الدماغ الأصغر مسؤول عن رؤى المنامات، وحالات التطير الفني والإبداعي، ولحظات الاكتشافات غير المتوقعة وغير المخطط لها، ومسائل السيكولوجيا النفسية والأخلاقية، كما انه مسئول عن تراكم الذاكرات المرئية والمسموعة والمحسوسة بحيث إن الواحد يمكنه بواسطة “المخيخ” استرجاع حدث دفنته السنون والأنواء ولم يعد مرئياً في عدسة الذاكرة المحدودة. الاشارات التي سبقنا الايماء لها تعني مايلي: المنام يختلف عن النوم، فالنوم صفة النائم المستغرق في الغياب، وإذا ما رأى حلماً فإنه يوصف بأضغاث الأحلام غير الواضحة، أما المنام فإنه رديف الرؤيا والولوج على عوالم الغيوب التي تستشرف ماكان وترى ماسيكون مما لا يمكن اختصار الحديث عنه في عجالة..كما أن استرجاع الذاكرة الغائرة في عمق الخفاء المتقادم تمر عبر عدسة المخ الاصغر “المخيخ” فيمكن للمرء أحياناً أن يتذكر مشهداً مر عليه في طفولته المبكرة غير الواعية لماهية المكان والزمان وأحوال الوجود. اهتم علماء الإشارة بهذه الظاهرة، وحاولوا استسبار أبعاد المخيخ، فوجدوا أن كامل المدهشات والغرائب والطاقات الفريدة تصدر عن هذه العضلة الصغيرة الواقعة في نهاية الدماغ البشري، والتي تبدو في حالة كمون دائم إلا عند الضرورة، ولقد أدرك بعض الأطباء أهمية تحفيز هذه العضلة لمواجهة بعض الأمراض بتنشيط المخيخ القادر على إعادة التوازن للفيزياء البشرية، وخرجوا من تلك التجارب بنظرية فريدة وطريفة مداها: أن العلاجات بالأدوية تغطية للمرض وليس استئصالاً له، فيما العلاج عبر تحفيز عضلة المخيخ بتر للمرض من خلال إعادة التوازن للجسم!!. حقاً: إن بنية الإنسان وبديع صنع الخالق أعمق من أن تحد بمعرفة وحدود، وتلك واحدة من مرئيات الغيب الذي لم ولن تُعرف أبداً، والدليل، أن كل اكتشاف يتلوه آخر، وكل معلوم يفضي إلى مجاهيل لا عد لها ولا حصر