لا تكاد تخلو سورة من القرآن الكريم إلا وفيها إما ذكر صريح أو ذكر إشارة إلى اليوم الآخر، والإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان الستة. وحقيقة فإن عناية القرآن الكريم يذكر اليوم الآخر إنما يؤكد قضية على درجة من الأهمية، وهي أن المسلم لابد أن يظل على صلة بالله تعالى، وعلى درجة من اليقظة والانتباه ليكون حذراً من أن تنصرف أعماله خارج ضوابط الشريعة والخوف من الله. اليوم الآخر يعصم المسلم من هوان المادة، لأن الله يريد بالمسلم أن يكون كامل الأهلية لخلافته في الأرض، فمثل الذي لا يؤمن باليوم الآخر كالحيوان الذي لا ولقد أراد الله بالكفار خيراً عندما أراد لهم أن يعيشوا مكرمين أسوياء، لوجودهم هدف وغاية؛ غير أنهم أعرضوا عن الله ورسوله واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فقالوا: «ما يهلكنا إلا الدهر» وعجبوا كيف يصيرون أحياء بعد أن يصيروا كالرميم تراباً وعظاماً نخرة؟!. إن الإيمان باليوم الآخر تكريم للإنسان وسمو بآدميته إلى درجة عليا من المسؤولية والانضباط؛ بل إن الذي يؤمن باليوم الآخر سوف يظل يقظ الضمير على الدوام في وقت لا تستطيع أية قوة وإن تكن أجهزة الدولة أن تراقبه أو تحاسبه. لذا كان القرآن الكريم حفياً جداً باليوم الآخر، فالمؤمن بهذا اليوم لا يمكن أن يظلم أو يغش أو يهمل مسؤولياته أو يرتكب المحرمات أو يفرط في الأمانة. لذلك فإن الله وصف عباده المؤمنين بهذا اليوم الآخر بأنهم «يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار» ويذكر الله في فاتحة الكتاب التي لا تُقبل صلاة المسلم إلا بها بأنه «مالك يوم الدين» أي الجزاء. وفي رمضان الكريم ما أحرانا أن نتذكر هذا اليوم الذي تتقلب فيه القلوب والأبصار، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، ويقول الكافر وهو يرى ما أعدّ الله له من العذاب والإذلال: «يا ليتني كنت ترابا». نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من الذين يؤمنون بهذا اليوم ويوفّقون فيه للقاء ربهم غير خزايا ولا ندامى؛ يبشرهم ربهم برحمة منه ومغفرة.