يجب أن تفكر الحكومة بجدية «وزارة الزراعة» في إنتاج الحبوب القمح وكذا الدقيق، بالذات أننا منذ ثمانينيات القرن الماضي قد عانينا الأمرين من «أزمات القمح والدقيق» وارتفاع أسعارهما، وإثارة قلق وخوف من الجوع بين المواطنين، وإحداث فوضى عامة من أجل الوصول إلى كيس قمح وكيس دقيق.. وها نحن نعيش أزمة عالجتها الحكومة من خلال دفع المؤسسة الاقتصادية لاستيراد القمح فهدأت أنفس الناس.. وياليت تقوم أيضاً هذه المؤسسة باستيراد الدقيق. لكن لابد من التفكير بجدية وصدق في إنتاج القمح وزراعته في المناطق الشرقية، «مأرب، الجوف، شمال شبوة وأبين»، وذلك في فصل الشتاء لأن المناخ ملائم شتاءً، والتربة ملائمة، والمياه الباطنية متوافرة، والأرض مستوية صالحة للزراعة الواسعة والميكنة الزراعية.. والجوف كانت تشتهر بزراعة القمح، وكان القمح الجوفي من حيث الجودة له شهرة يمنية.. وأذكر أن هذا الإقليم أثناء أزمة القمح في التسعينيات من القرن الماضي، أنتج نحو «70»ألف طن، وظلت مكوّمة هناك لم يستطع المزارعون تسويقها، ونحن كنا نبحث عن القمح من استراليا لتغطية حاجة السوق.. ومشكلتنا أننا لا نستفيد ولا نفكر حين نقع في الأزمات.. فرغم أن أزماتنا «القمحية والدقيقية» منذ ثمانينيات القرن الماضي وهي تتكرر، ومع ذلك لم نفكر في إنتاج القمح وإنشاء مطاحن لطحنه وصوامع لخزنه، بل بعنا ما كان لدى الحكومة من مطاحن وصوامع.. أي أننا لا نتعظ ولا نعتبر، أو أن هناك مافيا داخل البلد تريد الأوضاع على هذا الحال، وتهيمن وتسيطر بقوة لأجل تنويم الحكومة أو الحكومات المتعاقبة، وتشل تفكيرها بأساليب وطرق عديدة ومتنوعة، أو أن المسألة انعدام مسؤولية، وعجز عن تحمل المسئولية. الآن لا يكفي إدخال المؤسسة الاقتصادية إلى سوق الحبوب، بل يجب أن يتسع نشاطها كمنافسة في السوق إلى استيراد الدقيق وإقامة مطاحن خاصة بها وكذلك صوامع للحبوب لتخزين احتياطي استراتيجي ككل دول العالم.. ولا أجد أي مبرر أو حجة لئلا تدخل المؤسسة كمنافس في استيراد المواد الغذائية مثل الزيوت والألبان ومشتقاتها وكل ما يتعلق بغذاء المواطن. فيما يتوجب على الحكومة المضي في سياسة إنتاج القمح في الإقليم الشرقي، حيث مناخ الشتاء ملائم، والتربة والمياه واستواء الأرض.. وإلى جانب ذلك إقامة مزارع حيوانية وصناعات غذائية ومؤسسات تسويقية.. هذه التنمية الفعلية هي التي ستحل العديد من المشاكل بحجر واحد.