نظراً للحالة التي وصلت إليها العملية التعليمية في بلادنا من تدهور وضعف أثرت سلباً على مخرجات التعليم ومن ثم انعكست بشكل مباشر أو غير مباشر على مسألة الأداء في مختلف المؤسسات والمرافق المختلفة وعلى المستويين العام والخاص ضف إلى ذلك ما يعانيه طلابنا المبتعثون للدراسة في البلدان المختلفة نتيجة لتدني مستواهم التعليمي بالرغم من حصولهم لمعدلات مرتفعة، لكن وكما يقول المثل «الماء يكذب الغطاس» الواقع التعليمي في تلك البلدان المتطورة يُعري مانحن عليه من تدني في حال المستوى التعليمي وهذا التدني يشمل المنظومة التعليمية برمتها ابتداءً بالمدرس فالطالب ثم المنهج الدراسي بالإضافة إلى المبنى المدرسي والبيئة المحيطة أيضاً. وهنا لا يستطيع أحد أن ينكر بما فيهم المدرسون والمسئولون التربويون أن التعليم خلال السنوات الأخيرة أصبح يتجه نحو الانحدار المخيف، والكل يدرك خطر ذلك إلا أن أحداً لم يحرك ساكناً وظل الكل يشاهد وينتظر إلى ما ستؤول إليه الأمور وكأن الأمر لا يعني أحداً وهذا هو الأخطر في الأمر. لانجافي الحقيقة إذا قلنا إن التعليم في بلادنا قد وصل إلى مرحلة الخطر وهو الأسوأ منذ أربعة عقود من الزمن، أي منذ قيام الثورة وحتى اليوم، بالرغم من تطور الإمكانات المادية والبشرية إلا أن الانحسار والانحدار أصبح يتجه نحو هوة سحيقة ولا أبالغ إذا قلت بأن الكثيرين من خريجي الثانوية العامة لايجيدون القراءة والكتابة بالصورة المطلوبة بالرغم من أنها من أبجديات العملية التعليمية فأصبح الكثير منا ينتصر للغش في الامتحانات. الأسرة تشجع الأبناء على الغش، المدرس يتساهل في الأمر ويرى أن الأمر لا يعنيه، المسئول التربوي سواءً كان صغيراً أم كبيراً يتفرج على المشهد ولاندري من المسئول عن ضبط العملية.. ونتساءل هنا: ماهي الفائدة من وضع الميزانيات الضخمة التي تقدر بالمليارات والخاصة بالامتحانات في ظل وضع تعليمي منها.. أليس من الأجدى أن تلغى الامتحانات لتستفيد الدولة من المبالغ التي تهدر وبدون فائدة لتستبدل بامتحانات القبول في الجامعات كما هو معمول به في المغرب مثلاً.؟ لكن في ظل هذه الأوضاع الصعبة والمأساوية في المسألة التعليمية استشعر البعض من الأكاديميين والتربويين خطورة المشكلة ليساهموا من خلال جهودهم الذاتية في طرح رؤاهم وتصوراتهم لإنقاذ العملية التعليمية ومثل هذه الجهود تمثل خطوة جيدة وهي بصيص أمل لاستعادة الثقة، لذا فإن المسئولية الأكبر تقع على وزارة التربية ورجالاتها وكل المهتمين بالتعليم بأن يسهموا في ما من شأنه الارتقاء به إلى المستوى الذي يجعل من مخرجاته تمتلك القدرة والكفاءة على تحمل مسئولياتها في ميدان العمل. والحقيقة المُرة الماثلة أمامنا هي أن معظم خريجي الجامعات ليسوا أكثر من كتبة وبهذا لايروق لهم العمل إلا مع قطاعات الدولة المختلفة والتي تقبل كل غث وسمين.. إن التحركات التي يقوم بها بعض الأكاديميين والتربويين خصوصاً في مدينة تعز والذين آلمهم ما وصل إليه التعليم في البلاد، هؤلاء بحاجة إلى تشجيع والوقوف إلى جانبهم من كل قوى المجتمع الخيرة والحريصة على مستقبل أجيالنا،ولابد من إثارة هذه المشكلة على مستوى الرأي العام للوقوف أمامها ومعالجتها.