فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل خطاب فخامة الرئيس علي عبداللّه صالح بمناسبة العيد الوطني ال (18)
نشر في الجمهورية يوم 01 - 06 - 2008

شكلت الوحدة الوطنية محطة هامة في مسيرة الحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي تعيشه الجمهورية اليمنية منذ قيامها في 22 مايو 1990م، ودخل الحراك السياسي مرحلة جني ثمار الواقعية التي اختطتها منهجاً لمجمل برامج التنمية..وعند تحليل خطاب فخامة المشير علي عبدالله صالح، الذي وجهه إلى الشعب اليمني في الداخل والخارج بمناسبة الاحتفالات بالعيد الوطني ال18 للجمهورية اليمنية، فقد أبرز العديد من الدروس التنموية والوطنية، حيث أشار الخطاب إلى العديد من المحاور.
المحور الأول:
إن الوحدة اليمنية مصدر فخر واعتزاز للشعب اليمني، لكل عربي وحدوي، وشمعة مضيئة في الواقع العربي المتردي.
حيث تشير هذه الفقرة إلى أن الوحدة اليمنية عنصر مهم ورئيسي لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة لأنها تندرج في نطاق تكوين الأمن القومي العربي المنشود، لمواجهة الأخطار التي تهدده.. وتسعى لتقارب حقيقي بين أبناء منطقة شبه الجزيرة العربية لتكوين تعاون اقتصادي وثيق يحمي وجودها وسيادتها سياسياً واقتصادياً وفكرياً وعقائدياً، وأصبحت الوحدة اليمنية مثالاً إنسانياً رائعاً، فقد قام كثير من المفكرين والصحافيين العالميين بزيارة بلادنا للتأكد من حقيقة هذا الإنجاز ومدى تعمقه في نفوس أبنائها، ونقلوا صورة صادقة للإنجازات الكبيرة المتعددة التي تحققت فيها، وأدركوا أن الأخ رئيس الجمهورية من الرجال القلائل في هذا القرن ممن سيحتلون حيزاً في ذاكرة التاريخ الجماعية، من خلال إصراره وتأكيده التام على وحدة اليمن أرضاً وشعباً، وقضى إلى غير رجعة على كل أطماع المتآمرين على الوحدة والراغبين في إعادة الانفصال.. وقد باركت الدول الصديقة والشقيقة جهود القيادة الحكيمة ممثلة بالأخ الرئيس، وأعلنت موقفها الداعمة لكل طموحات الشعب اليمني الذي اختار طواعية جانب الشرعية الوطنية في كل ربوع الجمهورية.. وقد تبوأ فخامة الرئيس مكانة مرموقة لدى العديد من زعماء العالم، وحازت سياسة اليمن الخارجية المتوازنة على احترام الكثير من الدول الغربية والشرقية من خلال أسلوب تعامله مع المستجدات الدولية والمحلية، فقد صقل التجربة السياسية الناشئة في اليمن، وأكد استمرارية دعم النهج الديمقراطي القائم على التعددية وحرية التعبير، مع التصدي بحزم لكل من يرغب في تفتيت الصف الوطني وبذر الفتن والخلافات من أجل إعادة التشطير المقيت.
اقتنعت كل دول العالم بنزاهة القيادة السياسية ومصداقيتها، وأصبح الجميع يساندون وحدة اليمن وديمقراطيته بعد هروب المتآمرين إلى الخارج.. يقول فخامة الرئيس: «إذا كنّا تمكنّا من تأمين وحدة الوطن ودحر مؤامرة التمرد والانفصال، فإن أمامنا اليوم مهاماً جديدة على طريق البناء الوطني في كافة المجالات، وفي مقدمتها إزالة آثار التمرد على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبما يعزز الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، ويؤمن الالتزام الصارم بالنظام والقانون».
المحور الثاني:
أسلوب التسامح كطريق حضاري أمثل لمعالجة كافة القضايا.
