هاهو عبدالله عبدالوهاب نعمان، شاعر الفخر والرفض يجيء بشعره الفصيح، ولفظه الفخم، ومقدرته الفائقة على التصوير وأسبقيته في بلوغ المرام مما يريد قوله بمعانٍ سامية وبلاغة وصف، ومتانة عبارة. فاخراً يجيء مزيراً كلمه، وجه من يقدر الكلمة حقها.. إذ: ليس أي الناس قد تأتي إليه حروفي كالفراش الحوّمِ ليس أي الناس قد يلقاه كبر يراعي في خشوع المحرم ولا يرى فيما يقرأ للفضول غير محاكاة بارعة لفلسفة الفلاسفة واستخلاص لحكمة الحكماء.. وصور من صور فخر المتنبي، واهتداء الشاعر إلى أغوار النفس، والرفض العادل والحق لكل محاولات الطغيان والجبروت والكره: وتمردت لأعطي كل أفئدة الناس لكره الناس رفضا و: نحن رفض رافض إن مسنا ظلم ظلام بعيداً أو قريبا كم رفضنا ولبسنا رفضنا حللاً حمراً وإصراراً عجيبا نحن رفض أبداً لكننا نعشق الحق جليلاً ومهيبا وللرفض عنده تاريخ: أربعينياتنا فيها رفضنا وضحى سبتمبر فيه رفضنا ومدى السبعين يوماً قد رفضنا وسنمضي رافضين كل من جاء لكي يدجي ضحانا وسنمضي داحضين كل إثم.. شاء للناس الهوانا وسنمضي فارضين صدقنا.. حتى يرى الحق مصانا فليس رفضه رفضاً مطلقاً كما يُفهم، ففي قوله، الذي شرح البيت الأول منه ما الذي يرفضه أكد عليه في بيته الثاني: إني لأرفض إثم الأثمين ولو أن السماوات قد تهوي على سقفي لا أرض لي فوق أرض قد أعيش بها بدون رفض ولا لام ولا ألف وفي شعر الاستاذ/ عبدالله عبدالوهاب نعمان، التعبير الصادق عن حاجة البشر إلى واحة صدق يستظلون فيها، ويؤون إليها فراراً من الزيف الذي غمر الأرض ورأوه مجيداً، وجعل الشاعر الحالم رغم رفضه المعلن له يصف كآبته وسوداويته كما هو دون زيادة أو نقصان.. رائده في حياد نقله: لم تقل زوراً يراعاتي وميزانها قسطاسه لم يظلم إنها معصومة أن ترتأي ورع التقوى بشدقي أرقم إنها ما ضرغمت عنزاً ولا وصمت ليثاً بطبع الغنم كم يكون القبح في الحرف إذا قدر الدينار قدر الدرهم ومن ذكاء عليه يحمد أن جعل ممدوحيه ومعشوقيه، ومن رثاهم بغير أسماء، فالكل ممدوح ومعشوق لديه ولدى من عن شعره يأخذ وبشعره يستشهد. وديوان (أشعار الفضول) الذي تصدره الهيئة العامة للكتاب في غضون الأيام القادمة تأخر في الصدور.. كثيراً.. لكنه يجيء في وقته والعذر المقبول هنا هو قول الفضول نفسه: إنني كل الذي أبقاه من عبق الفردوس سيل العرم خبأتني روح أرضي مثلما يخبأ الألماس جوف المنجم بخلت بي أن ترى جوهرها في مكان غير صدر الكرم