يبدو أنه ضليع جداً في القانون الدولي واللعبة الدولية ولكنه عكس ذلك تماماً على الصعيد الوطني اليمني. وعندما اصطحبه النوبة إلى الضالع لإلقاء محاضرة عن مشروعية العودة إلى ماقبل 1990م طغت العقلية النوبية على استاذية القانون الدولي نهاية الاسبوع الماضي. كان عنوان المحاضرة هو خلاصتها في الوقت ذاته«العودة إلى ماقبل 1990م مشروعة» بكل بساطة وصل الدكتور محمدالسقاف إلى هذه النتيجة العبقرية مستدلاً بأمثلة سابقة للوحدة لاتتطابق مطلقاً مع واقع الوحدة اليمنية المباركة. الوحدة عند الرجل مجرد اتفاق بين أشخاص«غير مقدسة» يمكن التراجع عنها وتناسي أن هؤلاء الأشخاص كان تفويضهم كاملاً من قبل الشعب الواحد باعتبارهم ممثلين عنه وله، كما أنه لم يذكر أن الاستفتاء على دستور الوحدة كان استفتاءً عليها أيضاً. استشهد بوحدة الشعبين السوري والمصري وأن تراجع قادة في الجيش السوري عنها أدى بعبد الناصر إلى الموافقة على عودة الاستقلالية لسوريا باعتبار عدم فرض وحدة بين شعبين بالقوة. باعتبار ماسبق الاستشهاد به صحيحاً فهل اليمن الواحد يماثل شعبين مستقلين أحدهما في آسيا والآخر في أفريقيا وتفصل بينهما دول أخرى أي أن الوحدة الجغرافية مفقودة؟ «حتى هذه الجزئية البسيطة راحت علينا ولم ننتبه لها» هكذا قال عن عدم اضافة «المتحدة» إلى الجمهورية اليمنية عند إعلان الوحدة. مع أن ضمير المتكلمين الذي تحدث به غريب بعض الشيء إلا أنه بدأ كصانع قرار كان يعد العدة القانونية لنقضه مسبقاً فنسي بعض الطلاسم السحرية لقانونه الدولي. «يجب علينا ألا ندخل مع أي طرف في خلافات وصراعات تستهلك الطاقة والجهود وينبغي أن يكون تركيزنا على الهدف الأساسي وألا نصادر حضورهم أو نهتف ضدهم». بغض النظر عن الآخر الذي عناه في الفقرة السابقة فماهو ياترى هدفه الأساسي الذي يجب التركيز عليه، لغة دبلوماسية تناست عنوان المحاضرة الذي كان مدهشاً في تلخيصه للهدف الذي جلبه من أجله النوبة إلى الضالع للتنظير له. مع أنهم ينتمون إلى أحزاب سياسية آثروا الخروج عن عمل وطني منظم وأرادوا سحب كل الأحزاب التي ينتمون إليها إلى دائرتهم المغلقة والتحدث عن إطار«جنوبي» للجميع بغض النظر عن أحزابهم وتوجهاتهم ومواقفهم في محاولة لتصدر الفعل باسم الجميع الذين يناقضونهم في كل مادعوا إليه باعتبارهم جزءاً من كلٍ يمني واحد لم تعد تعبيراته الجغرافية قالباً سياسياً وإنما جهات جغرافية مجردة، وعندما أراد النوبة الخطاب باسم الجميع بصفته يمثل العناية الخارجية لشعب«الجنوب» الذي يهينه بهذه التسمية كونها مصطلحاً بريطانياً غادر في 30/11/1967م وحل اليمن مكانها وإلى الأبد، عندما أراد ذلك ولم يحصل على مبتغاه تحجر في شبوة تعبيراً عن أخلاقيات تحكم شخصيته برفض الاجماع حول أي شيء لم يكن سيده فهو يريد أن يكون أي شيء يظهر في المقدمة، لا أن يكون فرداً في مجموعة. تحقيق الأهداف طالما لم يعتمد الأطر الأخلاقية فهو تهكم على الجميع فعندما رأى المجتمعون في عدن في 13يناير أن تجمعهم بدون أصداء وأنه لايمثل رقماً يتعدى حشداً في أي سوق شعبي صباحاً عمدوا إلى الاعتداء واستفزاز رجال الأمن حتى يقال عنهم مضطهدون صودرت حقوقهم الديمقراطية مع أنهم رفعوا لافتات مكتوبة بالانجليزية كونها لغة أصحاب الهدف كما يبدو لأن اليمنيين فيما أعلم يتحدثون العربية كونها لغة عقيدة وثقافة وامتداداً للغة الحضارة اليمنية القديمة التي ينكرون واحديتها. إن القنابل الصوتية في عدن والراهدة تدل على هدف واحد ومخطط واحد تناسى شعراً عربياً قديماً: تقول عيسى وقد يمّمت مرتحلاً وبانت لنا الأعلام من عدن أمنتهى الأرض ياهذا تريد بنا فقلت كلا.. ولكن منتهى اليمن. يادكتور محمد نحن الآن في 2008م للتذكير فحسب، والقانون الدولي لايغفر لمن يخونون أوطانهم، ولايعول على من لاوزن له.. إذا كنت لاتريد كما قلت دخول خلافات مع أحد لتحقيق هدفك الأساسي ألا ترى أنك تختلف مع أكثر من 22مليون يمني؟!