إذا كانت بعض الأحزاب اليمنية مؤمنة بأن تحالفها في إطار مشترك هو قوة لها، وفيه خيرها، وخير الوطن.. إذن كيف انقلبت فجأة وأصبحت تروج للانفصال، وتعبئ الشارع لفتن دموية !؟ هناك أسئلة كثيرة بات حقاً على المثقفين، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، وكل يمني غيور على وطنه ان يضعوها على طاولة الأحزاب، وإلزامها جميعاً بتقديم إجابة واضحة وفورية حول حقيقة ما تمارسه اليوم، وإلى أي مدى تعتقد انها تمارس الديمقراطية، وليس التجارة الحزبية أو الابتزاز السياسي، أو السمسرة بمستقبل اليمن، والمنطقة كاملة .. ! على الجميع ان يوجه السؤال لمن هدد ب«حرب عصابات تمتد قاعدتها من المهرة إلى شواطئ عدن» في أية ديمقراطية هذه العصابات !؟ ومنذ متى أصبحت العصابات إحدى أدوات العمل السياسي الديمقراطي !؟ فما يعرفه الجميع أن العصابات لا مهمة لها غير القتل، والنهب، والاغتصاب، وإحراق البيوت على أهلها فهل هناك من أباح له الشعب اليمني ليسلط عليه العصابات !؟ لماذا صمت المثقفون والمنظمات، والإعلام وشرفاء هذا البلد على من يجعل من ديمقراطيتهم ووحدة اليمن، وأمنهم ملكاً مباحاً للعصابات الدموية التي هددهم بها أمين عام مساعد أحد أحزاب المعارضة !؟ ولماذا ابتلع الجميع ألسنتهم، ولم يحتج أحد منهم على تحول حريات الرأي والتعبير إلى حلبة مافيا دموية تتحدث باسم العصابات، وتوجه تهديداتها في وضح النهار، وعلى واجهة صحيفة لترهب بها كل من قرأ ذلك المقال .. !؟ لماذا سكت الجميع بوجه من أعلن انه يريد ان يحكم «من المهرة إلى شواطئ عدن» بالعصابات الدموية.. ولم يقل أحد أن اليمنيين في هذه المناطق التي ذكرها لم يتحولوا إلى عبيد بعد، ولم يستغنوا عن شرفهم وكرامتهم ليسمحوا للعصابات ان تحكمهم وتعيدهم إلى الشوارع التي كانوا يسحلون الناس بها!؟ إذا كان دعاة الانفصال اليوم يخاطبون الناس بلغة العصابات، فياترى ماذا عساهم فاعلين حين يستلمون الحكم، ويعلنون «دولتهم» التي يحلمون بها !؟ فهل يتوقع اليمنيون أن ثمة عصابات تجيد نثر الزهور على الناس، أو إشعال البخور في شوارع المهرة وعدن وأبين وغيرها من المناطق التي يتحدثون باسمها، ويدعون التعبير بلسان أهلها !؟ ان ما تمارسه بعض أحزاب المعارضة هو تعبئة منظمة بكل معنى الكلمة لإشعال الفتنة، وهي ليست بحاجة إلى بيان حزبي يبرىء البعض به نفسه، فالذين هتفوا وسط الناس في المعلا داخل مقر الحزب الاشتراكي داعين الناس إلى إشعال الحرب والفتنة لم يكونوا اشتراكيين بل قيادات في أحزاب أخرى داخل اللقاء المشترك.. بمعنى ان هناك من يعتبر الانفصال سياسة، وعملاً وطنياً ديمقراطياً، ويعتبر الدعوة إليه حقاً دستورياً ضمن حريات التعبير. ومن هنا أصبح الجميع في اليمن معنياً بمساءلة هذه القوى عن ماهية الحزبية التي تمارسها، وحقيقة الدستور الذي تنطلق من حقوقه، وعن هويتها الفكرية والثقافية والسياسية والوطنية، والسؤال الأهم هو : ماذا تريد بالضبط !؟ وماهي حقيقة «العصابات» التي تحدث عنها محمد المتوكل في صحيفة «الوسط» .. هل هم يمنيون أم مرتزقة، أم أمريكان، أم إرهابيون ممن فجروا السيارة المفخخة في مأرب !؟