رائع هو ما يحدث في الفضائية اليمنية ويطل على المشاهدين من شاشتها الذهبية والخلابة ببرامجها الرمضانية هذا العام «2006م». لم يكتب لي الحظ متعة مشاهدة الجزء الأول من «كيني ميني» إلا أنني تابعت دهشاته بعيداً عن الشاشة في الشارع والباص وأحاديث المدهوشين بروعة هذا المسلسل وتألقه المتجدد كل عشاء وإفطار رمضاني. .. وهأنذا انتظره مع حبات التمر وكوب الماء كل يوم ومساء جديد، وفيه أرى الحقيقي من الألق والحقيقي من الإبداع والحقيقي من المتعة الخالدة التي تظل فيك امتداد العمر والذاكرة.. قبل ثلاثة أعوام تقريباً، كتبت موضوعاً احتفائياً في زاوية من فنون الثورة اليومية عنوانه «طاش ما طاش»، وقتئذٍ كان السدحان وزملاؤه يدهشون عيون العالم العربي بإبداع سعودي مباغت للعادة وللعيون.. أنا أحتفي بأي شيء جميل ولو كان زوج جوارب، والاحتفاء بنص مبدع أو مسلسل أنيق من صنع النص نفسه وكل ما يحيط بالبرنامج المعاين من مؤلف ومخرج وممثلين وجنود مجهولين وكواليس رائعة ومن صلب هذا المجموع تولد الفرادة والساحرية.. «كيني ميني» طلة أجد في عالم الفضائيات و (تواضعاً) في الفضائية اليمنية وتاريخها المرئي، ولم يتعود المشاهد اليمني في دنيا الدراما المحلية عملاً بهذه الرصانة وهذا الجذب والمغناطيسية القوية.. المؤلف محمد صالح الحبيشي اسم جديد وربما لم أقرأه من قبل باصماً على انتاج إبداعي كالقصة والقصيدة مثلاً وربما لأنني من المصابين بعمى القراءة وكفافة النظر.. لكننا قد عرفناه جيداً اسماً زاخراً بالمغايرات والحدس الراقي الذي يخاطب «الآخر» كما لو أنه «الأنا» ويشركه معه في خضم النص وهو ما يصعب في الجانب المرئي ويتبسط في المقروء من وجهة نظري المزدوجة عن قارئ ومشاهد قبل أن أكون كاتباً ما. حتى كتابة هذا الاندهاش ف «كيني ميني» الذي تشي مقدمته من زاوية ما الى مقتبس من «طاش ما طاش» من حيث التركيب اللفظي والمحتملات الدلالية لمعنى ومضمون العنوانين ولا أجد في ذلك اقتباساً بل إبداع يخرج من مشكاتين يختلف أكثر مما يتوحد ويتماهى في كثير منه.. «كيني ميني» توافرت فيه شروط الإبداع ومقومات الجاذبية التي تمت واكتملت ببطولة الفنانين الجديرين بذهولنا وحبنا: عبدالكريم الأشموري وعادل سمنان وبقية الطاقم الكيني ميني، من الطفل «عبدالله السريحي» وحتى المخرج الفريد د/فضل العلفي..