اليوم.. الديمقراطية يجب أن تسير بعيداً عن النموذج الغربي «الليبرالي» وعن المفهوم الاشتراكي الشرقي «الراديكالي»، وتفهم بأنها المشاركة الفعلية والمباشرة للشعب في صناعة القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وأن يكون الشعب شريكاً فعلاً في إدارة شؤون البلاد، وتوجيه مواردها الوجهة الصحيحة وفق برامج وخطط سليمة تحقق التنمية المحلية المستوحاة من حاجات الناس، وتوقهم إلى التطور والتقدم والعيش في أمن وسلام. وتظل الديمقراطية.. قاصرة، لا تؤتي ثمارها، ولا أكلها في ظل الثقافة والتفكير الشعبي المتخلف والتقليدي، وفي ظل الثقافة العصبية، وغياب الوعي والفهم الديني السليم والصحيح.. وفي ظل الحاجة والعوز، الأمر الذي يتطلب أن يكون التحرر الفكري والثقافي، وتخليص الشعوب من هيمنة التفكير والثقافة الاستبدادية الاستعبادية، وتخليص الإنسان من العلاقات الاجتماعية الظالمة، وكذا تحريره من العوز والحاجة، ومن تأثير العواطف والانتماءات الضيقة.. كون مثل هذا التفكير والثقافة والعلاقة والظروف القاسية لا تمكن الفرد من ممارسة حقوقه بحرية، كون مثل هذه الظروف تشكل ضغوطاً هائلة تؤثر على السلوك الديمقراطي للفرد تأثيراً سلبياً، بالاتجاه التي يجعل من الديمقراطية تفرز نتائج تتعارض مع مصالح الشعوب، وتخدم مصالح النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، والحزبية. هذه التأثيرات السلبية على الأداء الديمقراطي الإيجابي على مستوى الأوطان، نجدها تؤثر حتى في الممارسات الديمقراطية داخل الأحزاب والتنظيمات والتجمعات.. وكل الكيانات السياسية، وكذا تؤثر سلباً على الممارسة الديمقراطية ونتائجها داخل الجمعيات والاتحادات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.. الأمر الذي يجعل فاعلية هذه المؤسسات على مستوى الأوطان ضعيفة جداً، وبالتالي تكون آليات تحولية تغييرية في حركة الشعوب غير ذات جدوى، ووجودها من عدمه سواء. نحن في اليمن رغم المساعي الحثيثة التي يقودها الرئيس الصالح، لبناء المجتمع الديمقراطي، ورغم ما تحقق في المضمار الديمقراطي من تحولات تطورية، إلا أنها تعاني من ضيق أفق النخب.. مع أن اليمن شكلت لها التحولات الديمقراطية حصناً منيعاً جنبها ويلات التحولات الدولية، ومخاطر النظام العالمي المحموم، الذي عصف بالعالم، وبدول كبيرة وصغيرة بحجة نشر الديمقراطية.. إلا اليمن التي قاد ربانها الصالح التحولات الديمقراطية مبكراً لتكن مصدراً لما يسمى بإعصار الديمقراطية العالمية، وصخرة تحطمت عليها عواصف الفوضى العالمية.