مع أني أفضل استخدام عبارة «حُكْم الشعب»، وهي التعريب لكلمة «ديمقراطية»، وفي النظم القائمة على الديمقراطية، يقوم فيها الشعب باختيار حكامه من خلال انتخابات حرة مباشرة... أي أن يختار الشعب رئيس الدولة، والمجلس التشريعي، والمجالس المحلية، وعلى كل من يريد الحكم، عليه أن ينافس في الانتخابات ليحظى بثقة وتفويض الشعب له في الحكم وفقاً للدستور الذي ارتضاه الشعب ليحدد صلاحيات الدولة، والعلاقة بينها وبين الجماهير. إذن «الديمقراطية» تنافس بين قوى متعددة في انتخابات حرة ومباشرة للحصول على ثقة الجماهير والوصول إلى الحكم... والتنافس لكسب ثقة الشعب يكون من خلال برامج سياسية واقتصادية واجتماعية يتقدم بها كل منافس إلى الناس، وعلى الناس أن يسمعوا ويقرأوا ويحلّلوا ليجدوا أين تكمن مصالحهم وطموحاتهم وحاجياتهم وهمومهم، ويفاضلوا ويختاروا، ويوم الاقتراع يصُّبون أصواتهم في الصناديق لمن حُظي برنامجه بقبولهم، ويمكنونه من الحكم لتنفيذ برنامجه الانتخابي. بعد أن يختار الشعب من يحكمه على الجميع أن يسلّم بإرادة الشعب، ويتيح الفرصة لمن وقع عليه الاختيار لتنفيذ برنامجه، والمعارض عليه أن يحترم خيار الشعب، ويسير في معارضته من خلال برامج سياسية واقتصادية واجتماعية واضحة، دون اللجوء إلى فرض رغباته على السلطة الحاكمة من خلال استخدام الفوضى والفتن والعنف والتخريب. كما على «الحاكم» أن يستمع لأطروحات المعارضة ويستفيد منها، بل والتواصل مع المعارضة والحوار حول أي أطروحات منها قد تفيد في تنفيذ برنامجه أو تطوير برنامجه، بما يؤدي إلى تغيرات وتحولات إيجابية. وحين يختار الشعب من يحكمه ليس من حق الحاكم هذا أن يتعاطى مع المعارضة ك«مالك للسلطة»، ويخضع للضغوطات التي تلجأ إليها المعارضة، مثل «الفوضى والمسيرات والاعتصامات والعنف» وما شابه ذلك... ويقوم بالتفاوض مع المعارضة، ويستجيب للابتزاز السياسي لطبقات سياسية معارضة تطمع بمشاركته أو مقاسمته الحكم والسلطة، بعد أن رفضها الشعب في الانتخابات، لأن الحاكم المنتخب من حقه أن يستخدم كل حقه في سحق الفوضى والعنف والتخريب، وكل ما يمس استقرار وأمن ووحدة الوطن أرضاً وإنساناً، ويضعهم تحت تصرف القضاء ليقول فيهم كلمته، بدلاً من الاستجابة لابتزازهم السياسي.