عندما تحققت الوحدة اليمنية المباركة في 22/مايو أيار/ 1990م استعادت البلاد واقعها وشكلها الطبيعي وتوحدت القدرات والامكانيات المتباينة لشطري الوطن في بوتقة واحدة كفلت تجاوز المعضلات والمصاعب والتحديات المختلفة وأضحت اليمن دولة ذات اقتدار على الساحة العربية والمنطقة وبلداً مهماً ذا حضور فاعل على الساحة الدولية،ولقد كانت الوحدة اليمنية ضرورة لاغنى عنها للشعب اليمني على مختلف المستويات لأن اليمن الموحد ليس إلاَّ وطناً واحداً مزقته الظروف السياسية خلال فترات زمنية صعبة جثم فيها المستعمر البريطاني على جنوبه وهيمن فيها النظام الرجعي المستبد على شماله. وكان يوم 22/مايو/1990م يوماً خالداً وعظيماً في تاريخ اليمن المعاصر لأن البلد استطاع أن يعيد وحدته الطبيعية أرضاً وإنساناً في زمن تشطرت فيه كثير من الشعوب والأمم، فاندفعت جموع وفئات الشعب اليمني من المهرة إلى الجوف ومن صعدة إلى حضرموت تهتف بالوحدة طرباً وفرحاً بعودة اللحمة اليمنية إلى واقعها الطبيعي،وكانت الديمقراطية رديفاً أساسياً لوحدة الوطن فانتقل البلد من واقعه الشمولي،وسيطرة الحزب الواحد الذي لايعلو عليه صوت في الشمال والجنوب إلى رحاب الانفتاح والحرية والتعددية السياسية وحرية الرأي. لقد كانت الوحدة اليمنية أملاً عظيماً وهدفاً سامياً ونبيلاً لكل ثوار اليمن وأحراره وأضحت اليوم سلوكاً وحقيقة معاشة في حياة الشعب اليمني،فقد فشل اليمنيون في إقامة دولة قوية مستقرة في ظل التشطير في جنوب الوطن أو في شماله لأنها الخيار الوحيد الذي لاغنى عنه لاستقرار البلد وتطوره ونمائه والوقوف في وجه التحديات المختلفة في ظل واقع سياسي دولي متغير.. لقد أتاحت الديمقراطية والتعددية مجالات وآفاقاً رحبة والكثير من أبواب التعبير عن الرأي والتصدي للأخطاء والسلبيات التي ترافق عملية إدارة البلد فكفلت حقوق الاحتجاجات والمسيرات السلمية وغيرها من أشكال التعبير الديمقراطي والممارسة الديمقراطية بهدف تصحيح الأخطاء وتصويب السياسات الخاطئة التي قد تحدث من آن إلى آخر كأمر طبيعي يحدث في كل دول العالم لأنها تصب في مصلحة الوطن وتعود على الأوطان بالنفع والمصلحة. وهي سلوك إيجابي.. لكن أن تتحول مثل هذه الفعاليات وأشكال التعبير إلى عمل تدميري للبلد ومحاولة النيل من الوحدة الوطنية فذلك أمر غير محمود وسلبي للغاية لايليق بهؤلاء مطلقاً .. لأن الوحدة الوطنية هي بمثابة حق وطني عام لكل أبناء الوطن الذين يرون أنه لارجعة عنها مهما كانت التحديات ومهما بلغت الخلافات والتنافس بين مختلف القوى السياسية داخل الوطن. ونقول لهؤلاء.. فلتكن اللعبة خارج إطار الوحدة لأنها غاية نبيلة لم تتحقق الاَّ بعد جهود عظيمة من قيادات الوطن ساندها الله سبحانه وتعالى وإرادة الشعب اليمني الذي تجري الوحدة في أوردته مجرى الدم. إن وحدة اليمن هي نتاج إرادة شعب بأكمله أيدها المولى سبحانه وكَتب لكل القوى الحاقدة والمعادية الفشل في وأد هذا الحلم النبيل والانجاز التاريخي المتفرد،ومن العيب أن يأتي البعض بعد «18» عاماً على وحدة الوطن ليدعو للنيل في الوحدة والمناداة بالشطرية والتجزئة أو بدعوة للانفصال وكأن اليمن بلدان وليس بلداً واحداً وشعباً واحداً منذ الأزل وعبر حقب التاريخ المتلاحقة. إن من الضرورة أن نجعل من الوحدة خيارنا الوحيد حفاظاً على هذا الانجاز العظيم،وأن نترفع عن الصغائر والاَّ تتأثر وحدة البلد بالمصالح الأنانية والشخصية لهذا أو ذاك.. فالوحدة هي ملك كل الشعب بمختلف توجهاته وهي الطريق الوحيد للمضي بهذا البلد قدماً نحو غاياته العظيمة. وقبل أن ندعو إلى مثل هذه الدعوات الهدامة والشعارات الحمقاء يتوجب علينا أن نعود بأذهاننا إلى زمن الشطرية والتجزئة لنتذكر كيف كانت اليمن آنذاك؟! ونقول لهؤلاء.. إلاَّ وحدة الوطن!! قال تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا» صدق الله العظيم