يتميز احتفال هذا العام بالعيد الوطني الثامن عشر لقيام الجمهورية اليمنية كونه يتزامن مع الفرحة الكبيرة التي لايزال يعيشها حتى هذه اللحظة أبناء الوطن وذلك لنجاح أول عملية انتخابية لأمين العاصمة والمحافظين، والتي شهدتها جميع المحافظات اليمنية يوم السبت الماضي.. وهذا المنجز الديمقراطي يعتبر أحد المنجزات العظيمة التي سُطّرت في أسفار أضابير التاريخ اليمني قديمه وحديثه. لقد تحقق لأبناء شعبنا العظيم الهدف الأسمى والحلم الأغلى الذي ظل يتوالد ويتناقل (فكرة) في عقول وبرامج وطموحات وتطلعات جيل الرواد الأوائل من شجعان اليمن من حقبة إلى أخرى، ومن جيل إلى آخر منذ بدء انطلاق الصيحة الأولى ضد الظلم والاستبداد والتي عمّت الأرجاء في مطلع القرن الماضي وطالبت بإشراك المواطن في اختيار حكّامه وناضل من أجل تحقيقها اليمنيون جميعاً من مختلف التوجهات الحزبية والسياسية والفكرية والانتماءات الجهوية، وتعرضوا في سبيل ذلك لشتى صنوف الظلم والقهر والتشرد من جلاوزة النظام الإمامي الاستبدادي الجائر والاستعمار الانجليزي البغيض وعملائهما الخونة. {.. لقد وقف يوم السبت الماضي أعضاء المجالس المحلية الخيرون الشرفاء من أحزاب اللقاء المشترك مع إخوانهم من الأحزاب الأخرى والمستقلين في صعيد واحد موقفاً داعماً ومسانداً للعمل من أجل تحقيق هذا المنجز العظيم الذي تعهّد بتنفيذه وتجسيده أمراً واقعاً في حياتنا فخامة الأخ/علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية - يحفظه الله - والذي جعله أحد الأهداف الرئيسة في برنامجه الانتخابي الذي نافس به في الانتخابات الرئاسية والمحلية في شهر سبتمبر عام 2006م، وحاز بموجبه على ثقة الشعب. ورأينا أولئك الشرفاء في كل المحافظات وهم يقومون بدور وطني مشرّف ومسؤول ضاربين عرض الحائط بالتوجيهات العليا العرجاء الصادرة عن قيادة (اللقاء المشترك) والتي طلبت منهم المقاطعة وعدم المشاركة، وبذلك السلوك الحضاري النبيل استطاعوا إيصال رسالة قوية إلى بعض قيادات المشترك التي أثبتت أنها لا تجيد التعاطي مع "ألف. باء" السياسة وكشفت للناس أنه لم يعد يهمها الوطن ومصالح الشعب العليا بقدر حرصها على مصالحها الشخصية الضيقة. {.. لقد خسرت بعض قيادات (اللقاء المشترك) المعركة السياسية الأهم في تاريخ اليمن المعاصر وفي هذا الشهر الأعظم من تاريخ اليمن الموحد الحديث، فقد كان يوم السبت الماضي يوماً مشهوداً في حياة اليمنيين على الإطلاق مهما حاول إعلام المشترك الكسيح تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام والتقليل من عملية انتخاب المحافظين. وأنا على يقين بأن (ماكينة) المشترك الإعلامية ستظل تفرّخ الأباطيل والدعايات المغرضة وستواصل إذكاء الفتنة بين أبناء الوطن الواحد لأنها أصلاً وجدت من أجل أن تؤدي هذه الوظيفة غير الوطنية. لقد كانت عملية انتخاب المحافظين تجديداً حقيقياً في بنيان النظام السياسي اليمني بكل ما تحمل هذه العبارة من معنى، ونال الشرف الكبير في تنفيذ هذا التجديد كل من شارك فيه سواء عبر الاقتراع أو من خلال الكلمة أو الموقف الشجاع، وخسر أولئك الذين خابت ظنونهم وقدموا (الأنا) وحب الذات والمصلحة الشخصية على مصالح الوطن ولم يرتقوا فوق الخلافات السياسية. {.. والحق يقال، فلم تكن قضية انتخاب المحافظين تهم أعضاء الحزب الحاكم (المؤتمر) وحسب، بل كانت قضية تهم أبناء الوطن جميعاً، وكان الشرف الكبير للحزب الحاكم أن يتصدر قيادة هذه العملية الوطنية الطموحة وهذا الإنجاز الأبرز في حياة اليمنيين على الإطلاق. وسيسجل التاريخ أن القيادات العليا في (اللقاء المشترك) ارتكبت خطأ استراتيجياً حين قررت المقاطعة وعدم المشاركة في إرساء مداميك التجربة الجديدة التي ناضل اليمنيون من أجلها لعقود مضت، لأن هذه العملية تشكل تحديثاً جوهرياً في آلية النظام السياسي القائم. وهذا دليل على أن بعض قيادات اللقاء المشترك تقود قواعدها نحو المجهول، وهذه الطريقة ستؤدي إلى تحجيم تواجد هذا الكيان السياسي في الساحة، وهو الأمر الذي نشاهده هذه الأيام، فقد بدأت منذ وقت ليس بقصير قواعد المشترك تتململ وتتضجر من الأساليب التي تتبعها قياداتها العليا للتعامل مع القضايا الوطنية التي تتطلب تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصلحة الحزبية الضيقة. {.. لقد كان الموقف الرسمي للقاء المشترك مخيباً؛ ليس فقط لآمال أعضاء الأحزاب الأخرى من خارج أحزاب اللقاء المشترك، ولكن كان مخيباً لآمال وتطلعات قواعده وأعضائه في المجالس المحلية الذين قرروا المشاركة بكل إيجابية في ممارسة حقهم الدستوري والقانوني وانتخاب من يرونه مناسباً لهذا المنصب الهام. وأثبت أعضاء المشترك في المجالس المحلية أنهم يفكرون بطريقة أرقى وأفضل من الطريقة التي تتبعها قياداتهم في صنع القرار واتخاذ المواقف السياسية. ومن دون شك فإن هذه المشاركة سيكون لها أثر إيجابي على مستوى الساحة إذا ما حاولت قيادة المشترك القيام في المستقبل بموقف مشابه تجاه أية قضية وطنية أخرى. لقد انتصر الشرفاء والمخلصون لليمن الواحد الجديد في جميع الأحزاب اليمنية يوم السبت الماضي لقضايا الوطن والشعب في شهر الوحدة والديمقراطية والتنمية الشاملة، وأثبتوا أن شهر مايو العظيم سيظل شهر الانتصارات والتحولات الاستراتيجية الكبرى في حياة اليمنيين. وكل عام واليمن الموحد الجديد وشعبها العظيم في تقدم وازدهار وأمن واستقرار.. وكل عام وأنتم بخير. [email protected]