هل يُصدَّق أن طلاباً يتقدمون لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية يطلب منهم بعد سنة من دفع الرسوم وحضور الدروس المقررة وإجراء اختبارات سنة أولى يطلب منهم للموافقة على إعداد الرسالة اصطحاب شهادة «توفل» في اللغة الانجليزية .. حدث هذا في جامعة تعز ذات يوم مفجع سُفحت فيه أحلام «رواد التغيير أمل الوطن» بعد أن سفحت جيوبهم قبلاً. وفي حين كان المتربع على أعلى سلطة جامعية يعلن عبر التلفاز قرار حرمان الطلبة العائدين من الدراسة في العراق المذبوح، حرمانهم من 200دولار شهرياً كان أصدقاء لي كُثر عادوا من هناك بعد دراسة في جامعات عراقية مختلفة وتخصصات محترمة لم يكملوها بسبب الحرب يضربون أخماساً في أسداس ويحملون همّ مواصلة الدراسة في العاصمة صنعاء بتكاليفها الشاقة في حين جامعة تعز لاتدرس تخصصاتهم .. وهكذا تحيا المائتا دولار ويموت العلم. المتعاقد للتدريس في جامعة تعز من حملة البكالوريوس بتقديرات مرتفعة يدّرس طلاباً جامعيين في سنواتهم الأولى تكتض بهم القاعة الدراسية ليتوجه بعد ذلك لأخذ أجرته لقاء علمه وجهده «150 ر. ي» نظير كل ساعة تدريس !! تحيا ال 150 ويموت العلم. حوارات عدة شاهدتها ومقابلات قرأتها مع مهاتير محمد ورجب أردوجان ومحمد خاتمي ورئيسة فنلندا لايحضرني اسمها دول ناهضة حديثاً أو موغلة في النهوض المحور الأول الذي اتفق عليه الجميع كسبيل لنهوض المجتمعات وتقدم الدول احترامها للعلم وتقديرها لكل ما ومن ينتسب إليه بصلة ابتداءً من الحبر والكتاب ومروراً بالتقنيات انتهاءً بالعالم والمتعلم. إحصائيات الأمية في الوطن العربي مفجعة، وأكثر الاحصائيات باعثة على الانشراح تعطينا نسبة 58% في حين أن دولة قبل كندا تقضي 2003م على أمية التعامل مع الكمبيوتر في صفوف الشعب الكندي، وقد سبقتها اليابان في نفس المضمار لسنوات، ونحن لانجيد إلا إعلان الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الأمية وافتتاح مكاتب وإدارات محو الأمية في المحافظات منذ عشرات السنين ومازال نصف تعداد الشعوب العربية أميين أبناء أميين ! ربما لأن «العلمو نورن!» حد عنونة رائعة في إحدى مقالات اليوسفي سمير. مالم ينتبه المسؤولون عن العملية التعليمية وكل من يمت لها بصلة لعظمة المسئولية الملقاة على عاتقهم «رغم أننا كلنا مشاركون بطريقة أو بأخرى في هذا الانهيار التعليمي الذي نعيشه» وعدم الاكتفاء بالعناوين البارزة دون أن يكون هناك أثر على الإنسان الطالب الذي هو الهدف من العملية التعليمية فلا فائدة ترجى من أي شيء آخر مهما لمع وبرق. ** للتأمل إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر مُنع في فترة ما الجزائريون من التعليم وأغلقت المدارس فجعل المسلمون يشكون ويندبون حظهم العاثر ويسبون الاحتلال حسب مايؤرخ مالك بن نبي بينما وبصمت عجيب بدأ اليهود والجزائريون بفتح أفنية وأسطح منازلهم وتجميع أطفالهم في مجاميع صغيرة بغرض تلقينهم الدروس التي حرموا منها وتحول المجتمع اليهودي إلى خلية هدفها النهضة التعليمية في ظل الحصار وليس مجرد الشكوى فقط.