إن عبارة «الوطن يتسع للجميع» بقدر ما فيها من وضوح وبساطة بقدر ما تحمل في طياتها من مدلول له أبعاده الموضوعية الكبيرة التي إن وصلنا إلى عمق معناها وذلك المدلول الذي تحمله نكون قد شعرنا حقيقة بوصول رسالة الكلمة وتحقق لدينا الأثر، ومثل هذه العبارة الكثير في لغتنا العربية العظيمة التي تحتاج منا فقط أن نكون قرّاءً حقيقيين لاسطحيين تخدعنا بهارج الشكل فنسقط ساذجين في متاهات سوء الفهم للمضمون.. ونظل بقلة وعينا هذا كثيراً ما نضع أنفسنا في مواقف نحن في غنى عنها، وكل هذا نتيجة سوء تعاملنا مع مفردات اللغة الناتج عن قراءتنا القاصرة. فالقراءة بشتى أنواعها «التهجي السماع المشاهدة ...إلخ» إن لم يدعمها فكرٌ على قدر كبير من الوعي والإدراك والفهم الصحيح فإنها تؤدي بنا إلى حالة من الأمية والجهل بمختلف مناحي الحياة، وتكون أسوأ في الجانب السياسي الذي يتطلب مؤهلين على قدر كبير من البصيرة والحكمة والقدرة على قيادة دفة الوطن والتعامل مع لغة العصر داخلياً وخارجياً، والسير بخطى مواكبة لتقدم العالم وثورته المعلوماتية.. ولقد جئنا بهذه العبارة «الوطن يتسع للجميع» لنقف معاً من خلالها على واقع نعاني منه سياسياً والسبب الرئيسي يكمن في سوء الوعي الناتج عن ضعف التهجي لأبجديات اللغة.. والعبارة شاهدنا العيان في هذه الطيافة.. كثيراً ماسمعنا العبارة السالفة الذكر تتردد على مسامعنا على لسان فخامة الأخ رئيس الجمهورية حفظه الله وعلى لسان رؤساء وقيادات الأحزاب والكتل التنظيمية المتواجدة على الساحة السياسية، ونسمع العبارة أيضاً على لسان شخصيات اجتماعية مستقلة لها اهتماماتها بالجانب السياسي.. كما نسمعها على لسان عامة الشعب من مختلف فئاته وطبقاته، خصوصاً في أيام الانتخابات «الرئاسية والنيابية والمحلية» ولكن!! ماذا بعد السماع؟ وسماعنا هذا هو قراءة للعبارة.. من خلال متابعتنا للحراك التعددي السياسي على أرض الواقع قبيل كل انتخابات يشهدها الوطن أو استفتاء دستوري ...إلخ منذ العام 39م «أول انتخابات برلمانية بعد الوحدة مباشرة» وحتى أيامنا هذه التي يتهيأ فيها الوطن وشعبنا اليمني عامة لخوض استحقاقه الديمقراطي المقبل «الانتخابات النيابية 9002م» ما الذي يمكننا أن نرصده من قراءة للمشهد في ظل استمرارية وعينا السطحي الناتج عن ضعف وسلبية علاقتنا مع الأبجدية..؟ للأسف الشديد إن مكمن الداء وجدناه في العقول البليدة التي جعلت من أصحابها موطناً تتكاثر فيه أوبئة الفكر السياسي والوطني وحتى الاجتماعي، وهي بقصد وبدون قصد أعطت بصيرتها إجازة مفتوحة للتعامي عن رؤية الواقع كما ينبغي وعن القراءة الصحيحة لمفردات الحق والخير والجمال، الأمر الذي عكس نفسه سلباً على نقاء المناخ المعرفي العام داخل أوساط المجتمع وبالتالي كان لابد للتلوث أن يوجد وإن كان بنسبة بسيطة إلا أن هذه النسبة قابلة للنمو والزيادة إن لم يتم محاصرتها وعلاجها.. وإليك عزيزي القارئ بعض مما تم رصده تدعيماً لمقولتنا التي أوردناها في المستهل على سبيل المثال