وكأن الأممالمتحدة وأمينها العام الكوري الجنوبي بان كي مون قد حلوا جميع مشاكل العالم، وأصبحت شعوب العالم تعيش عصرها الذهبي رخاء اقتصادي، أمن واستقرار، والسلام يعم شعوب الأرض قاطبة،لا فقر ولا حروب ولا غلاء ولا مجاعة ولا أمراض قاتلة، حتى الإرهاب لم يعد له وجود، انتهت كل المخاطر والتحديات التي كانت تهدد معظم دول العالم بما فيها كوريا الجنوبية وطن الأمين العام للأمم المتحدة ومسقط رأسه أنهت نزاعها مع جارتها كوريا الشمالية وأصبح الوطن الكوري شماله وجنوبه وطناً واحداً لشعب واحد. لم نعد نسمع عن مأساة الصومال هذا البلد الافريقي الفقير المنسي من ذاكرة الأممالمتحدة إلا من تقارير عدد الموتى والمشردين والجياع، فهي حاضرة ومنذ سنوات.. كما لم نعد نسمع عن أطفال فلسطين المحاصرين والمجوعين والمقتولين ،فالأمين العام حسم ما كان يعرف بالصراع العربي الاسرائيلي وأصبح للفلسطينيين أرض ودولة،حتى دارفور والصحراء العربية ،وتشاد والكونغو وكشمير وأفغانستان والعراق تم حسم الصراعات والخلافات فيها وعاد الحق إلى أصحابه، وقبل هذا رفعت يد الوصاية الأمريكية على العالم وأصبحت أمريكا تعيش مثل غيرها من دول العالم بعد أن تخلّت عن مطامعها وهيمنتها على العالم ..وكل هذا بفضل الأمين العام للأمم المتحدة وحنكته وله الحق بعدما قدم أن يبتدع من الأيام مايريد، على الأقل من باب التسلية، وتجد شعوب العالم خصوصاً الشعوب العربية ما يشغلها ولو ليوم واحد بسبب ما تعيشه من فراغ، وكل ما على بان كي مون إلا أن يقوم بإطلاق مبادراته وأيامه العالمية، يوم لغسل اليد بالماء والصابون، ويوم لقص الأظافر ، ويوم لغسل الأرجل ويوم ..ويوم... أي سخافة هذه..!! أمين عام الأممالمتحدة ترك العالم يغرق في مشاكله وهمومه وحروبه ومجاعاته، ملايين الأطفال يموتون كل يوم بسبب الفقر والمرض والحروب...إلخ، وأزمة مالية تعصف بدول العالم وتذيق شعوبه ويلات وويلات وهو يدعو إلى الاحتفال باليوم العالمي لغسل اليد بالماء والصابون.. ألا يعلم هذا «البيكمون» أن هناك الملايين من سكان العالم لايجدون شربة ماء نقية تروي عطشهم وأن الصابون بالنسبة لهم يساوي كيس قمح يسد رمقهم.؟ والغريب في الأمر أن مسئولينا العرب استجابوا لهذه الدعوة وكان لهم شرف المشاركة في هذا التقليد العالمي وظهروا على شاشات الفضائيات وفوق صفحات المجلات والصحف وهم يغسلون أيديهم بالماء والصابون ويبتسمون لعدسات المصورين وكأنهم حققوا إنجازاً مذهلاً لوطنهم وشعبهم وقاموا بأعمال جبارة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين.. أحد المسئولين كان فرحاً جداً وهو يقف أمام المغسلة ويقوم بغسل يديه بالماء والصابون، لدرجة جعلتنا نشعر أنها المرة الأولى على الأقل منذ أن أصبح مسئولاً يغسل يديه بنفسه .. طبعاً كثير من المسئولين ليس في بلادنا وحسب بل في بلدان عدة عربية تركوا مشاغلهم وتخلوا عن مسئولياتهم ليتفرغوا لغسل أيديهم بالماء والصابون، ولكن هؤلاء المسئولين لا يجدون ولو ساعة واحدة لمتابعة أعمال إداراتهم ومكاتبهم في المحافظات وحثهم على العمل بأمانة ومسئولية والتخفيف من فسادهم المالي والإداري. وأتحدى أي وزير أو وكيل أو نائب وزير يقول إنه منذ توليه منصبه اتصل بمدير عام فرع الوزارة أو المصلحة يستفسره عن مشكلة حصلت وسمع بها أو تلقى شكوى أو قرأها في الصحف التي لا تخلو من مثل تلك المشاكل..فهم مشغولون جداً وإلا كيف يُطلق عليهم مسئولون. خلاصة القول دعوة بان كي مون هذه ذكرتني بدعوة الإمام للشعب أن يضعوا «قطران» في وجوههم في يوم معين من السنة حتى لا يخطفهم الجن كما قال لي أبي..فلا فرق إذاً بين إمام اليمن وأمين الأمم..فكلاهما يهدفان إلى التأكد من حقيقة واحدة.