« يروي الإخباريون أنه دُليت من السماء في أيام النبي داؤود عليه السلام سلسلة وسط بيت المقدس، وكان الناس يتحاكمون عندها، فمن مدّ إليها يده وهو صادق نالها، ومن كان كاذباً لم ينلها، إلى أن ظهرت فيهم الخديعة فارتفعت إلى السماء». يقول الإخباريون مفسرين أسباب احتجاب تلك السلسلة: «إنه احتكم إليها رجلان أودع الأول منهما جوهرة عند الآخر فخبأها بدوره في مقبض عكازته «باكورته» وأنكرها على صاحبها، فقال صاحب الجوهرة: اللهم إن كنت صادقاً فلتدنِ السلسلة مني، فدنت فمسّها، وقال لغريمه: دورك.. فدفع الغريم عكازته التي خبأ في مقبضها الجوهرة إلى الأول وقال: اللّهم إن كنت تعلم أني رددت الجوهرة إليه، مشيراً إلى صاحبها، فلتدن السلسلة مني، فدنت منه فمسّها، فقال الناس: قد ساوت السلسلة بين الظالم والمظلوم، فارتفعت إلى السماء بشؤم الخديعة..». وكذلك فعلها «المشترك» مؤخراً في صاحبه الحزب الحاكم عندما سلّم إليه الأخير جوهرة من جواهر الديمقراطية وائتمنه عليها بوصفها من جواهر تأمين الحراك الديمقراطي في سبيل إنجاز الاستحقاق الوطني القادم ممثلة في «اتفاق المبادئ» الموقع بينهما في 18يونيو الماضي. وبعد شهر من هذا الاتفاق وذاك الإئتمان طالب المؤتمر الشعبي العام صاحبه بالإيفاء باستحقاقه نحو اللجنة العليا للانتخابات، فأنكرها عليه متقمصاً شخصية غريم صاحب الجوهرة، مع تمادي الغريم الجديد في خداعه للمؤتمر ومطالبته بالاحتكام إلى ما سمّاه «الشرعية الدولية» بدلاً من الاحتكام إلى النظام والقانون والشرعية الوطنية، بل المراقبين الدوليين المتواجدين في اليمن. وقد أثارت هذه الخديعة دهشة واستغراب العديدين من المحللين السياسيين في الخارج ناهيكم عن المحللين والمراقبين السياسيين في الداخل، لاستحالة نزول اللجنة العليا عند رغبة ومطلب ممثلي «المشترك» من القانونيين وتمكينهم من التصرف في معلومات وثائقية سرية تخص ما يزيد عن ال «3ملايين ونصف المليون» من الناخبين مودعة أمانة في السجل الانتخابي لدى اللجنة العليا، بل مطالبة ذلك الفريق بنسخها في أقراص ال «PDF» من السجل المصور. واعتبر أولئك المحللون السياسيون مطالب «المشترك» بوصفها مطالب تعجيزية ومحرجة الهدف من ورائها حلحلة اتفاق المبادئ وخلق حالة من التوتر والاحتقان السياسي بما يؤدي إلى إفشال الانتخابات، متناسياً أي المشترك أن الوعي السياسي والحس الوطني لدى الجماهير، وتحديداً الناخبين لم يكن بما كان عليه في الانتخابات السابقة، فكلما تقدمت عجلة الزمان خطوات إلى الأمام؛ ازداد معها وعي الناس ومداركهم وتعلموا من تجاربهم الماضية، وما خبروه عن تجارب تلك الأحزاب المعارضة ومواقفها المتذبذبة والغريبة أحياناً دروساً وعبراً تمكنهم من التمييز بين الحزب الصادق في قيادته لها والمخلص لمبادئ وأهداف ثورتهم المظفرة، وبين تلك الأحزاب المعارضة التي تغيب عن برامجها وأجندتها المصلحة العامة للوطن والجماهير، بل تطغى عليها المصالح الذاتية والآنية لقادة تلك الأحزاب؛ الأمر الذي يجعلها قليلة الحرص على حقوق المواطن وخصوصيته وأسراره الشخصية، مثلما أقدمت عليه مؤخراً عندما طالبت اللجنة العليا والمؤتمر بالحصول على نسخ من أقراص المعلومات الشاملة للسجل الانتخابي للمواطنين وإخراجه من مقر اللجنة العليا للتصرف فيه وتسريبه خروجاً وخرقاً للمادة «128» من قانون الانتخابات التي تحظر ذلك. وإذ نحيي الموقف الإنساني للجنة العليا حيال ذلك المطلب الظالم والمستخف بخصوصايتنا نحن كناخبين فإننا نوجهها نصيحة صدوق لتلك الأحزاب لكي تعود إلى جادة الصواب وتكف عن الاستخفاف والتحقير لمكانة الناخب وقدسية هذا الاستحقاق الوطني؛ لأن «الهربة سنة والمسكة يوم» كما يقول المثل العامي. al seari [email protected]