هذا المحور يشير إلى الأسلوب الذي جعل فخامة الرئيس يدعو به الجميع لفتح صفحة جديدة للتعاون والتلاحم والتسامح والتآزر والتآخي ونبذ البغضاء في بعض والكراهية والحقد والحسد، فيدعو إلى تصفية القلوب، وأن يتجاوز الجميع آثار ما خلفته الاضطرابات في بعض المناطق اليمنية، وأن يجعلوا من هذا العيد مناسبة للفرح والابتهاج والمحبة والود والصفاء، وأن يصطف الجميع معاً في جبهة واحدة من أجل النهوض بالمهام المقبلة لبناء اليمن الجديد وصنع المستقبل الأفضل، فالوطن ملكنا جميعاً، وهو يتسع لنا جميعاً.. هذا المبدأ يتخذه فخامة الرئيس مع جميع الأطراف، وهذا التفكير الجديد الذي سار عليه الرئيس علي عبدالله صالح قد أدى إلى رفض استخدام الصراع أساساً في إدارة الدولة داخلياً وخارجياً، وإلى فهم أن التعاون فيما بين اليمن والدول الأخرى المجاورة وغير المجاورة يكون أساسه التعاون والمحبة والحوار فيما بينهما واحترام مصالح الآخرين، كما أن إرساء مبدأ التسامح والحوار المطلق مع المعارضين يكون صالحاً وقادراً وفاعلاً عندما تكون مبادئ الخير والعدالة الإنسانية متوافرة فيها، أما خطب ومواعظ التعصب بجميع أنواعها وعدم التسامح فإنها لا تؤدي بأي حال من الأحوال إلى الخير، لاسيما في عصرنا الراهن.. وكان لأسلوب الرئيس في معالجة آثار الحرب الانفصالية وعفوه عن كل المغرر بهم.. وهذا الأسلوب في العفو والتسامح لا ينطلق من ضعف، ولكن من قوة وحكمة يتخذه فخامة الرئيس، فقد وقع هذا التصرف بقبول حسن في كل أوساط الرأي العالمي، وتفطن الكثير إلى أن اليمن تخطو خطوات جادة ومتينة نحو القرن الواحد والعشرين، واعتبرت الدول الكبرى مواقف اليمن الوطنية تجاه المتنفذين في الحزب الاشتراكي والمغالين من أحزاب المعارضة مثالاً متميزاً لحماية حقوق الإنسان وصيانتها واحترام المواثيق الدولية المتعلقة بهذا المجال.
وقد استطاع الأخ رئيس الجمهورية بحكمته المعروفة أن يتعامل مع القضايا الدولية سياسياً، بل إن الصدق والصرامة الملموسة في تلك المواقف تجاه مثل هذه القضايا كان لها رد فعل طيب عند كثير من دول العالم الكبرى، وترجمت صادقة موقف اليمن من خلال عمق الولاء القومي ونزاهة أخلاق قيادته الوطنية.
المحور الثالث: أسلوب الحوار
وبذلك فقد انتهج وسيلة الحوار الديمقراطي السلمي على صعيد تقريب وجهات النظر وجذب القوى الاجتماعي صوب الاتفاق على تجميد الصراعات السياسية وتحقيق التماسك الاجتماعي الذي يقود إلى تحقيق الهدف الأكبر ألا وهو الوحدة الوطنية.. وهذا الأسلوب جاء نابعاً من ديننا الحنيف، حيث أوصى به الله عز وجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قائلاً: «خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين».. وامتدح الله الجنة وأخبر أنه أعدها لأناس من أعظم صفاتهم كظم الغيظ، والعفو عن الناس، قال تعالى: «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس».. ولنتوقف عند تلك الكلمات الثلاث الخالدة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» كلمات سجلها التاريخ بأحرف من نور لمعلمنا الأول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قالها لأولئك الذين آذوه، وطردوه، ورصدوا لقتله أموالاً.. كلمات قالها ووراؤه عشرة آلاف فارس رهن إشارته، ومع ذلك يختار عليه الصلاة والسلام أن يعفو عنهم.. والمؤمن دائماً أعلى من أن ينتصر لنفسه.. إن الشعوب لا تبنى بالحقد والكراهية وإثارة الفوضى والبلابل، وإنما تبنى بالمودة والمحبة والصفاء والصراحة.
