلات نتهاك حقوق الانسان خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي تقريره السنوي "لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009"، والذي حصل "التغيير" على المسودة الأولية منه فان "اليمن شهد خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة، تراجعا حادا عن السير في العملية الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، وبنسبة تصل إلى أكثر من 60% مما كان قد تحقق". مشيرا إلى ان تراجع حقوق الإنسان جعلها بعيدة عن حماية القانون مما يهدد الكيان الوطني ووحدة ترابه. ولفت التقرير الذي اعد بالتعاون مع الصندوق الوطني للديمقراطية NED ، إلى أن الممارسة السياسية المجتمعية تطورات بشكل كبير باتجاه تجذير ممارسة الحق في التجمع ، إذ شهد عام 2009 إتساع الرقعة الجغرافية لتنظيم التجمعات السلمية على صعيد الجنوب والشمال وزيادة فعاليات وتأثير هذه التجمعات ، وشهدت التعددية السياسية والحزبية والقبول بالآخر تطورات مهمة تمثلت في أن عام 2009 شهد ميلاد نواة الكتلة التاريخية للتغيير ( اللجنة التحضيرية للحوار الوطني ) مطروحة للنقاش وإيجاد وفاق وطني للتغيير على أساسها. ويعتبر هذا التقرير الذي حمل شعار "حرية التجمع والتنظيم والقبول بالأخر" هو التقرير السنوي الخامس لحقوق الإنسان والديمقراطية التي يصدرها المركز، والتقرير الثالث الذي اعتمد منهجية التقسيم إلى قسمين قسم تحليلي يقوم على العمل الأكاديمي لتحليل البيانات التي يحصل عليها المرصد من خلال الرصد الميداني والرصد الصحفي ، وخصص هذا القسم في هذا التقرير لحرية التجمع والتنظيم ، والقسم الثاني كالتقريرين السابقين لعامي 2007 و2008م خصص للعرض البيانات والمعلومات التي تم رصدها خلال العام 2009في كل مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية. واوضح التقرير :"ان الازمة السياسية اليمنية صارت تهدد الكيان الوطني ووحدته الترابية، وهي أزمة صارت لها مكونان رئيسيان: إنقسام جهوي : القضية الجنوبية وقضية صعده ، والإنقسام السياسي الوطني المتمثل بالإنسداد السياسي وتوقف العملية السياسية". وتابع التقرير:" الازمة السياسية تعبر عن عمق أزمة الشراكة وعدم القبول المتحكمين بالسلطة بالتعددية السياسية والحزبية ورفض التنوع والقبول بالآخر وفرض شرعية الغلبة والإقصاء الأمر الذي قاد إلى الدعوة في الجنوب إلى إستعادة الدولة أو فك الإرتباط، وفي صعده إلى حرب مستمرة منذ عام 2004". واكد ان "قمع التجمعات السلمية وتعطيل الحق في التنظيم إدى الى زيادة تأييد الحرب في الشمال وإتساع رقعتها وتحذر الدعوة إلى الإنفصال وتبرير اللجوء إلى العنف المقابل لعنف الدولة ، ولعل قمع من يمارس حق التجمع السلمي وتعطيل الحق في التنظيم قد قاد خلال عامي 2008 و2009م إلى الإنسداد السياسي وإلى توقف تام للعملية السياسية بعد أن شهد العاميين عدم إجراء الإنتخابات النيابية التي كانت مقررة في 27 أبريل 2009 م ، وشهدت المزيد من إقصاء الأحزاب السياسية بمحاولة إجراء إنتخابات عامة دون إشراك المعارضة في إدارتها ودون تنفيذ ماتم التوصل اليه بين أحزااب المعارضة والحزب الحاكم من إتفاقات لإجراء إنتخابات حرة ونزيهة ، بل وجرت إنتخابات غير مباشرة للمحافظين دون مشاركة أحزاب المعارضة وأنفرد بها الحزب الحاكم كما إنفرد بإجراء إنتخابات نيابية تكميلية بعد أن صارت شرعية مجلس النواب والحكومة مستمدة من إتفاق فبراير 2009 بين أحزاب اللقاء المشترك والحزب الحاكم ، وكانت تلك التصرفات هدماً لماتبقى للحكومة من شرعية". وتشير الإحصائيات الخاصة بالتقرير إلى إن حقوق الإنسان في اليمن ومنذ العام 2006م لم تشهد أي تحسن يذكر بل أنها في تراجع مستمر، ويعود ذلك إلى أسباب عدة أهمها تدهور الحياة المعيشية للسكان وتجذر الأزمة السياسية التي مثل اتفاق فبراير 2009م والخاص بتأجيل الانتخابات البرلمانية اعترافا صريحا من جميع القوى السياسية باستفحالها. تتضح ملامح هذه الأزمة في ابرز نتائجها وهي حرب صعده في شمال الشمال من جهة واتساع رقعة الاحتجاجات الجماهيرية الشعبية في الجنوب من جهة أخرى. استمرت السلطات اليمنية في سياساتها متجاهله لكل دعوات الإصلاح، في المقابل تنوعت أساليب وأشكال رفض تلك السياسات ، تمثل الشكل الأول في المواجه المسلحة كما هو حاصل في الحرب الدائرة بين القوات الحكومية وجماعة التمرد الحوثي والتي لجأت خلال الحرب الأخيرة إلى رفع شعارات ذات بعد وطني مثل رفض الاستبداد والمطالبة بالمواطنة المتساوية وإصلاح النظام السياسي، بينما تمثل الشكل الأخر بالاحتجاجات الشعبية الواسعة عبر التجمعات السلمية كما هو الحال في المحافظات الجنوبية، في المقابل لم تكتفي أحزاب المعارضة الرئيسية في توجيه النقد للسياسات الرسمية للسلطة كعادتها بل ذهبت نحو تشكيل تحالف وطني واسع يضغط باتجاه عقد مؤتمر عام للحوار الوطني. وقال التقرير انه "على الرغم من الفروق الجوهرية بين الأشكال الثلاثة السالفة الذكر إلا أن الخيار الأمني ظل الرد الرسمي في غالب الأحيان مع حوارات متقطعة وغير جادة سواء مع جماعات الحوثي أو أحزاب المعارضة. في شهر يوليو2009م تجددت الحرب بين القوات الحكومية وجماعات الحوثي ولأكثر من ثمانية أشهر تعرضت معظم مناطق صعده لقصف عنيف من قبل القوات اليمنية والقوات السعودية بعد اشتراك الأخيرة في الحرب، الأمر الذي نتج عنة قتل وإصابة الكثير من المواطنين وتدمير كامل لعدد كبير من القرى". واشار التقرير الى ان الاحتجاجات الجماهيرية في جنوباليمن قوبلت بالقمع الشديد وتعرضت بعض المناطق مثل ردفان والضالع لحصار عسكري كما تعرضت وسائل الإعلام الصحفية وخاصة الأهلية للإيقاف والمنع من الطبع والتوزيع، ولوحق عدد من الصحفيين أمام النيابيات والمحاكم على خلفية قيامهم بتغطية الأحداث. كما تعرضت الأحزاب السياسية لحملة إعلامية شرسة شككت في ولائها الوطني واتهمت بدعم جماعات الحوثي في الشمال وقوى الحراك السلمي في الجنوب رافق ذلك تحريض رسمي للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية. وسجل المرصد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان كما يقول حيث بلغ عدد الوقائع المسجلة خلال العام 2009، (3582) واقعة انتهاك بزيادة عددية قدرها (1179) واقعة عما كانت علية خلال العام 2008.