وبعد «17» عاماً من إعادة توحيد اليمن نجد من البلادة والغباء من لا يزال يعيش حلم التشطير، ويستغل أية إشكالية أو حدث ليرفع شعارات انفصالية، أو يشجع ويدفع إلى ممارسات وسلوكيات انفصالية في هذه المحافظة أو تلك، وهو أمر وسلوك مستغرب تماماً، كذلك الذي يقوم بنطح الصخر أو بنطح جبل فيتكسر رأسه، والصخر والجبل لم يُحسّا به، أو بما قام به. والوحدة كالصخر أو الجبل اللذين ينطح فيهما هذا أو ذاك من «المغفلين» الذين طغى المرض على نفوسهم وعقولهم ولم يعودوا بهذه الحالة المرضية أسوياء سليمي التفكير والممارسة، فهم انفصاميون، أحوالهم الفكرية والسلوكية غير مستقرة ويركضون لوحدهم خارج المسار الوطني الذي ارتقى وكبر ليركض موازياً مع المسارات الإقليمية والقومية والإنسانية، وفق ما تتطلبه المصالح الوطنية العليا والتطلعات الجماهيرية إلى غدٍ مشرقٍ يرفل فيه المواطنون على حد سواء بالاستقرار والطمأنينة على يومهم وغدهم، وعلى مستقبل أبنائهم وأحفادهم. صحيح أن هناك سلبيات، وأن هناك أخطاء، وهناك إشكالات، وهذه ليست عيباً، فالعيوب والأخطاء والسلبيات لا يخلو منها مجتمع.. وتتّبعوا الأحوال في أرقى المجتمعات، الولاياتالمتحدة، كندا، أوروبا الغربية، وستجدون أن هذه المجتمعات تعاني الاختلالات والسلبيات والأخطاء الفظيعة، رغم إمكاناتها الهائلة والمتقدمة.. لأن من يعمل يخطئ، ويقع في السلبيات.. لكن في الأول والأخير يجب النظر إلى النتائج والعوائد والإيجابيات.. ولا مانع من الإشارة إلى السلبيات والأخطاء لتصحيحها.. أي أن المواقف يجب أن تُبنى على نظرة واقعية، بمعنى أن ننظر إلى الكأس بكامله، نصفه المليان ونصفه الفارغ، بدلاً من النظر فقط إلى النصف الفارغ.. فإذا أدركنا أن هناك نصفاً مليئاً ونصفاً فارغاً، عملنا جميعاً بتوحّد من أجل ملء النصف الفارغ بدلاً من محاولة كسر الكأس وبعثرة محتويات النصف المملوء. على هذا الأساس، ووفق هذا المنظور يجب أن نتعامل ونتعاطى مع قضايانا ومشاكلنا في اليمن كمواطنين ننتمي إلى الوطن كل الوطن، يفترض أن نعمل على إصلاح وتقويم المسارات الوطنية بتعاون وتضامن وتوحّد.. لأن هذا هو الموقف الصحيح والسليم والوطني.. أما الانجرار وراء القوى الانعزالية بتعدد توجهاتها، والوقوع في تيار القوى الانفصالية، فذلك لن يخدم إلا النخبة من هذه القوى ومصالحها على مصالح اليمن وحدة وشعباً.. وتنفيذاً للمشروع الامبريالي العالمي.