إن المتتبع لمسيرة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية منذ أن تولى قيادة الوطن اليمني يجد أن الحوار والعفو والتسامح والترفع عن الصغائر كان ولا يزال أسلوبه وسلوكه وتعامله حتى مع الذين ناصبوه وناصبوا الوطن والثورة والجمهورية والوحدة، العداء، وحاكوا المؤامرات والدسائس، ويكفينا فخراً واعتزازاً أنه أطلق قرار العفو والنار ما زالت مشتعلة وتهدد وحدة الوطن!!
ذلك أن أعقل الناس أعذرهم للناس، والنفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تتسامح، بل وقد ظلت دعواته في هذا الجانب تتجدد في كل مناسبة، وكان آخرها كلمته في المهرجان الكرنفالي، دعا رموز الحركة الوطنية إلى العودة لأرض الوطن، وفتح صفحة جديدة في الحوار الصادق، والوطن يتسع للجميع.
ولا شك أن العفو والتسامح لا ينطلق من ضعف، ولكن من قوة وحكمة.. يقول علي بن أبي طالب رضى الله عنه: «أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة»، ومن ثم على قاعدة ضرورة تكاتف جهود كل أبناء الوطن، وتعزيز لغة الحوار في كل ما له صلة بالقضايا أو الثوابت الوطنية، ورفض لغة العنف والمساس بأمن واستقرار الوطن.
إن العفو والتسامح والحوار جزء من العدالة، تصب غايتها في إرساء وتثبيت دعائم دولة المؤسسات والنظام والقانون، فالوطن والشعب يكون قوياً عندما تكون للقوانين قوة.
إن الكرة الآن في يد جميع القوى السياسية التي يجب أن تعود إلى جادة الصواب، وتحتكم إلى النهج الديمقراطي الذي غدا خياراً لا تراجع عنه، تحتكم إلى لغة التفاهم والحوار.. ويدعو كل القوى السياسية في الوطن إلى اعتماد أسلوب الحوار كطريق حضاري أمثل لمعالجة كافة القضايا التي تهم الوطن، وعدم عرقلة مسيرة البناء والتنمية والاستثمار، والابتعاد عن نشر ثقافة الكراهية والبغضاء في المجتمع.
وشدد على نشر ثقافة المحبة والإخاء والتلاحم والاستفادة من كافة الأحداث في الداخل والخارج.. وأشار إلى أن الوطن بحاجة إلى جهود كل أبنائه دون استثناء من أجل التنمية والبناء وترسيخ الأمن والاستقرار، فلا تنمية دون أمن واستقرار.
المحور الرابع: الفتنة والتمرد اللذين أشعلهما الحوثي
إن فخامة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أكد حرص الدولة على احتواء فتنة التمرد في بعض مديريات محافظة صعدة حقناً للدم اليمني، وإحلال السلام والأمن في تلك المديريات.. ولكن عناصر التمرد والفتنة لم تستجب للجهود الوطنية والمساعي الأخوية، وظلت في استمرارها بارتكاب الأعمال الإرهابية، الأمر الذي يوجب أن تضطلع الدولة بمسؤوليتها الوطنية والدستورية والقانونية لفرض سلطة النظام والقانون، وحماية الوطن والمواطن.. ولم يصل فخامة الرئيس إلى هذه النتيجة إلا بعد أن شعر أن الحوثيين قاموا بقتل وإزهاق أرواح المواطنين عسكريين ومدنيين، بالإضافة إلى الأضرار البالغة بالاقتصاد الوطني وسمعة اليمن في المحيط الإقليمي والدولي، وكانت قضية تهديد يهود صعدة من قبل الحوثيين الشرارة التي جددت المعارك للمرة الرابعة بين الجيش وأتباع حركة التمرد، حيث تلقى يهود صعدة تهديداً بالرحيل في غضون عشرة أيام من قبل أنصار زعيم الحركة عبدالملك بدر الدين الحوثي.
