التعليم مسألة حيوية وركن أساسي وهام في تقدم وارتقاء أي شعب من شعوب العالم ، ومن هذا المنظور العلمي اتجهت معظم شعوب العالم نحو التعليم المبني على الأسس العلمية الصحيحة من أجل بناء الإنسان فيها بناءً علمياً سليماً يستطيع معه أن يواكب التطورات العلمية المذهلة بصورة تجعله مستوعباً وبكل اقتدار لكل هذه التطورات حتى ينعكس ذلك إيجاباً في أدائه العملي داخل مجتمعه الذي يعيش فيه، وما حققته شعوب وبلدان شمال الكرة الأرضية وأقصد هنا شعوب أوروبا وأمريكا والبلدان المتقدمة الأخرى والتي وصلت إلى ما وصلت إليه من قفزات علمية واقتصادية هائلة لم تكن تلك إلا من خلال اهتمامها بالتعليم كما وكيفاً واهتمامها بالإنسان وبنائه علمياً وروحياً باعتباره الأساس ومحور عملية التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي المنشود، ومن خلال وضع الخطط والبرامج المدروسة استطاعت تلك الشعوب المتقدمة أن تصل إلى مبتغاها وأهدافها حتى تمكنت من فرض سياساتها ورؤاها على المستوى العالمي والتي تخدم أهدافها ومصالحها، فمن خلال ذلك إستطاعت أن تجعل من شعوب العالم الثالث النائمة أسواقاً استهلاكية لمنتجات مصانعها ومزارعها لأن هذه الشعوب مستكينة ومتواكلة على الشعوب المتطورة والمتقدمة وبهذا الوضع الشاذ والمخجل افتقدت هذه الشعوب جزءاً كبيراً من حريتها وسيادتها ولا يستطيع أحد أن يجادل في ذلك، معظم شعوب العالم الثالث ومنها شعوبنا العربية وصلت إلى منحدرخطير في نظم التعليم فيها وأصبحت اللامبالاة تسود الجميع وتركز الاهتمام في الكم على حساب الكيف ، فمخرجات التعليم الجامعي بمئات الآلاف من الشباب ليسوا أكثر من كتبة في المرافق الحكومية والمؤسسات الأخرى المختلفة وإن تخرّج عدد منهم من كليات علمية ومهنية مختلفة فلن يؤثروا في تغيير واقعهم الذي يعيشون فيه نظراً لمحدودية ما درسوه وغياب المراكز البحثية العلمية التي تؤهلهم كي يكون لهم القدرة في نقل واقعهم المعاش إلى واقع أفضل، ولا بد أن يكون الاهتمام بالتعليم من المرحلة الأساسية أولاً لأن المراحل اللاحقة تبنى على هذه المرحلة التعليمية الهامة وما نخاف منه هنا في بلادنا هو اللامبالاة في التعليم بمختلف مراحله ، ولا أبالغ إذا قلت بأن هناك انفلاتاً وتسيباً وهذا ما يقوله التربويون أنفسهم حيث إن العلاقة بين المدرسة والبيت وبين المعلم والطالب مفقودة تماماً وهو أمرٌ لا شك يؤثر سلباً على العملية التعليمية وهنا فإن المسئولية الأولى تتحملها وزارة التربية والتعليم باعتبارها المعنية في المقام الأول كما أن الأكاديميين والباحثين تقع عليهم المسئولية في تصحيح الخلل القائم من خلال إعطاء التوصيات والأفكار الهادفة إلى الخروج من هذا الوضع المأساوي في التعليم، ولا أبالغ هنا أيضاً إذا قلت بأن الكثير من متخرجي الثانوية العامة لا يجيدون أبجدية الكتابة والقراءة ولا أبالغ إذا قلت بأن الكثير ممن يحصلون على شهادة الثانوية العامة لم يفتحوا كتاباً من المنهج الدراسي المقرر .. لذا نقول ونعترف بأن لدينا مشكلة كبيرة في التعليم ولا بد من وضع الحلول لها مالم فإن الكارثة سوف تحل على الجميع. على وزارة التربية والتعليم أن ترسم لها سياسة علمية لنقل الواقع التعليمي القائم الآن إلى واقع يرتقي إلى مستوى التطور الذي يعيشه عالم اليوم.