افتح عيناي عند الفجر لألمح أول ما ألمح سقف غرفتي فأتممت بأذكار الصباح مداهمة كل مشاعر الألم والإحباط لِعلمي مسبقاً بأن هناك معاناة ما ستبدأ بعد قليل من خلال واقع لا يحتويني.. أمد يدي إلى هاتفي فضوؤه الخافت ينير لي الطريق إلى مفتاح الإضاءة الأشمل في غرفتي لأقذف به بعد ذلك بعيداً، فما كرهت نعمة من نعم التكنولوجيا كما كرهت نعمة الهاتف النقال...!!! أتحرك من سريري في اتجاه زهراتي، أبتسم حال رؤيتهن ولكني أرتعب حين أدقق في ملامحهن فأكتشف أنهن يشبهنني ...!! فأنا لا أريدهن أن يشبهنني...!! ولا أن يشبهن أي كائنٍ من كان.. فأنا أرسم لهن في خارطة مخيلتي كل دروب السعادة وأمنحهن تأشيرة الدخول إلى أرض الاستقرار والأمان.. لذا أرفض أن يشبهنني فتبتلعهن دائرة الشقاء فيمارسن نضالاً تحت صراع النضج، ونضجاً تحت صراع الكيد، وكيداً تحت صراع التحدي... لذا لاأريدهن أن يلمحنني وأنا أصطبغ بألوان الهم من جراء سرد تفاصيل تعري مساحة الرعب في داخلي فأرتعب أكثر وأكثر.... فلا أتذوق معهن لهفة الحب الحقيقي للوطن وأعجز أن أشرح لهن مفهوم “ إن الطامعين بثرواتنا لن يعجبهم استقرارنا “ فتبهُت كل وصاياي لهن عندما أوصيهن بوطنهن خيراً . وأردد دائماً: أوصيكنّ باليمن خيراً بأرضها، وسمائها، وطيورها، وترابها...بطرقاتها، ومبانيها، بتراثها، وتاريخها وأرضها خيراً...أوصيكنّ بالمساكن القديمة ببيت جدكن وتاريخه، بمنزلنا، وقططنا، وبأرجوحة الحبال خيراً... أوصيكنّ بوالدتي بقلبها الواسع وحضنها الدافئ خيراً.. أوصيكن بأبيكنّ، بحبه لكنّ، بفرحته يوم ولادتكنّ، بشوقه للقائكنّ، باجتماعنا كل مساء... أوصيكنّ بمكتبتي، وأقلامي، وبأوراقي، وكتاباتي، أوصيكن بأحبتي .......خيرا ً. آه... كم هي باهتة وصاياي وسط مجتمع لايعي حديث الحبيب المصطفى عندما قال: «استوصوا بالنساء خيراً» لذا أنا أوصيكنّ وأوصيكنّ بأن لاتشبهنني ...