لا يكفي أنك «مواطن» لتمارس حقك في الحرية والكتابة بما تراه ويعبر عن رأيك، بل يبدو أنك مضطر لتكون «إصلاحياً» وليس فقط معارضاً حتى تستأمن لنفسك ويهادنك الإخوان. أن تكون أنت أنت فهذا فوق احتمال وطاقة ورثة محاكم التفتيش.. يجب أن لا تنقد أو تخاطب «الإخوان» وإلا نبحتك الأقلام والأقزام والأزلام وألحقوك بقائمة العملاء والخونة، وربما أىضاً المرتدين عن دين الله.. بالطبع حتى لا تؤخذ إلا بأمر شرعي وحكم بات! ما لم تكن «إصلاحياً» ولديك مشروعك الجهادي الخالص كأن تكون مثلاً على مشارف الانتهاء من عمارتك الخاصة الثالثة أو رفع مستوى رصيدك الإيماني في بنك إسلامي «حلال» إلى حدود الصفر السابع والمليون التاسع عشر فإنك مجرد «مطبل» لم تصل بعد إلى كفاءة وحذاقة «المقرحين» بالبنادق أو بالأقلام.. لا فرق. المشكلة أن تهمة «الحرية» لم تعد كافية، فصاروا يضيفون عليها «التطبيل» والدفاع عن الفساد والمفسدين.. وهم يعنون تماماً عدم الدفاع عن الفساد والمفسدين الآخرين في سوق المعارضة و«المعراصة» والدجل المحلل.. هؤلاء وحدهم معفيون من النهي عن المنكر.. لأنهم المنكر ذاته ربما!! لا يعرف المرء متى وأين دافع عن فاسد أو فساد؟ وأعرف أن هذه هي الحُجة السخيفة التي يسوقها ويروّج لها من تضيق حلوقهم عن الحقيقة وصدورهم عن الهواء وعقولهم عن الرأي المخالف ولو كان منصفاً وموضوعياً، ولكن متى كان طلاب المال وتجار المواقف والقذائف يفهمون شيئاً عن الموضوعية والإنصاف؟! الإرهابيون أنواع كثيرة وأحجام مختلفة، والإرهاب قسمة مشتركة بين مخرّب خارج على القانون وسياسي يحرّض على الكراهية ويخيرك بينه وبين جهنم فتختارها لأنها أخف الضررين! وبين كاتب أو صحافي يحكم عليك بالخيانة والعمالة ويمارس ضدك أبشع وأرخص أنواع البذاءة والأستذة الملوثة بالجهالة والانحدار اللغوي والخطابي. كلهم إرهابيون يكرهون الحرية والرأي الآخر والصوت المخالف ويشحذون بنادقهم ضدك.. يقبضون من الجميع ويبيعون للجميع، وفوق هذا هم وحدهم الشياطين الصالحون البررة، وأنت وحدك الملاك المتهم بالزندقة؟! شكراً لأنكم تبتسمون