أحياناً أتمنى أن أكون شاعراً، وأحايين روائياً أو قاصاً أو كاتباً مسرحياً، ومن هذه الأحايين كان سقوط بيروت في أوائل الثمانينيات في قبضة برابرة العصر، النازيين الجدد، مصاصي دماء الأطفال، القتلة، الفاشست أعداء الإنسانية، بني صهيون، هؤلاء الذين هم الحقد بعينه ولا نبالغ إذا قلنا إن الحقد جزء منهم وليس فقط خصلة فيهم، والثانية مرتبطة بالعدوان على الفلسطينيين، والثالثة هذه الأيام، في سوالف الأمنيات كنت أود أن أبث حزني وآلامي وانجراحاتي كإنسان أولاً ثم كمسلم وعربي وأب، وابن... والآن يُضاف إلى ما سلف الفرح المختلط بالحزن، والألم الملتبس أو المرتبط بالأمل. رغبتي في الكتابة الخالدة عن الشباب الطاهر، عن الأبطال الأسطورة، عن الرجال الذين سيخلدون كحالة/حالات نادرة ليس في تاريخ لبنان ولا العرب، بل ولا حتى المسلمين، ولكن في تاريخ الإنسانية، صمود الشباب في (عيتا الشعب، وعيترون، ومارون الراس، وبنت جبيل، والبقاع، وصور والنبطية، وكل قرى ومدن وأحياء لبنان) يعيدنا إلى المجد الذي ما فتئنا نردده، ونتغنى به في خطب الجمعة، وفي المواعظ والأحاديث، معركة لبنان الأخيرة أعادتنا إلى العصر الذهبي، عصر الانتصارات، وزمن الخلود، أولئك الشباب هم الطاهرون، المتوضئون، أهل الله، رجالات القرآن، أحباب الرحمن، الصائمون الظامئون، الراكعون، الساجدون، العابدون، الزاهدون، الباذلون.. شباب التحدي والعزة والكرامة، والذي نفسي بيده إنهم الشباب المعجزة، الشباب الأسطورة، الشباب الذي يعد امتداداً لبدر وخيبر والأحزاب واليرموك والقادسية وحطين وعين جالوت.. «إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى»، إنهم من أعاد لنا الأمل، من أوجد إطاراً جديداً لصورتنا، مكوناً جديداً لشخصيتنا، انبعاثاً جديداً لتاريخنا.. هؤلاء الرجال هم من أعزونا، هم من رفعوا رؤوسنا.. هم من أكسبونا الثقة، وهم من أسقطوا أسطورة الجيش الذي لا يقهر، هم لا سواهم القادة وتيجان الرؤوس، هم البعث الجديد والأمل القادم والوعد الصادق والإنسانية بمعانيها الشاخصة، هم من أعادوا التوازن للرعب أو لأي شيء.. وهم من نحبهم ونخاف عليهم فقط لنخاف عليهم من المنافقين والخونة وقطاع الطرق والأرزاق.. وهم من نخاف عليهم من الجواسيس والغادرين والحاقدين والحاسدين، وهم من نخاف عليهم من الحقد الطائفي والمذهبي، هم من نخاف عليهم من جور السلاطين وأبلسة السياسة. لحظة: إلى كل إنسان وإلى كل شعوب الأمة هؤلاء رفعوا رؤوسنا وأعادوا لنا الكرامة. أرجوكم لا تفرطوا بهم ولا تساعدوا على تسليمهم لبني صهيون، أرجوكم أن تتأملوا بعقولكم وتفكروا بقلوبكم وتوقظوا ضمائركم وكونوا مع الله وجنده.. وإلا سنكون جميعاً «ابن العلقمي» والله المستعان ولا عزاء للجبناء.