الطاغية الإسبارطي «أجاممنون» لم يغزُ طروادة لأن الأميرة الإسبارطية «هيلين» هربت مع عشيقها الطروادي «بارس» ، بل لأن تلك الواقعة كانت الذريعة المُثلى لغزو وتدمير طروادة. حدث هذا في اليونان قبل ثلاثة آلاف من السنين عندما قررت العاشقة الولهانة «هيلين» سليلة الملوك والأمجاد أن تهرب مع حبيبها وزوجها اللاحق «بارس»، وبهذا تمت الزيجة الملكية بين ابن حاكم طروادة بارس وابنة حاكم اسبارطة هيلين دون موافقة الاسبارطيين، بل عن طريق الخطف الطوعي الذي كان سائداً في تلك الأيام. تالياً وكالعادة استعدت اسبارطة لمهاجمة طروادة بذريعة استعادة الأميرة هيلين “ المخطوفة “ والتي لم تتزوج وفق الأُصول المُتعارف عليها، وخلال حملات الكر والفر لعب «سليل الآلهة» والمحارب الصنديد «أخيل» دوراً كبيراً في إضعاف حملات الاسبارطيين، غير أنه وبعد مقتل أخيه الصغير على يد الطرواديين انقلب رأساً على عقب وذهب لطلب مبارزة البطل المغوار والقائد الشجاع «هكتور» ابن ملك طروادة الذي استجاب للتحدي ، وبعد مبارزة عنيفة قُتل هكتور على يد أخيل، وقام أخيل بسحله رابطاً جثته على عربة قتاله وساحباً إياه . كان مقتل هكتور بمثابة الصاعقة ونقطة الضعف الرمزية لقوة طروادة، غير أن طروادة سرعان ما استعادت منعتها وتصدّت للغزوة الاسبارطية، فأقدم « أجاممنون» قائد الاسبارطيين على خديعة اشتهرت تاريخياً باسم «حصان طروادة »، فقد أقدم الاسبارطيون على تقديم هدية للطرواديين كنوع من إبداء حسن النية، وكانت الهدية عبارة عن حصان خشبي هائل، ولم يتبادر إلى ذهن الطرواديين أن ذلك الحصان سيشكل مقتلاً لمملكتهم، تماماً كما كان « كعب أخيل» مقتلاً للمحارب المعجزة سليل الآلهة، فقد قتل أخيل بضربة سهم في كعب رجله التي كانت تشكل نقطة ضعفه المركزية، والحال فإن حصان طروادة كان مصدر دمار طروادة . في ليلة الاحتفال الكبير، وعندما كان الطرواديون يبتهجون بالنصر والسلم معاً، خرج الاسبارطيون وحداناً وزرافات من بطن الحصان الخشبي، وشرعوا يقتلون ويحرقون حتى وصلوا إلى الملك في قصره فأردوه قتيلاً ، وتهاوت مملكة طروادة، فيما خرج المُحبان اللذان كانا السبب الرمزي لدمار طروادة «بارس وهيلين» من نفق خاص كان أعد لمثل هذه الطوارئ. قصة الحب الكبير بين هيلين وبارس أدت إلى تدمير مملكة طروادة، وفي هذه القصة الرمزية التي تجمع بين الحقيقة والخيال إشارات كثيرة ، وحقائق ترقى إلى مستوى معقول اللامعقول. حصان طروادة : رمز الخديعة والمكر. كعب أخيل : دليل الضعف الذي يحيق بالأقوياء مهما كانت قوتهم. هيلين وبارس : رمز الكاسبين دوماً حتى وإن تدمرت الممالك والأمم . هيلين : معنى الحب عندما يستولي على قلب المرأة . بارس : معنى أن يكون الرجل «أبيقوريا» يعيش في ذاته وملذاته مهما كان الثمن. هكتور : الشجاعة والتضحية في أسمى درجاتها. أجاممنون : كيف أن الطاغية لايعدم الحيلة والفتيلة لشن عدوانه . اْلا يعيد التاريخ نفسه وتذكرنا هذه الحقائق بما يجري في العالم إلى يومنا هذا ؟!