من المعروف أن أي تغيير حكومي يتم إجراؤه في أي بلد في العالم لابد أن يكون هدفه الرئيس هو الاقتصاد بالدرجة الأولى. ذلك لما للاقتصاد من أهمية قصوى لحياة الإنسان ولأفراد المجتمع ولأن الاقتصاد قد أصبح في وقتنا الحاضر يمثل «عصب الحياة» فالصراع الموجود الآن بين الدول المتقدمة الصناعية وأيضاً بين الشركات الغربية متعددة الجنسيات وغيرها هو صراع على المصالح الاقتصادية كما يعلم الجميع. وهنا نود القول بأن من الأسباب الجوهرية التي تضطر معها القيادات السياسية في اغلب بلدان العالم مثلاً إلى التغيير الحكومي هو تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطن والبلد بشكل عام بالإضافة إلى فشل تلك الحكومات في القضاء على مظاهر الفساد المالي والإداري والمحسوبيات والوساطات والتهاون في تطبيق القانون «قانون الثواب والعقاب» على الصغير والكبير وتفعيل سلطة القضاء ودعمه حتى يصبح قضاءً مستقلاً فاعلاً لتحقيق العدالة المرجوة والأمن والأمان حفاظاً على السلم الاجتماعي برمته. لذلك نرى أن عملية التغيير الحكومي نفسها يجب أن تنطلق من خلال ركائز أساسية هامة مختلفة أهمها التالي: 1 الركيزة الأولى هو أن التغيير الحكومي يجب أن يكون اقتصادياً كما اسلفنا وذلك من خلال بعض الخطوات الأساسية التالية : أ تقليص أو خفض عدد الوزارات الموجودة في قوام الحكومة الحالية عن طريق الدمج لبعضها مثلاً ، لأن العبرة في «الكيف وليس الكم» . ب إعادة النظر في بعض الوزارات أو المؤسسات التابعة لها الفاشلة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي الخدماتي. ج تحديد صلاحيات الوزارات وطبيعة أعمالها ومهامها بحيث لايحصل تضارب وتداخل في الاختصاصات بين بعضها البعض يكون على حساب تقديم وتوفير الخدمات المطلوبة للمواطن وللمستثمر بأفضل وأسرع آلية أو طريقة. د تحديد صلاحيات الوزراء المالية بالذات عند سقف معين مثلاً ،وايضاً يمنحهم كافة الصلاحيات الأخرى الإدارية الاجرائية التي من شأنها ابراز هيبة الوزير ومكانته في الوزارة وهكذا نرى أنه إذا تم التغيير بشكل مدروس بعناية شديدة لأنه إذا لم يكن كذلك فمعناه أننا اضفنا أعباء جديدة على كاهل الدولة والمجتمع وكلفنا الخزانة العامة للدولة نفقات كثيرة لاطائل لها قد تصل إلى المليارات مقابل قيمة السيارات: الاثاث وبدلات السكن وشراء الفلل ، وغيره من النفقات الأخرى التي سيتكفل بها الوزراء الجدد فيما بعد ودون فائدة. وهذا بالإضافة إلى أننا بهذا الإجراء نكون مجرد رحلنا مشاكل الحكومة السابقة وأضفنا إليها مشاكل الحكومة الجديدة التي يعلم الله كيف ستكون.. وفي النهاية سنكتشف أنه بدلاً من أن يساعدنا التغيير على تخفيض العجز المالي المستمر في الموازنة العامة للدولة وكافة مشاكلنا الاقتصادية الأخرى الملحة نجد أنه قد ضاعفها بدون أن ندري أو نشعر إلا عند وقوع الفأس على الرأس كما يقولون في المثل الشعبي. 2 الركيزة الثانية: هو أن تكون الكفاءة العلمية والقدرات المهنية والتخصصية هي المعيار الرئيس والأساس لاختيار الوزير أياً كان شكله ومن أي منطقة يكون،هذا بالإضافة إلى النزاهة ونظافة اليد والضمير والعفة وأن لا تستند إلى المعايير المعروفة والمعهودة والتي أسهمت إلى حدٍ كبير في فشل الحكومات اليمنية المتعاقبة من بعد الوحدة حتى اليوم. فالمعروف ، مثلاً في جمهورية مصر العربية عندما تضطر القيادة السياسية هناك إلى عملية التغيير الحكومي فإنها تدرسه بعناية وتعتمد على التقارير الإدارية الشهرية والسنوية الدورية التي تصاغ عن أداء موظفي الدولة من صغيرهم إلى كبيرهم بما فيهم نواب الوزراء الذين يتم تصعيدهم مباشرة كون القيادة على علم ودراية بهم وبسجلهم الوظيفي الحافل بالعطاء الوطني المخلص وبالنجاحات والإبداعات التي يتفانون في تقديمها لخدمة بلدهم ووزاراتهم ومجتمعهم. 3 الركيزة الثالثة وهي أن عملية التغيير أيضاً يجب أن تستند إلى إجراء مهم جداً وهو عملية «التقييم» الموضوعي المحايد .. والصادق للإنجازات والنجاحات التي حققها ذلك الوزير في تلك الوزارة المعينة. وكذلك إجراء عملية «تقييم» بنفس الموضوعية والمصداقية للاخفاقات ومواقع الفشل والتراجع والخسارة التي تسبب فيها ذلك الوزير في تلك الوزارة المعنية لكي تستفيد الدولة من ذلك «التقييم» مستقبلاً عند اجراء أي عملية تغيير قادمة وكذلك لكي يتم تكريم الناجح والمبدع وتأنيب إن لم أقل محاسبة الفاشل وتعريته. وهنا نجد أنه من الانصاف والمناسب أن نضرب مثلاً أو نذكر بأن في هذه الحكومة الحالية نماذج من الوزراء المشرفة الوطنية المبدعة التي لمست خدمات جهودها كافة شرائح المجتمع وبالذات وزيري المواصلات والاتصالات ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الذين يتكلم عنهما جميع المواطنين والطلاب وغيرهم في الداخل والخارج والذين اثبتوا لهم بأنهم ناجحون في حياتهم العملية ويسهمون إلى حد كبير في تفعيل اداء وزاراتهم حتى أصبحت وزارات نوعية تشعر أنها من وزارات الدولة المتقدمة. في النهاية لايسعنا إلا أن ندعو للقيادة السياسية المخضرمة الوطنية بالتوفيق في إجراء التغيير المناسب الذي من المؤمل أن يزيح الكثير من المعاناة عن كاهل المواطن ويكون عوناً وسنداً قوياً للقيادة السياسية فيما تواجهه من مشاكل وصعاب ومحن وليس أقلها وألعنها محنة ألا وهي محنة الحوثي واتباعه المأجورين الخونة لوطنهم والخارجين عن دينهم وملتهم إنه كريم مجيب وإن النصر عليهم لقريب إن شاء الله. استاذ الاقتصاد الإعلامي المساعد / كلية الإعلام