منذ صباح الأربعاء وحتى الساعة واليمن كلها تقف على اقدامها مترقبة أي مخرج سيفضي إليه الحوار مع الرئيس.. إلا ان الأيادي على القلوب خشية ان يكسب الرئيس الجولة كونه رجل لم يخسر معركة من قبل ! يخطئ الاخوة في المؤتمر الشعبي العام إذا ما ظنوا انهم الوحيدون على الحلبة اليمنية بمواجهة قرار الرئيس بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة ، إذ أنهم في حقيقة الأمر رهان الجولة الأولى فقط فيما ستبقى هناك رهانات اخرى من شأنها ان تنهك الرئيس وتضطره لرفع الراية البيضاء أمام قوة الإرادة الجماهيرية الشعبية. اعتقد ان المؤتمر الشعبي العام يقف اليوم أمام أصعب تحدياته التاريخية، إلا انه لحد الآن لم يحسن إدارة الجولة مع الأخ رئيس الجمهورية، ولم ينجح في زج الرئيس في زاوية ضيقة لايكون له فيها من خيار غير التراجع عن قراره.. فالمؤتمريون ينسون أنهم في حسابات الرئيس صالح لايمثلون اكثر من مؤسسة وطنية رائدة بين مؤسسات سياسية وطنية أخرى ينظر إليها الرئىس بنفس العين وبذات الاعتبار الذي يمنحه للمؤتمر الشعبي العام لذلك كان الأجدر بالمؤتمر التحول إلى الخيار الجماعي في نفس الوقت الذي يمارس ضغوطه على المستوى التنظيمي باعتبار ان علي عبدالله صالح رئيس الحزب أو أحد أعضائه. في ظل الموقف المتصلب الذي ابداه الرئيس في اليومين الأول والثاني في المؤتمر الاستثنائي أرى لابد من توجيه الجهد باتجاه المصلحة الوطنية العليا وبمعنى آخر ان على المؤتمر ألا يتعامل مع الأمور بأنانية حزبية ويتأثر بالموقف من حسابات الأثر السلبي على تنظيمه فيما لو قايض رئاسة الجمهورية برئاسة المؤتمر الشعبي العام. فعلى الرغم من أنه سيشق على الرئيس صالح ترك المؤتمر الشعبي العام الذي بناه لبنة لبنة حتى تصدر به ريادة الدور الوطني التنموي، إلا ان الخسارة أعظم لو بقي الرئيس على موقفه وغادر رئاسة اليمن لأن حجم الخسارة بحجم الوطن ومنجزاته الحضارية العظيمة. ما أقصده في هذه المقايضة هو ان يدفع المؤتمر بالأمور نحو شراكة جماعية مع بقية القوى السياسية والوطنية بحيث يضطر الرئيس في حالة رفضه للقرار التنظيمي بأن يكون مرشح المؤتمر للرئاسة إلى الخروج إلى ساحة الاجماع الوطني الذي تتشكل في ظله لجنة حوار وطني موسعة تضم مختلف القوى الوطنية تحاور الرئيس بشأن قراره وتعلن عن ترشيحه للرئاسة باسم هذا الاجماع الوطني.. وبعيداً عن أي ارتباط تنظيمي حزبي لأنه لطالما لعب دور الاب الروحي لجميع القوى السياسية وكان آخرها ماجرى بشأن لجنة الحوار الأخيرة التي اتفقت على وثيقة ضمانات المشاركة الانتخابية، والتي كان الرئيس صالح فيها ممثلاً بصفة رئيس جمهورية وليس رئيساً للمؤتمر الشعبي العام وكان ذلك احد اسرار نجاح الحوار. ربما سيعتقد بعض الاخوة في المؤتمر بأنهم لو ذهبوا إلى هذا الخيار سينقصون من شأن الرئيس أو هيبته أو أي عذر آخر لأنهم يستشعرون مقدماً الخسارة الفادحة التي قد يتكبدها المؤتمر لو غادره الرئيس صالح وأنا اتفق معهم بشأن ما سيخسره حزبهم ولكن اخالفهم تماماً في ما يخص مكانة الرئيس في الساحة الوطنية لأنهم نسوا ان الرئيس منذ بداية عهده وحتى اليوم هو موضع اجماع وطني. تلتفت حوله القوى الموالية والمعارضة بنفس الحماس وان هذه الحشود التي تخنق شوارع محافظات اليمن بمسيراتها المطالبة بعدول الرئيس عن قراره لم تكن مؤتمرية صرفة وانما من مختلف التنظيمات والشرائح الاجتماعية والفئات العمرية والولاءات حتى وان كان بعضها على خلاف حزبي مع المؤتمر. إننا عندما نتجه بتفكيرنا إلى هذا الخيار، فذلك لأن الرئيس صالح وضعنا في زاوية حرجة ليس امامنا غير ان نقدم تنازلات مقابل دفعه للبقاء على رأس السلطة.. واؤكد ان على المؤتمر دفع الأحداث باتجاه لجنة الاجماع الوطني المؤلفة من مختلف القوى والوجاهات والرموز التي تتوجه إلى الرئيس باسم الشعب اليمني وحينذاك لن يتردد الرئيس في الامتثال لإرادة الاجماع الوطني.