وبعد الحادث استنفرت الدولة إمكاناتها بعدما شعرت أن جولة جديدة من المعارك بدأت تقترب، وعقدت السلطات المحلية اجتماعاً بحضور عدد من مشائخ المحافظة للبحث في شكوى اليهود بخصوص مضمون رسالة التهديد.. مطالبين بإنصافهم كمواطنين يمنيين.. لكن الحوثيين نفوا تهديدهم لليهود، وأكدوا أن ذلك كان عبارة عن حجة لإشعال فتيل حرب رابعة معهم.
ولم تمضِ إلا أيام حتى تعرضت حملة عسكرية تابعة للجيش لكمين نصبه الحوثيون في منطقة فروة على مشارف مدينة صعدة، وهم يخططون للانقلاب على النظام الجمهوري وإعادة الملكية، وطُلب من المتمردين سرعة تسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة في أقرب وقت ممكن إلى محافظ صعدة.. وعندما واجه المجتمع قضية التمرد في صعدة نجد أن القيادة السياسية وقواه الخيّرة وقواته المسلحة والأمن عملت في خط واحد للتصدي لفتنة صعدة، والتصدي أيضاً لكل من يفكر المساس بأمن الوطن واستقراره ووحدته الوطنية.. وطالب فخامة الرئيس الأحزاب والتنظيمات السياسية بمراجعة النفس والوقوف أمام الضمير بعيداً عن الرؤى المتعصبة والمواقف الخاطئة، وعليهم مراجعة مواقفهم الاستفزازية، وكان من الأولى أن يكون هناك نصح وإرشاد بين الأحزاب، وأن ينصحوا بعضهم البعض بأن يقوموا بدور ناصح وليس دوراً مؤججاً للفتنة، خاصة أننا نعلم جميعاً أن في داخل أحزاب المعارضة ما يأتي:
هناك قيادات وطنية، وهناك قيادات حزبية أرادت أن تحوّل القضية إلى شكل من أشكال الثأر السياسي، وتتناسى أن هذه القضية قضية وطن.. قضية إرهاب، قضية أبناء الوطن، وليست قضية الرئيس علي عبدالله صالح وحده.
وهناك قيادات حزبية أخرى لها رؤية مختلفة ولكنها رؤية محمولة على عنصر الثأر السياسي، وعيونها مغطاة بغشاوة تجاة كل القضايا الوطنية وكل شيء جميل في الوطن، مثل الإرهاب وقضية السكان وقضية الطمأنينة الاجتماعية والسلام الاجتماعي وقضايا الاقتصاد والتنمية.. الغشاوة الموجودة لم تنتج إلا فكر الثأر السياسي.. بالرغم من هذه الأفكار المتنوعة هنا سؤال يطرح نفسه، لماذا تقوم بعض أحزاب المعارضة بهذه المواقف الخاطئة وتبرر لنفسها أن هذه المواقف يجب أن تواجهها حكومة المؤتمر، ولا تعتبره موقفاً وطنياً، بالرغم من أن الحكومة قد واجهت التمرد والإرهاب في صعدة باسم الشعب اليمني ككل، الشعب الذي دافع عن الجمهورية والوحدة، بغض النظر عن أي تحالفات جرت بين هذا الطرف أو ذاك.. هناك قصور شديد في فهم الأدوار التي تلعبها بعض الأحزاب، لا تزال هناك عقد ينبغي أن تزال في لحظة التجلي الفكري والسياسي عندما تترفع عن الأحقاد والضغائن الصغيرة إلى مستوى الدفاع عن قضية وطنية كبرى.. إنها عقد وهذه العقد تتحول إلى أدوار وتتمحور في طابع شخصي ليس له علاقة، لكنه ينعكس ذاتياً على موضوع لا ينبغي أن تحمله موقف حزب أو موقف حكومة، بل هو موقف شعب يريد الوحدة وينتمي إلى وطن واحد اسمه اليمن.
كما أن هناك خطوة أخرى من دولة قطر في منتصف شهر يونيو، حيث بدأت بمساعي السلام ووضع حد للاقتتال، وقبلت بهذه الوساطة صنعاء، وفي الثامن عشر من الشهر ذاته أعلن رسمياً عن وقف إطلاق النار بموجب الاتفاق الموقع بين السلطات اليمنية وقادة حركة تمرد الحوثي في صعدة برعاية دولة قطر.
