أجمل ما يحتاجه الإنسان في أي زمان ومكان هو التقدير والاحترام اللذان يليقان به إن كان من الذين أسهموا في العمل مع كل الشرفاء في بناء الوطن كل في مجال اختصاصه وخاصة في الأوقات التي يكون فيها المجتمع بحاجة إلى الفرد الواحد والجماعة ممن ينتظرون ما يدلي به الذين تقع على عاتقهم أمانة المسؤولية بشجاعة وصبر لا يهابون أحداً أو يخافون إذا قالوا باللسان أو القلم أو التمثيل كلمة الحق مهما كان جور السلطان وجبروت الحكام.. وعلى قدر الوسائل الإعلامية التي بدأت مع بداية الثورة اليمنية من الصفر إلا أن الرجال الأفذاذ كانوا قد أسمعوا اليمنيين وغير اليمنيين صوت من ظنّت الدنيا أنهم أحياء كالأموات لا صوت لهم ولا صورة غير الظلم والإعدامات والتسلّط البغيض. والذين يتذكرون الماضي الأليم في المناسبات التي يليق مقامها بإعطاء جيل ما بعد الثورة وإن كان قد بلغ الأربعين عاماً ويدعون الله أن يزعهم ليشكروا نعمته علىهم فكرة عن ذلك الماضي شعراً ونثراً وكتابة في الصحف التي أصبحت اليوم ومعها المجلات تملأ المكتبات والأكشاك. وصدق من قال إن الأبطال الحقيقيين الذين اختاروا مهنة المتاعب سواء في مجال الصحافة أم الأدب أو الشعر أو التمثيل هم الذين كانوا دائماً يتعرضون للأخطار الحقيقية والأذى من شخصيات وجهات وضعت نفسها فوق القانون والدستور، وهؤلاء هم من يستحقون التقدير وليس الذين يشبّون النار ويثيرون الأحقاد ويزرعون الكراهية بين الناس لإرضاء رغباتهم وخدمة مصالحهم وترويج توجهاتهم المضادة دائماً لتوجهات ورغبات الأمة في الاستقرار الأمني والمعيشي والتفرغ للبناء في ظل الديمقراطية وفي كنف الوحدة اليمنية الخالدة. الخيرون كثيرون وحتماً سيعلو صوتهم على أصوات النافخين المؤججين لنار الفتنة والاختلافات كلما حدث حادث عرضي عادي يحدث مثله وأكبر منه في بلدان أخرى. وقد استفدنا من تجربة الستة عشر عاماً الديمقراطية الوحدوية حينما أفرز غربال الحياة عينات من الناس لا تطيقهم المجتمعات لو خُيّرت في ذلك وبالطرق السلمية الديمقراطية، وهو ما حدث في اليمن عبر الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية. ولم نعد نخشى من الزوابع التي يحاول البعض اقتناصها لإفراغ ما في صدورهم من غلٍ لا يرحم ولا يرغبون في التحلي بالشجاعة في بعض المواقف والأوقات بشيء من الصدق الذي يمكنه طمأنة الأمة بأنها تسير نحو الأفضل وليس العكس الذي يبشرون به ويتمنون لو يسود القلق والخوف بدلاً عن الاطمئنان والثقة والأمان. الحياة جميلة وإن صوّرها البعض قبيحة كلما نظروا إلى صورهم في مرآة الواقع الذي لا يقبل المتشائمين ولا المروجين للويل والثبور والدليل على ذلك أن وتيرتها مرتفع، ومسيرتها صامدة تقطع المسافات رغم الأشواك بثبات منقطع النظير. وحري بمن فشلوا في الماضي أن يستفيدوا من الحاضر المليء بالأمل والتسامح والفرص التي لا يخيب فيها إلا من استوطنت العقد النفسية نفوسهم ورانت على قلوبهم فلم يبصروا حتى أبعد من أنوفهم، وكان حقاً على العقلاء أن يرشدوهم إلى الطريق الآمن لهم ولأبناء أمتهم، فمن يضل الطريق يقع في الحفر إلى أن يهوي في قعر أكبرها عمقاً وقد لا يستطيع أحد إنقاذه إلى الأبد.