أثبتت امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية العامة أن آلية الإعداد والرقابة التي تسير عليها الامتحانات غير مجدية تماماً. وهي سبب الكثير من الاختلالات البارزة في المشهد الامتحاني.. هذا العام لايزال الحديث مستمراً حول الغش الذي تسيّد العملية الامتحانية للشهادتين: «انكشاف أسئلة امتحانات قبل موعدها بيومين أو ثلاثة كما حدث في الثلاث المواد الأخيرة للشهادة الأساسية، أو تسريب أسئلة بعض مواد الثانوية العامة قبل ساعة أو ساعتين من دخول الطلاب والطالبات قاعات الامتحانات كما حدث في مادة الكيمياء ، إضافة إلى الأساليب المتنوعة الأخرى التي أدت إلى تسيّد الفوضى في عدد غير قليل من المراكز الامتحانية ومنها اقتحام إجباري لبعض المراكز.. وغش جماعي وسط مرأى ومسمع من رؤساء وملاحظي الامتحانات ونقل مراكز وانتحال شخصيات وغيرها من الأساليب التي عجز معها المعنيون عن اتخاذ أية إجراءات تعيد للعملية التعليمية قوتها التي فقدتها منذ سنوات قليلة مضت، وبفعل القائمين عليها أنفسهم !! ماذا بعد هذا العبث وهذه الفوضى اللذَين نشاهدهما اليوم في امتحانات الشهادتين الأساسيتين؟ وكيف تبدو الصورة في بقية المراحل التعليمية؟، ومن المسئول عن هذا التخريب المتعمد الذي يشهده التعليم في البلاد؟.. وأين سلطة القانون التي نبدأ بالتذكير والحديث حولها قبل بدء الامتحانات وننساها كلياً عند تفشي ظاهرة الغش وعند مشاهدتنا وسماعنا للمخالفات التي يكون أبطالها هم التربويون والإداريون والعاملون في السلك التربوي والتعليمي عموماً؟ استهداف واضح للعملية التعليمية لايمكن معها تبرئة القائمين على شئونها واحتياجاتها ومتطلباتها ومستلزماتها وحمايتها وإصلاحها«!!» كونهم مسئولين جميعاً عما يحدث من عبث؟. الأسبوع الماضي - وفي هذه الزاوية تحديداً - أشرت إلى أن أسباباً كثيرة تقف وراء هذا التذمر الذي يتعرض له التعليم اليوم.. وتسهم بشكل كبير في تفشي الغش واتساع رقعته، وقلت: إن غياب الكتاب المدرسي لبعض المواد لاسيما العلمية منها وضعف المرصود مالياً كمكافآت للجان الامتحانية والملاحظين من الأسباب الرئيسة التي تدفع معظم طلاب وطالبات الشهادتين الأساسية والثانوية العامة لرشوة والقائمين على الامتحانات للسماح لهم بالغش وهو مايتقبله الملاحظون بسعة صدر ورحابة. وأشرت في إطاره بصوابية الإجراءات المتخذة من قبل قيادات السلطة المحلية بالمحافظات للحد من تفشي الظاهرة ووقف نموها وقطع دابرها والمتمثلة بزيادة أجور اللجان الامتحانية والملاحظين عما كانت سائدة سابقاً.. ولكنها إشادة كنت متسرعاً في ذكرها؛ حيث اكتشفت بعدها أن الإجراءات المتخذة كتبت على الورق فقط ولم ينفذ منها حرف«!!»، والدليل شكوى وقعت بين يدي من مجموعة من المعلمات المكلفات بالمراقبة في المركز الامتحاني بمدرسة نعمة رسام للشهادة الأساسية بتعز. وعلى ضوء التصريحات التي بشرت المعلمين والمعلمات بتلك الزيادة من قبل عدد من مديري مكاتب التربية بالمحافظات، والتي كان هدفها ضبط الامتحانات والحد من الغش، قالت المعلمات: إن ماصرف لهن كمكافأة عن كامل أيام المراقبة مبلغ 5721ريالاً !! تلك الشكوى تؤكد أن الإجراءات المتخذة لضبط الامتحانات وقطع دابر الغش والغشاشين ليست جادة.. وأن التخريب الذي يتعرض له التعليم سيستمر مالم يتم تغيير الآلية المتبعة حالياً لسير الامتحانات والتي أثبتت فشلها كلياً.