المحور الرابع: الحوار في دولة قطر للاتفاق بين مختلف الأطراف اللبنانية برعاية الجامعة العربية.. وقد دعا فخامة الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - للعمل إلى كل ما من شأنه خدمة مصالح لبنان وأمنه واستقراره ووحدته الوطنية.. وأكد ضرورة توحيد الصف الوطني الفلسطيني، وتجاوز الخلافات بين حركتي فتح وحماس وغيرها في ضوء ما تم التوقيع عليه في صنعاء، وأقرته القمة العربية في دمشق.
إن الحوار والتفاهم من المبادئ الأساسية في علاقاته الدولية، فنجد أن المنهج السياسي لفخامة الرئيس يعتبر نموذجاً حياً لمعادلة الترابط والتفاعل والانعكاس النشط القائم على احترام قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتبادل السلمي للسلطة، وإرساء دعائم دولة النظام والقانون.. هذه المبادئ أكسبت الجمهورية اليمنية الاحترام والتقدير على الصعيد الدولي، ووسعت دائرة أصدقاء اليمن في الساحة الدولية وأوجدت تفهماً لأوضاعها وظروفها.
كما أن الخطابات السياسية لفخامة الرئيس اليمني بمحتواه الديمقراطي وجد انعكاساته في الترحيب الخارجي المبني على احترام الغير، وحق الآخرين في الاختلاف، والبحث في تحقيق الإجماع والقواسم المشتركة، ورفض سياسة الإملاءات، والقبول بالتعايش، واحترام عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير.. وقد أسهمت هذه النظرة الواقعية للقائد في مواجهة الأزمات والتطورات الإقليمية، وسهّلت إلى حد كبير حركة النشاط الدبلوماسي والسياسي الخارجي، تحقيقاً لأهداف خطاب الواقعية في التعامل الإيجابي مع تطورات الأحداث الإقليمية والدولية.
وخلال هذه الفترة تأكدت بشكل فاعل المكانة التي بات يتمتع بها فخامة الرئيس وحضوره النشط على المحيط الإقليمي والعربي والإسلامي والدولي، ومن خلال السياسة المتوازنة لفخامة الرئيس شهدت اليمن نجاحات كبيرة في مكافحة الإرهاب الذي ألقى بظلاله على كافة مناحي الحياة وعلى المسيرة التنموية لبلادنا، وكانت جهوده في مكافحة الإرهاب منطلقة في الأساس من الحاجة الوطنية الخالصة للقضاء على فكر الغلو والتطرف الذي يدفع إلى الحقد والكراهية ويعيق جهود المجتمع نحو التطور والنماء، ويقدم صورة مغلوطة لثقافتنا العربية والإسلامية.
وكانت دعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية «حفظه الله» للمغرر بهم من المتطرفين للعودة إلى جادة الإسلام الحق، ولتجسيد فكر الاعتدال والوسطية والتسامح الذي يشكل نبراساً فلسفياً لعمله السياسي، ومن هنا تواصلت جهوده الوطنية للقضاء على الإرهاب بالتعاون مع الأصدقاء في الولايات المتحدة وأوروبا وبقية دول التحالف الدولي.
كما عمل فخامته بجد واقتدار للانضمام إلى العديد من المؤسسات التابعة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي خطوة أخرى تؤكد المكانة التي باتت تتبوأها اليمن ضمن إطارها الإقليمي في الجزيرة العربية، وقد عكس الانضمام التدريجي لبلادنا إلى المنظومة الخليجية مستوى الحرص الذي تبديه قيادتنا السياسية بأن تكون علاقتنا الخليجية مبنية على المصالح المشتركة والتعاون باعتبار اليمن جزءاً من جغرافية وتاريخ وتراث المنطقة.. وعكس حكمة فخامة الرئيس في التعاطي مع الموضوع الخليجي وفق مفاهيم بناء جسور الثقة، وتقريب وجهات النظر، وإزالة أية تباينات بين كيان دول الجزيرة والخليج، وصولاً إلى توفير المعطيات للمشاركة اليمنية الكاملة في عضوية المجلس، فالمتغيرات من حولنا تستدعي التعامل معها بمسؤولية كبيرة وبناء كيان إقليمي اقتصادي قوي قادر على التعامل مع المتغيرات التي تشهدها المنطقة وتتهدد مستقبل الكيان الخليجي.
