كل المصائب والمشكلات وكل ما قد يخطر على بال إنسان من مخالفات أو سلبيات وسواها مما يرفضها العقل والمنطق سوف نجد أن هناك من يسعى جاهداً للاستفادة من ذلك الوضع والانتفاع منه.. فهناك من يحاول ويعمل للانتفاع من حالة الفوضى التي قد تحدث في زمن ما ومكان ما.. وأكثر من ذلك أن هذا الصنف من الناس لاتناسبه الأجواء الهادئة وربما شعر فيها باختناق وضاقت به الأرض كلما تراجعت أمواج الفوضى،وهدأت الأمور،وعلى هذا الأساس لابد من صناعة الفوضى ضماناً للمنفعة ولو على حساب القيم والأخلاق أو على حساب مجتمع أو وطن . ومن أمثله المنتفعين على هذا النحو تجار الأزمات من كل نوع وصولاً إلى تجار الحروب الذين تنطق تجارتهم على رؤوس البشر وكل الكائنات التي تتأثر بأدوات الخراب والموت،ويحلو لهم الجو كلما طال أمد الحرب واشتد الصراع لأن ذلك معناه المزيد من المنافع والأرباح، ولهذا نجد هؤلاء التجار على علاقة قوية بأسباب الصراع والحرب والفتن التي تقود نحو المزيد من الملاحم والمعارك التي تستهلك الكثير من بضاعتهم وهي أسوأ بضاعة يجري تسويقها وقبض ثمنها، لأن في الجانب الآخر من الصورة تحدث المذابح ويسقط القتلى والجرحى ويحدث الدمار ليطال كل شيء وكثيراً مانسمع عن الضحايا الأبرياء في الحروب. لا أريد أن أقارن هؤلاء التجار بتجار الأزمات في زمن السلم الذين ينتفعون من غياب السلع وتغييبها من أجل منافعهم التي تتعاظم كلما اشتدت الأزمة وقل المعروض من السلع وزاد الطلب وارتفعت الأسعار إلى حد الاشتعال ومايسمى بجنون الأسعار، ولاحظوا جيداً المسميات هنا وهي الاشتعال والجنون وقد أصبحت مرتبطة بالبيع والشراء والتجارة والأسعار وهي توحي بأن الأوضاع أصبحت غير طبيعية ولم تعد مقبولة إلا عند المنتفعين منها فقط.. ثمة من لايفوت على نفسه فرصة الانتفاع من كل مشكلة أو كارثة، فلايعنيه في كل ماقد يحدث غير منفعة يحققها على الماشي.. حدث أن شاهدت ذات مرة حادثاً مرورياً يوصف بالمروع حيث انقلبت السيارة على جانب الخط وتهشمت وسقط من فيها بين قتيل وجريح وتجمع الناس لإخراج المصابين وإسعافهم وكان أول الحاضرين واحداً من أصحاب مبدأ المنفعة أولاً وفيما كان الناس منشغلين بإنقاذ البشر وإسعافهم كان هو يفكر بشيء ما يسرقه في لحظات الكارثة وكان يدرك ما يريد، ولأن الناس في تلك اللحظات يفكرون بإنقاذ المصابين استغل الفرصة لممارسة هوايته في تحقيق المنافع ولو بهذه الصورة البشعة واللا أخلاقية التي لم يُكتب لها النجاح، حيث انكشف أمره فولّى هارباً تلاحقه الشتائم واللعنات، ومن المؤكد أنه سيسعى في حوادث قادمة لتحقيق مايريد ولعله كان يتمنى ويدعو الله أن تكثر الحوادث ويكثر الموت على الطرقات لغرض في نفسه أو مرض .. والانتفاع قد يكون بما يحدث تلقائياً ومنه مايدفع بأصحابه نحو اختلاف الأسباب وخلق الأجواء المواتية والملائمة لممارسة هذا السلوك القبيح، ولذلك كثيراً مايكون على حساب الناس وعلى حساب الغير فيلجأ المنتفعون إلى تدمير مصالح غيرهم لتحقيق مصالحهم ومنافعهم دون اعتبار لكون هذا العمل منافياً للقيم والأخلاق ودليلاً على انحطاط أصحابه الذين يمارسون سلوكاً غير مشروع بكل المقاييس والأعراف والتشريعات. خسر الجميع في حرب احتلال العراق حتى التاريخ طالته الخسارة وانتفع منها تجار الحروب والآثار وغيرهم من المنتفعين الذين وجدوا في هذا الوضع فرصة ذهبية لتحقيق المكاسب فأجازت لهم أخلاقهم ذلك رغم الكارثة التي حلّت ببلادهم وهم يتمنون أن يطول عمرها لتستمر تجارة المنافع الخاصة التي يزاولونها رغم الدمار والموت الذي لاتخلو معه تجارة أو بيع وشراء.. ولغياب الدولة في الصومال والوضع القائم فيها حالياً ومن قبل الكثير من المنتفعين خارج الصومال وداخله القراصنة أنموذجاً وهناك من يحاول الانتفاع بوجود القراصنة وكل مشكلة لابد مايطل المنتفعون من خلالها صغيرة أم كبيرة وفي كل مكان..