لا الحصر: أعلن فخامة الرئيس أن الوطن يتسع للجميع.. وفهمناها أنها دعوة صادقة لكل الأطياف السياسية لممارسة حقها الديمقراطي في الاستحقاق الانتخابي النيابي القادم.. فالعبارة واضحة ومعناها أكثر وضوحاً ومدلول بعدها الموضوعي شريف ونبيل ويجسد مصداقية توجهات القيادة السياسية ممثلة في القائد الرمز المشير علي عبدالله صالح في خوض الشعب كل الشعب بكل تكتلاته الحزبية والجماهيرية والإبداعية والعمالية ...إلخ هذه التجربة بكل فعالياتها ومراحلها وبكل حرية والتزام بضوابطها المنظمة للعملية في إطار قانون الانتخابات وأدبيات المصلحة العليا للوطن. ولقد تأكد للجميع ذلك النداء والتوجه الرئاسي الصادق مراراً وتكراراً وفي مناسبات عديدة وكان آخرها الموقف العظيم لفخامة الرئيس الذي تجلى على مرأى ومسمع من العالم كله والمتمثل في دعوته لأحزاب اللقاء المشترك وحثه لهم على المشاركة في الانتخابات، وإعلانه لمقترحات باسم رئاسة الجمهورية تهدف إلى تقليص أي تباين بين القوى السياسية. والمقصود بالتباين الذي يسعى فخامة الرئيس جاهداً إلى إزالته إنما هو سوء الفهم المسيطر لدى بعض إخواننا في المعارضة الناتج عن القراءات المغلوطة لأبجديات الواقع المعاش.. ولكن!! ما رصدناه على الجانب الآخر إنما يمثل انتكاسة فكرية للوعي الديمقراطي والوطني الذي لا يخدم الوطن ومسيرته التنموية والديمقراطية ويشكل عائقاً يندى له جبين الحكمة اليمانية والموروث التاريخي والحضاري الكبير لهذا اليمن المعطاء. ففي الوقت الذي ينادي فيه الوطن بصوت قائده البطل صانع الوحدة والديمقراطية والتحولات التنموية العظيمة في يمن الثاني والعشرين من مايو الخالد ينادي فيه كل الأحزاب بما فيهم الحاكم والمعارضة بشقيها اللقاء المشترك والمجلس الوطني، وينادي فيه كل أبناء الشعب المستقلين الذين لا يمثلون إلا أنفسهم نجد أن هناك من يصم أذنيه عن هذا النداء ويذهب «وهو الذي كما يزعم ناضل من أجل الديمقراطية» يذهب إلى المقاطعة الهروب من طاولة الحوار افتعال الأزمات لعرقلة الانتخابات.. الخلط بين الأوراق النكث بالالتزامات ...إلخ لدرجة وصل الحال فيه إلى الإساءة للوطن.. الإساءة إلى ثورته بالدعوة إلى تشويه واحدية الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر والسعي به إلى ما قبل الثورة.. الإساءة إلى وحدته بدعم مشروع الانفصال والمحاولة الحثيثة إلى تشطير الوطن والعودة به إلى ما قبل 22 مايو 09م.. الإساءة إلى منجزاته التنموية والحضارية والديمقراطية بهدف الرجوع بالدولة اليمنية الحديثة إلى عصر الولاءات الضيقة والجهل والتخلف خدمة لأعداء الوطن.. الإساءة إلى التجربة الديمقراطية نفسها التي تحقق لها من النجاح ما يبعث على الفخر والاعتزاز ومواصلة المسيرة على النهج القويم لا للوقوف حجر عثرة أمام أي تقدم لها. من أجل ذلك أصبح لزاماً على الجميع الاحتكام إلى لغة العقل والمنطق والحكمة ومحاولة الارتقاء بالوعي لا التقوقع والوقوف به جامداً على أطلال الفكر البليد والبكاء