وقد استحقت اليمن تقدير المجتمع الدولي من خلال الاهتمام الكبير الذي أبدته الدول المانحة لتقديم المزيد من الدعم لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل لمعالجة الاختلالات والصعوبات التي يواجهها الاقتصاد اليمني، وكانت نتائج مؤتمر المانحين في باريس الذي التأم خلال يومي 16 - 17 أكتوبر 2002م، حيث تعهدت فيه الدول والمنظمات والصناديق والبنوك الدولية أو الإقليمية التي شاركت فيه بتقديم دعم إضافي للجمهورية اليمنية خلال الأعوام 2005م بقيمة 3. 2 مليارات دولار، مضافة إلى التعهدات السابقة 2 .1 مليار دولار.. وقد شكلت نتائج مؤتمر المانحين مثالاً حياً لمصداقية فخامة الرئيس ونظامنا السياسي والاقتصادي، وسلامة الإجراءات والمعالجات الاقتصادية والإصلاحات المالية التي تحققت في بلادنا، وتأكيداً على الشراكة القائمة بين اليمن والدول المانحة.
وعلى صعيد العلاقات مع دول القرن الأفريقي، جسّدت قمة صنعاء اليمنية السودانية الأثيوبية التي جمعت فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بفخامة الرئيس السوداني ورئيس الوزراء الأثيوبي، الحرص على استتباب الأمن والسلام في المنطقة وبناء الشراكة القرن أفريقية الجديدة بين دول الإقليم، لتعزيز مناخات الاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة، والحفاظ على مقدرات شعوبها، كما عكست رغبة الدول الثلاث في إيجاد المعالجات الناجعة للمشكلة الصومالية، والتفاعل الإيجابي مع جهود منظمة الإيفاد لإحلال السلام في السودان.. فالمشير علي عبدالله صالح «حفظه الله» يحظى باحترام الشعب اليمني بشكل خاص وجميع شعوب وزعماء الدول العربية والصديقة بشكل عام، وذلك لما قدمه ويقدمه للوطن والأمتين العربية والإسلامية من تضحيات عظيمة تصب في مصاف المصالح الوطنية، بل إنه جعل رأس اليمن يعلو ويعلو، فقد تطورت اليمن في شتى المجالات سواءً كانت سياسية أم عسكرية أم اقتصادية أو ثقافية، وبهذا يشهد الجميع، وليس في الكلام مبالغة.
ومن هنا يمكن القول: إن حكماً تقييمياً لمساره العام على امتداد هذه الفترة قد عكس نفسه بصورة إيجابية على أدائه وكفاءته في إدارة مؤسسات النظام وتطورها، وهو الأمر الذي يؤكد أهمية وضرورة وحتمية استمرار وتيرة تنامي أدائه لدوره الريادي لإدارة عجلة المستقبل، بعد أن أثبتت وقائع وتطورات الأحداث التاريخية قدرته وكفاءته على التعامل مع مجمل الأحداث والتطورات والمتغيرات والمستجدات في ظل ظروف سياسية متغيرة.
وحول الأوضاع الإقليمية والعربية يؤكد الرئيس الحوار لمعالجة كافة القضايا الشائكة التي تشهدها المنطقة، وبعيداً عن لغة العنف والقوة.. وبارك نتائج الحوار الذي توصلت إليه الأطراف اللبنانية، وأكد ضرورة توحيد الصف الفلسطيني وتجاوز الخلافات بين حركتي فتح وحماس.
وانتقد فخامة الرئيس الصمت الدولي المؤسف إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وحصار إسرائيلي جائر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. حيث أكد ضرورة توحيد الصف الوطني الفلسطيني، وتجاوز الخلافات بين الفلسطينيين في ضوء ما تم التوقيع عليه في صنعاء، وأقرته القمة العربية الأخيرة في دمشق.
