تسارعت الأيام والتطورات كاشفة الجانب اللامرئي في حكاية الحركة، وحركة الحكاية.. لأيام خلت ثار غبار داكن وتصاعدت الخلافات فيما بين رموز الشراكة الطارئة تحت يافطة «النضال السلمي»: «المشترك» من جهة، والمتصدرين للحديث والزوبعة باسم المتقاعدين من جهة أخرى. ردح علني تبادله الجانبان، وتوجه «النوبة» باتهام صريح لأحزاب المشترك بخيانة القضية، ليرد عليه هؤلاء الصاع بآخر.. وظهر من بين الفرقاء من يحاول التخفيف من الخلاف أو تفسيره بالاعتماد على «ود» لا يفسده خلاف! ولم ينجح ذلك مطلقاً، وتبدت أزمة ثقة كبيرة.. أكبر من أن تسترها أسمال ود مزعوم أفسدته خلافات معلنة ومشهورة على الملأ. لايحتاج، أو لم يكن يحتاج تفهم مايحدث، الكثير من الذكاء.. كانت مغريات الزعامة وتقدم الصفوف وواجهات الإعلام والصحف، هي المحك الذي طاشت عنده قيادات النضال السلمي في الضفتين، والمهم الزعامة.. ولا أحد سأل: زعامة ماذا؟ أو على ماذا بالضبط؟ وكان الأمر مذكراً بقصة رجلين افترض أحدهما أنه يملك قطيعاً كبيراً من الماشية والأغنام، وافترض الآخر بدوره أنه يملك حقولاً واسعة. الأول زاد: سوف أرسل قطيعي للرعي حيث يشاء.. والثاني رد عليه بانفعال: احذر أن يدخل قطيعك في حقولي، وإلا...؟! تطور الموقف بعد «وإلا» هذه، واعترك الرجلان.. هذا يتهم أغنام الأول بأنها أفسدت الزرع في حقوله، وذاك يؤكد أن أغنامه أكثر أمانة وانتظاماً من أن تفعل.. وأخيراً احتكما لشيخ القرية. كان الشيخ موفقاً وهو يلزمهما معاً بالامتناع عن القات والمقيل لأربعين يوماً! هؤلاء أيضاً تنازعوا الزعامة المفترضة، وتحولوا إلى المشاجرة العلنية، فلا هذا لديه حقل ولا ذاك لديه غنم، وكله عمايل الكيف والنضال السلمي قاتله الله. بعد الذي كان.. خرج رفاق «مجلس المتقاعدين» ليعلنوا خلع أو إقالة النوبة عن منصبه وصفة الزعيم، يقال أنه خان الثقة وتلاعب بأموال الجماعة، ولم يكن أحد قد سأل قبلها: ومن أين لكم تلك الأموال والنفقات..؟! لنعلم فقط دون سابق إفهام أن أموالاً كثيرة من ممولين وجهات مختلفة، في الداخل والخارج قد جرى التلاعب بها! والمشكلة الآن لديهم لم تعد مشروعية تلك الأموال، بل مشروعية من تصرف بها، وكيف أنفقها؟ يعني هي كانت حلالاً في الأولى، لتسألوا عن الثانية؟! زد على ذلك اتهام الجماعة للرجل بالدكتاتورية، والانفراد بالقرار، والانحراف بالحركة الاحتجاجية عن مقاصدها، والتحول بها إلى أغراض سياسية أخرى، والتسرع الانفرادي بالدعوة إلى عصيان مدني...و... وفقط. كل هذا والرجل لايزال يفترض أن ثمة زعامة مزعومة، كيف إذاً لو صار قائداً فعلياً؟ ما الذي سيفعله بعد؟! الأغراض الحقيقية سريعاً ماتظهر، والتمسح بالحقوق والمطالب المشروعة لجماعة من الناس سريعاً مايتكشف عن صفقات ومصالح وحسابات لايعرفها العوام ولايصلهم منها شيء سوى الغبار والجرجرة في المسيرات تحت شموس ربي! وليس هذا كل شيء، الأيام كفيلة بالبقية من الحركة والحكاية. شكراً لأنكم تبتسمون