في اليوم الأول قيل إن هناك «ضوءاً أخضر» من قبل بعض الحكومات العربية لاسرائيل، وفي اليوم الثاني كشف النقاب عن أسماء الدول التي استشارتها وزيرة خارجية اسرائيل قبل شن الحرب على غزة، وفي اليوم الثالث أكدت اسرائيل تلقيها اتصالات من أنظمة عربية تحثها على القضاء على «حماس» وفي اليوم الرابع كانت كوندليزا رايس تستعرض الهدايا الثمينة التي قدمها لها الملوك العرب، فتلك هي أيام العرب المخزية تتعاقب وصولاً إلى يوم النحر الاسرائيلي في غزة. إصرار بعض الأنظمة العربية على الاحتفاظ بعلاقات متينة مع اسرائيل، وتمسكها بسفارات ومكاتب اسرائيل الاقتصادية والتجارية على أراضيها رغم ازدياد الأوضاع سوءاً في غزة، ورغم ما تبين للعيان من حقد وتمادي في قتل الشعب الفلسطيني لم يكن سوى «فتوى» عربية صريحة بهدر دماء أبناء غزة، وإطلاق يد اسرائيل لفعل ما تشاء وما تراه مناسباً لمصالحها. أمس استثمرت اسرائيل تلك الفتوى العربية، وقررت تقليد العالم الإسلامي في مناسكه وشعائره الدينية بما يعرف ب«يوم النحر» أثناء الحج، فاختارت استبدال «الكباش» اليهودية بنفوس بشرية إسلامية بعد ان أصبح ذبح المواطن العربي المسلم لا يكلف أكثر من قيمة رصاصة أو شظية صاروخ طائرة أو قذيفة مدفعية. أمس احتفت اسرائيل بيوم النحر الذي بدأته بقصف عشرات البيوت في مختلف أرجاء غزة، وإبادة أسر فلسطينية بكامل أفرادها، وقبل نهاية نهار «يوم النحر» أدركت اسرائيل ان الوقت لن يسعفها لإتمام شعائرها الحربية والقضاء على مسلمي غزة ان ظلت تبيدهم بيتاً بيتاً، فباشرت بقصف مدارس «الاونروا» وكالة الإغاثة الدولية التابعة للأمم المتحدة التي بادرت الوكالة إلى جمع العوائل الفلسطينية بداخلها بعد أيام من مباشرة اسرائيل استهداف البيوت وليست معسكرات حماس. ولأن اسرائيل كانت «مخلصة» لنواياها، فقد كانت موفقة بقتل «24» مواطناً وإصابة العشرات جميعهم من النساء والأطفال بضربة واحدة لإحدى مدارس وكالة غوث الأممالمتحدة.. في نفس الوقت الذي واصلت قواتها البحرية والبرية حصاد أرواح الفلسطينيين داخل غرف نومهم.. ليكون يوم أمس الثلاثاء هو اليوم الأشد دموية في تاريخ العدوان الصهيوني على فلسطين. بكاء الآباء والأمهات الذين ظهورا على الشاشات يندبون مقتل جميع أفراد عوائلهم والأشلاء المعجونة بركام الدمار التي لم تجد من يبكيها غير الجيران ومشاهد الدمار والخراب الذي طال كل شيء فوق أرض غزة وتحتها، كلها لم تهز شعرة لأنظمة التطبيع التي مازالت تؤكد إخلاصها لعلاقتها مع اسرائيل، ورفضها استبدال المكاتب الاقتصادية الصهيونية ولو بأرواح ألف طفل فلسطيني مسلم، ومليون امرأة مسلمة تترقب دورها في يوم النحر الاسرائيلي في غزة. تختلج في نفوسنا العبرات، ولا نجد ما نكتبه غير التساؤل: ماذا تنتظر شعوبنا العربية الأبية حتى تطيح بأصنام التطبيع في بلدانها.. فهل ستختبئ في غرف النوم تنتظر دورها أيضاً في يوم نحر دولي جديد!؟.