أما في البناء الداخلي فقد أشار فخامته إلى أنه سيتم بهذه المناسبة افتتاح ووضع حجر الأساس لمشاريع تنموية وخدمية في المحافظات بتكلفة تصل إلى أكثر من 400 مليار ريال.
وهذا يعني بأن اليمن لا يزال يواجه تحديات تؤثر في جهود الإصلاحات السياسية والاقتصادية، يأتي في مقدمتها تزايد معدلات نمو السكان وشحة الموارد المائية وخطر استنزافها، بالإضافة إلى تزايد نمو القوى العاملة الباحثة عن فرص العمل.
وبذلت الدولة جهوداً مشهودة لمواجهة تلك التحديات والحد من آثارها، وتحققت بفضل ذلك نجاحات ملموسة في تنفيذ الخطط الخمسية الأولى والثانية والثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في توسيع فرص التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، وتطوير مشاريع البنية التحتية، وتحقيق الأمن والاستقرار.. كما شهدت السنوات الماضية أيضاً تنفيذ إصلاحات شاملة في الجوانب الاقتصادية والمالية والإدارية، أدت إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتهيئة الاقتصاد لتحقيق معدلات نمو عالية وتوليد فرص عمل منتجة، وجذب الاستثمارات وبناء جسور الشراكة مع دول الجوار في الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، وتعزيز الثقة مع المجتمع الدولي.
إن اليمن ومنذ قيام الوحدة المباركة في 22 مايو 1990م يعيش حقيقة قوة وتماسك وجوده السوي بعد أن توحد في كيانه الواحد وصحّح مسار تاريخه وأعاده إلى مجراه الطبيعي، وحقق بفضل ذلك خطوات ملموسة في تعميق النهج الديمقراطي القائم على التعددية السياسية وحماية حقوق الإنسان وتمكين المرأة، وتعزيز اللامركزية المالية والإدارية، وتوسيع المشاركة الشعبية في التنمية المحلية، وقد مثلت جميعها انطلاقة صادقة وجادة لتشييد مكونات الدولة المؤسسية الحديثة القائمة على قواعد العدل والمساواة وتعميق أواصر الوحدة الوطنية والتطبيق السليم للنظام والقانون.
وقد تعززت أسس وقواعد البناء الديمقراطي بتوسيع المشاركة الشعبية وتجذرها في سلوك ووجدان شعبنا اليمني بتنفيذ الانتخابات العامة الحرة والمباشرة الرئاسية والمحلية وانتخابات المحافظين التي شهد لها العالم بالنزاهة والتنافس غير المسبوق في تاريخ اليمن السياسي.. وساد فيها منطق التنافس عبر البرامج والسياسات الجادة في بناء دولة ديمقراطية تقوم على النظام والقانون، والتي من أهدافها ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة والحرية التامة للشعب في اختيار مسؤوليه، وحكم نفسه بنفسه في جميع المستويات التشريعية والتنفيذية، وكذا من المجالس المحلية وحتى رئاسة الدولة.. العرس الديمقراطي الكبير الذي شهده الوطن في يوم 22 مايو هو بداية جديدة في عمق المسيرة الديمقراطية العظيمة لشعبنا وبلادنا.. وأن النجاح الساطع والرائع لثماره المباركة قد ظهر على كافة أصعدة البناء والتنمية والتطوير والتقدم والانتصار للمصالح العليا للشعب والوطن وعلى صعيد تعزيز الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار ومشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية والعامة والتي أتيحت أمامها وخلال الفترة الماضية كل الفرص الواسعة للمشاركة الفاعلة في مسيرة بناء الوطن وتحقيق تقدمه ونهضته من خلال تبوئها لأعلى المناصب السياسية والإدارية في الدولة ومؤسساتها المختلفة كوزيرة وسفيرة وقيادية ومشاركة في إطار الهيئات التشريعية والشوروية والسلطة المحلية ومؤسسات المجتمع المدني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.