أو التباكي على تلك الأطلال التي عفى عليها الزمن ولم تعد مقبولة لدى لغة العصر ولدى الشعب الذي يسابق عقربة الوقت للحاق بركب التقدم والحداثة لدى شعوب العالم المتطورة. ومن العيب علينا كشعب ووطن له حضارته وتاريخه وله ثوابته في العقيدة والعروبة والولاء الوطني الراسخ وله نضاله وبطولاته العظيمة وله سيل من دماء أبنائه الأحرار الذين صنعوا فجر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وجعلوا من واحدية الثورة اليمنية المجيدة مداميك البنيان الوحدوي العظيم الذي صاغته الإرادة الصادقة صباح يوم الثاني والعشرين من مايو 09م، ليصبح اليمن الغالي المثال الذي يحتذى به في سفر نضالات الشعوب العربية والإسلامية من أجل التوحد. نعم أصبح لزاماً على أصحاب النظارات السوداء إزالتها وتصحيح رؤياهم الضبابية للواقع والتنكر للذات من أجل الوطن ومصلحة الشعب العليا، ومن أجل ما تبقى من ماء الوجه أمام الآخرين. فالوطن يتسع للجميع والنداء الرئاسي والمقترحات الرئاسية المطروحة الآن أمام بعض أحزاب المعارضة بهدف حثهم على المشاركة الانتخابية في الاستحقاق النيابي القادم هي فرصة أخرى جديدة وهي لغة العقل والحكمة والحرص الشديد على مصلحة الأمة والوطن. ومدلولها الكبير إنما يعكس الروح الوطنية لدى فخامة الرئيس في أن ينال جميع أبناء الشعب استحقاقهم الديمقراطي ولا بأس بالحوار مع الآخرين في تكتل اللقاء المشترك وصولاً إلى تحقيق المصلحة الكبرى لليمن.. فهي إذن لغة تدعم لغة «الوطن يتسع للجميع» وتؤكدها وليست صادرة عن ضعف كما يروج البعض، لأن الضعفاء ليسوا مخولين بشيء إلا أن نراهم واقفين في صف الوطن والمصلحة العامة للشعب التي ترى بعيون العقلاء أن هذه المبادرة الرئاسية تضيف إلى رصيد فخامة الرئيس رصيداً جديداً في المواقف القيادية الحكيمة التي تتنكر للذات ولا تفقد الأمل في رأب الصدع والتباين في الرؤى والأفكار وتوحيد الجميع في مسيرة واحدة شعارها البناء والعطاء بعيداً عن المصالح الفردية الضيقة.. ولقد آن الأوان للمعارضة المشتركة أن تتعامل مع هذه الفرصة بعقلانية واعية وروح وطنية ومصداقية جادة لا أن تفوتها كسابقيتها ويكون الخاسر الوحيد هو الوطن. تحية لرجل المرحلة القائد الرمز المشير علي عبدالله صالح على كل مواقفه العظيمة التي تزيد من لحمة الشعب وترسخ وحدة الوطن.. تحية لكل وطني شريف أينما كان موقعه في صفوف الشعب وهو يمارس استحقاقه الديمقراطي ويجني ثمار هذا المنجز الديمقراطي الكبير فكراً وسلوكاً وحياة.. تحية لكل حزب معارض يمارس حقه الديمقراطي بوعي مستنير وروح يغلب عليها مصلحة الوطن.. وتحية لكل من لبى نداء الواجب الوطني من موظفينا في قطاع التربية والتعليم وحمل على عاتقه شرف التكليف وأمانة رسالة المهمة بعيداً عن أي انتماءٍ حزبي في المرحلة الانتخابية القادمة المتمثلة في مرحلة تصحيح ومراجعة جداول قيد الناخبين ...إلخ. ودعوة صادقة اللغة والفكر والمدلول للجميع: «الوطن يتسع للجميع» حتى لمن يضيقون ذرعاً بالوطن.