نعود مرة أخرى إلى المبيدات الكيماوية، وكذلك المخصبات، فكلها كيماويات مضرة بالبيئة والإنسان، والثروة المائية، والتربة، ومضرة بالحياة البحرية، والبرية، وبالهواء.. إنها سموم تقتل الحياة، وتدمر مقوماتها، وتخل بالتوازن الحيوي. المبيدات والمخصبات الكيماوية يجب إيقاف استيرادها، واستخدامها، وسحب كل ما يوجد منها في الأسواق سواء كان «مرخصاً، أم مهرباً»، ووضع عقوبات صارمة وقاسية ضد كل من سيعمل بهذه السموم القاتلة.. إن هذه المخصبات والمبيدات، التي يُستورد كثير منها إلى بلادنا، محرمة دولياً، وتكافح وتُحارب من قبل منظمات إقليمية ودولية.. علماً بأن أكثر، إن لم يكن كل ما يستورد إلى اليمن من المواد، تُحرّم قوانين بلد المنشأ استخدامها في بلادها لما لها من أضرار مضرة بالبيئة والحياة عموماً. أما الصالح منها والمقر وفقاً لتصاريح دولية بالإمكان استيراده تحت إشراف وزارة الزراعة، وبمعرفتها.. ولا أعتقد أن مثل هذه الإجراءات إلا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي.. لأن الأمن القومي لا يهدد فقط بالغزو والعدوان الخارجي، أو بالتجسس والتخريب.. لكن ما تفعله هذه المبيدات والمخصبات أكثر من العدوان والتجسس، والتخريب، إنها خطر على أمننا، لأن أضرارها غير محدودة.. فمنها ما يتبخر ويلوث الهواء، ومنها ما يذوب وتمتصه النباتات، ومنها ما يذوب ليغوص في أعماق الأرض ويلوث المياه الجوفية، ومنها ما تجرفه السيول إلى البحر فيصيب الحياة البحرية، وما تمتصه النباتات والمنتجات الزراعية يصيب الإنسان والحيوان.. إن التراكيب الكيماوية للمخصبات والمبيدات تسمم حياتنا، علماً أن مثل هذه الكيماويات أيضاً تدمر التربة.. إنها خطر مروع، وجريمة وخيانة وطنية السكوت على ذلك وإتاحة الاستمرار فيه.. فقد أثبتت التجارب أن الأسمدة الحيوانية، ووسائل المكافحة التقليدية هي الأنجح والأسلم والأكثر أماناً وأمناً على حياتنا في عمومها وشمولها. على أي حال، لقد سرّني أن قُبض على صفقات من هذه المبيدات والمخصبات، واتخذت إجراءات صارمة حسب ما قرأنا.. لكن لا نريد أن تكون هذه القضايا والمخاطر متروكة للصدف والتحمس الوقتي.. بل لا بد من تشريع يضبط عملية استيراد مثل هذه المواد، وتحت إشراف وزارة الصحة، مع ضبط المداخل البحرية والبرية، وفرض عقوبات قاسية جداً ضد من يتاجر بها، ومن يتواطأ مع دخولها البلاد.. فنحن جميعاً في الوطن سواء ولن يصيب هذا البلاء عامة القوم ويترك كبارهم.. بل إنه بلاء لا يفرّق، وسيصيب الجميع.