يكفي الإنسان العربي رؤية تلك المشاهد الحية المؤلمة والمخزية المصاحبة للعمل الغنائي «الضمير العربي» للمخرج أحمد العريان وتبثه بعض القنوات الفضائية والذي ينقل بالصوت والصورة بعض تفاصيل الواقع العربي المهين والمخزي الذي نعيشه في ظل أنظمة لا ترى أبعد من كرسي السلطة الذي تجلس عليه ولا تفكر بغير كيفية الحفاظ على هذه السلطة. أقول بعض تفاصيل الواقع العربي لأن ما خفي أعظم وأمرّ وأخزى، تكفيه تلك المشاهد ليحتقر ذاته ويلعن نفسه ألف لعنة، لأنه آثر حياة الذل والهوان والاستسلام فأغمض عينيه وأصم أذنيه وأطبق فاه أيضاً، فالإنسان العربي ومذ عشرات السنين لم يعد يرى أو يسمع أو يتكلم ، صراخهُ أنين موجع وغضبه بكاء وعويل.. وغاية فعله وما يقوى عليه هو أن يخرج للشوارع يهتف وينادي باحثاً عن ضميره الغائب ولا ضمير له كي يعود إليه، هو واهم حين يظن أن له ضميراً، كوهم جامعة الدول العربية ،فلو كان لديه ضمير كما يزعم لأدرك أن بقاءه في ظل هذه الحياة البائسة والمأساوية عارٌ عليه ولما رضى لنفسه الذل والهوان، ولخرج معلناً براءته من تهمة الحياة، إن كان فعلاً إنساناً لديه ذرة من ضمير. تلك المشاهد تكفي ليدرك الجميع أن الجامعة العربية وهم وبقاؤها زيف، وتضليل للملايين من الشعب العربي، وإن تلك المؤتمرات التي تعقد بحضور القادة العرب لا تسمن ولا تغني من جوع في ظل أنظمة عربية لا ترى أبعد من بقائها على كراسي السلطة ولا تخطط إلا للحفاظ على سلطتها وحتى لو أفنيت الشعوب واحتلت الأوطان. تلك المشاهد تكفي لتدرك الأنظمة العربية فضائع ما ارتكبت بحق شعوبها وأوطانها وإنها سبب ما آل إليه الوضع العربي من تضعضع وهوان وإن لها الفضل الأول في هيمنة إسرائيل وأمريكا في فلسطين ولبنان والعراق وهم من ساعدوا بضعفهم على أن تقوى شوكة إسرائيل في جسد الأمة العربية، وعليهم أن يدركوا أن تطبيع العلاقة بينهم وبين شعوبهم أفضل من تطبيع العلاقة مع اسرائيل. تلك المشاكل تكفي ليدرك العلماء ورجال الدين في عالمنا العربي أن أعظم الجهاد كلمة حق يجب أن يقولوها ويخاطبوا ضمير الأمة بالحسنى بعيداً عن التطرف وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية وعليهم أن يوحدوا كلمتهم فلا ينتسبوا لطائفة أو حزب أو مذهب فالجميع أخوة وكلنا مسلمون. فهل يا ترى سيتمكن «الضمير العربي» من ايقاظ الضمير العربي؟؟! أم أن هيفاء وهبي ونانسي عجرم وروبي وغيرهن من الفنانين والفنانات ستكون لهم الغلبة في استقطاب المشاهد العربي.. فلا ضمير ولا هم يحزنون