تعرضت احدى جزر بلادنا الواقعة على البحر الأحمر،وعلى وجه الدقة الواقعة بالجنوب الغربي من جزيرة «انتوفاش» وتبعد بمسافة مائة كيلومتراً إلى الشمال الغربي من مدينة الحديدة.. ويطلق على هذه الجزيرة جزيرة الطير وتعتبر هذه الجزيرة واحدة من الجزر والمناطق البركانية.. والجدير ذكره في هذا الصدد أن اليمن كانت قبل مئات السنين عرضة لمثل هذه الأنشطة البركانية،و أنشطة باطن الأرض المختلفة.. ونظرة سريعة على مكونات جبالنا المختلفة،و مايحيط بها من الوديان السحيقة والهضاب،والتباب المنتصبة ذات الفوهات المفتوحة كتبة «حمام دمت» وخلافه ترينا وتبين لنا مدى وحجم كثرة وقوة البراكين والزلازل التي تعرضت لها بلاد اليمن.. إلا أن هذا لايعني نهاية الثورات البركانية وهزات الأرض المحتملة.. فالأرض بهذه الأنشطة الخطيرة والمدمرة تفرغ وتفرز من باطنها كميات هائلة من الغاز والمواد المحبوسة في باطنها، أي أنها تتنفس.. ووجود العديد من الحمامات المعدنية أو الطبيعية إنما هو عبارة عن علامات هامة لحالات التنفس للأرض والبؤر البركانية أو الهزات النشيطة.. وفي بلادنا يعتبر خط البحر الأحمر المقابل لمنطقة «السخنة» الذي يقع فيها الحمام الطبيعي المشهور ويمتد هذا الخط باتجاه جبل «اللسي» بذمار يعتبر هذا الخط من أخطر المواقع التي تحتوي على بؤر نشطة للزلازل والبراكين.. ولعلنا مازلنا نذكر زلزال عام 1983م الذي حدث بمحافظة ذمار.. وخاصة على المناطق المقابلة والمتسقة للخط المشار إليه.. ولو تركنا خط السخنة ذمار،وانتقلنا إلى محافظة تعز،وعلى وجه الدقة إلى حمام منطقة البركاني أومديرية المعافر. كما يطلق عليها اليوم.. فإننا سنجد أن موقع هذا الحمام يقع على نفس الدرجة والخط الموازي والمقابل للزاوية التي يقع بها وعليها «حمام كرش» ويمتد هذا الخط شمالاً ليصل إلى الحمام الشهير والمعروف بحمام«دمت» ونظرة فاحصة لتلك التبة المستطيلة،والتي تتدفق من قاعها وجوفها المياه المعدنية الساخنة، تبين لنا أن بركاناً شديد الاندفاع كان قد ثار في زمن يمكن لعلماء الأرض والجيولوجيا تحديد تاريخ ثوراته ومدته وإن تلك التبة بفوهتها العريضة، كانت قد تكونت وتشكلت ثورات البركان على أشده،و إذا كان العلم قد توصل إلى طرق وأساليب لرصد ومعرفة الهزات الأرضية، إلا أن العلم بالنسبة لثورات البراكين،والتنبؤ بها مايزال قاصراً على طريقة التصوير المقطعي الزلزالي بالأشعة.. وتعطي هذه الطريقة لقطات فوتغرافية تفصيلية لتحركات الحمم داخل البركان.. ويأمل العلماء أنهم مثلما تمكنوا من احراز انتصاراتهم في مجال الإرصاد الجوي والتنبوء بالزلازل البحرية وغيرها من الأعاصير والفيضانات في أن يتوصلوا إلى طرق التنبؤ بالنشاط البركاني وقدومه.. والطريقة الجديدة التي توصلوا إليها والموسومة «بالتصوير المقطعي الزلزالي» يمكن أن تساعد على رصد أوتسجيل أية مخاطر بركانية. وقد تمكن خبراء البراكين مؤخراً حسب قول ملحق مجلة العربي العلمي، من