قمة الثماني التي انعقدت في ألمانيا هي قوة الدول الكبرى، التي ترى أنها الأجدر بصياغة القرارات العالمية، سواء أرضيت شعوب العالم أم رفضت. ويرى المراقبون أن كل دولة من هذه الدول الثماني ترى أنها الجديرة.. وحسب بصياغة العالم ومن مصالحها الخاصة. كما أن هذا الاجتماع هو للتقاسم؛ تقاسم خيرات الشعوب ولو بالقوة ولو بالاستعمار. إن الملاحظ أن كل دولة من هذه الدول الثماني لها تاريخ استعماري قمعي بالغ الوحشية، بعض هذه الدول كفّت عن منطق الاستعمار على الأقل حالياً، وبعضها يمارسه رغم أنف العالم والشعوب، كأمريكا وبريطانيا. ومن المؤسف أن هذه الدول لا تعمل حسابها للرأي العام العالمي، حتى في إطار شعوبها، وإنما يهمها مصالحها، بل على وجه التحديد مصالح حكامها الذين ينطلقون من منطلق ثقافات خاصة وفلسفات تبدو عند بعضهم ذات صبغة دينية، كما هي عند المحافظين الجدد في أمريكا. خمسة عشر ألف جندي قاموا بحراسة هذه القمة في «جاكي هان» الألمانية، وألوف من الأوروبيين يتظاهرون ضد هذا الاجتماع. يقول هؤلاء المتظاهرون إن هذه القمة لا تخفي طابعها الاستعماري. وبينما تركز المباحثات الحقيقية حول نصب الصواريخ العابرة للقارات بين روسياوأمريكا إعادة للحرب الباردة فإن الإعلام الرسمي لهذه القمة ذهب إلى أن الاجتماع يهدف إلى مساعدة الفقراء في القارة الأفريقية على الخصوص ومناقشة المناخ الشديد الحرارة والصادر عن مصانع الدول الكبرى والمتسبب بالانحباس الحراري الذي يشهده العالم. إن المتظاهرين في ألمانيا هم وكلاء العالم الفقير الذي تتآمر عليه الدول الكبرى في العولمة التي تتحقق بالثقافة الاستعمارية تارة وبالاستعمار المباشر تارة أخرى. العالم الفقير تنهب ثرواته هذه الدول الثمان ولم يصدر ولن يصدر بيان أو قرار عن مجلس الأمن يُلزم هذه الدول ليس بتعويض الشعوب عن استعمارها وحسب ولكن يلزمها على الأقل رفع يدها عن إعادة الاستعمار للشعوب ونهب خيراتها، لن يفعل المجلس ذلك لأن القرار الأممي بيد هذه الدول الثماني المستقلة.