منذ أن عرفت ما حولي شكّلت لي الحالمة تعز حالة خاصة تسكن القلب وتحط رحالها في الوجدان، وفي هذه المدينة الرائعة كنت أجد نفسي ومازلت، وهي الأقرب إلى النفس.. ولا أدري لماذا؟!.. هل لأن والدي سكن صالة، أم لأن لي فيها بعضاً من الأهل، وكثيراً من الزملاء والأصدقاء الذين اعتبرهم أكثر من اخوة وكانوا ومازالوا يشكلون رقماً أساسياً في محطات حياتي؟!. أم لأني ابتدأت مشوار التعب اللذيد في مدرستي الأولى ((الجمهورية)) أم لأن تعز تدلف غرفة عمليات القلب دون استئذان؟!. ما أروع الحالمة .. وما أجمل جبلها الشاهق ((صبر)) حين تطل الروح من على قمته لتخاطب الهواء النقي.. والمنظر البديع .. وخلاصة الحب في أبهى الصور. هذه تعز .. الحالمة .. التي أسرتني .. وكثيراً ما كانت تمنحني الألم عندما أجد شوارعها ((مكسرة)) وهموم الماء ((مستمرة)) وحالها النهضوي يمشي كسلحفاة. كنت أكتب كثيراً عنه .. وأنتقد اللامبالاة وأهاجم أعز أصدقائي لأنهم لا ينتقدون، وذات مرة قبل عدة سنوات أسعدني الغالي شوقي اليوسفي عندما كتب موضوعاً مميزاً بعنوان ((ابكِ أنت في تعز))!. وفي السنوات الأخيرة تغير الحال، وانتقلت الحالمة إلى مرحلة الجد والاجتهاد والبناء والنهوض والتطور في أكثر من اتجاه.. وحينها كنت أرقب الخطوات الإيجابية بفرحة تحملني إلى حيث ((الاطمئنان)) ونظرة فاحصة لما شهدته المدينة من تطور في المشاريع والبنية التحتية وحلول للمشاكل تؤكد أن المحافظ القاضي/أحمد الحجري يستحق الإشادة والتقدير. ما دفعني لأن أكتب هذا الأسبوع عن تعز هو إحساسي بالتقصير تجاه المحافظ الذي انتقدناه بشدة في بداية مهمته، ثم تجاهلناه عندما عمل وأنجز وحقق ولم ننصفه بكلمة حق. الآن.. غادر القاضي الحجري تعز.. والذين يسارعون إلى نسف كل شيء وإنكار عين الشمس ليس بوسعهم أن يقولوا إنني أجامله أو أمسح جوخه.. لقد ذهب.. وإشادتي ستلحقه وإن كانت متأخرة.. وكل ما في الأمر إنصاف وإثبات للحق. أحمد الحجري.. يكفي أنه كان قامة في الأخلاق والتواضع والهدوء.. انفرد بالعمل الهادئ بعيداً عن الضجيج.. وتميز بسعة الصدر الذي لا يضيق أمام كل الانتقادات أكانت موضوعية أو حاقدة مغرضة!. أحمد الحجري.. رجل معدنه أصيل.. وتعامله نادر.. وما قدمه لتعز لا يستطيع أن ينكره إلا جاحد أو مكابر أو باحث عن إرضاء أهداف الغير ممن ((يشتركون)) في نصب المشانق للحقائق.. ويلتفون على شواهد الواقع التي تؤكد أن الإيجاب له حضور أفضل.. ولا يعني ذلك أنه لا مكان للسلب أو للأخطاء!!. بلا شك الطموح أكبر.. والأمنيات أوسع.. والحب ليس له نهاية إذا ارتبط بمدينة حالمة رائعة كتعز.. وما بدأه المحافظ المخلص والنزيه ذو اليد البيضاء والقلب الأكثر بياضاً أحمد الحجري.. سيكمله المحافظ الجديد الذي أعرفه صادقاً كما هو اسمه الأستاذ/صادق أمين أبورأس.. وللمحافظ السابق ألف تحية .. وللجديد ألف دعوة .. والله المعين ..