تركيب سماعات دائمة مكبرة للصوت تلتقط الموجات تحت السمعية عند البراكين النشطة ويقول الباحثون إنهم يقيمون حالياً سماعات مكبرة للصوت منذ وقت طويل كجزء من تجارب قصيرة الأمد عن الطبيعة الفيزيائية الأرضية وهم يركزون على تفسير الاصوات بحيث يمكن لمسئولي المراقبة المحليين استخدام البيانات التي يحصلون عليها لمعرفة ما الذي يوشك أن يحدث لبركانهم،وقد تمكن الباحثون من جعل البراكين تصدر اصواتاً تشبه«الريح» الشديدة خارج النافذة في احدى الحالات،ويشبه هدير محرك السيارة الواقفة في حالة أخرى.. ثم وضعوا مخطط الأصوات في «بيانوا» يمكنه اصدار قطع موسيقية مبتكرة وفريدة تماماً. ومن خلال الربط بين الموسيقى والمراحل الدقيقة للنشاط البركاني لكلا البركانين الخاضعين للتجربة، يأمل فريق البحث العلمي من معرفة النغمات التي تنذر بقرب حدوث الثوران البركاني، فإذا أمكن تحديد الأنماط الموسيقية التي تحذر من حدوث ثوران بات من السهل اتخاذ التدابير الوقائية المدنية اللازمة قبل حدوث الثوران بعدة أيام،أو ساعات وتتكون أجهزة الكشف عن الموجات تحت السمعية شائعة الاستخدام من«بارومترات» منمنمة فائقة الحاسية، تلتقط أية تغيرات في الضغط المقترن بموجات الصوت،وهي أكثر الأجهزة التي صنعت حتى الآن حساسية، لأقل تغير ممكن في الضغط لدرجة أنه بمقدورها قياس فرق الضغط بين أعلى وأسفل قطعة من الورق تطير في الهواء.. ويضيف بحث مجلة العربي للملحق العلمي: من بين حوالي ألف وخمسمائة بركان نشط على الأرض نجد أن نحو خمسين منها يثور في أي وقت.. وعلى مستوى العالم يعيش حوالي خمسمائة مليون شخص في مناطق تقع تحت تهديد البراكين.. ويعمل خبراء البراكين على مساعدة أولئك الناس لكي لايلاقوا مصير سكان المدن والقرى التي دمرتها البراكين من قبل. ويدرس الباحثون الموجات تحت السمعية التي تطلقها البراكين بغية التوصل إلى فهم أفضل لكيفية ثورانها ومن ثمة التنبؤ بشكل أكثر دقة بمواعيد انفجارها.. وإذا كان لي من كلمة أخيرة بهذا الشأن العلمي الخطير والذي كثيراً ما نتعاطى معه في اليمن بحالة أو بنوعٍ من اللامبالاة وعدم الاكتراث.. أقول ينبغي على الجهات المختصة بشئون الأرض أن تتعامل مع مثل هذه المسائل بقدر من الدقة والاعتماد على رجال البحث العلمي وتقنياتهم المتطورة والمتوفرة حالياً بمختلف الدول،وهي في متناول كل قادر على الشراء.. وبهذه المناسبة أرى أنه من المفيد الاشارة هنا إلى الطريقة الموضوعية التي تعامل بها الاخوة في سلطنة عمان وإلى خبراء الإرصاد الذين استخدموا خبرتهم العلمية بقدرة فائقة بتنبئهم الرائع والدقيق عن قدوم ذلك الاعصار المدمر والمقرون بارتفاع موجات البحر التي ضربت بعض مناطق السلطنة.. وكيف أنهم قدأخذوا حذرهم واحتاطوا لمواجهة تلك الفيضانات المدمرة وأنه لو لم تكن تلك الانذارات من قبل خبراء الاصارد فلربما كانت الأضرار خطيرة لاتحمد عقباها.. جنبنا الله وكل أبناء البشر كل الويلات والكوارث الطبيعية.