جالسا على حصيرة في منزله بين تلقي طلبات الأسلحه على هاتفيه المحمولين يرجع عثمان بري الفضل في المكاسب الكبيرة التي يحققها الى حرب الصومال. وقال بري (40 عاما) وهو واحد من نحو 400 صومالي يعملون في سوق الاسلحة الرئيسي بمقديشو " انا اعمل في تجارة السلاح منذ خمسة اعوام فقط لكنني بنيت ثلاث فيلات. كما فتحت متاجر لزوجتي الاثنتين". وأضاف " السلام يعني الإفلاس بالنسبة لنا". وعلى الرغم من الحظر الذي تفرضه الاممالمتحدة على الاسلحة للصومال تزخر البلاد الواقعة بمنطقة القرن الافريقي بالأسلحة من جميع أنحاء العالم والتي غذت واحدا من اطول الصراعات بأفريقيا. وفي احدث حلقة من الحرب الأهلية قاتل متشددون إسلاميون الحكومة الصومالية على مدار العامين الاخيرين مما أسفر عن مقتل 18 الف مدني. ويقول خبراء إنه يتم الاستيلاء على الأسلحة وبيعها وتداولها بشكل مستمر بين الجانبين. وجاء الكثير من الأسلحة من الجنود الاثيوبيين الذين تدخلوا في الصومال بين 2006 واوئل 2009. وكانت اتهامات قد وجهت لجنود قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي بتهريب الأسلحة وتقول هيئات اقليمية إن اريتريا وغيرها يمدون المتمردين بالأسلحة. ويقال ان الاسلحة ايضا تدخل عبر الحدود التي لا تخضع لسيطرة محكمة مع كينيا وجيبوتي واثيوبيا وتصل بالطائرات ومن خلال البحار التي تعج بالقراصنة المدججين هم أنفسهم بالسلاح. وسوق الاسلحة في مقديشو ما هو الا جزء واحد من سوق عالمي غير قانوني للأسلحة. وتقول منظمة مسح الاسلحة الصغيرة ومقرها جنيف إن هناك 640 مليون سلاح ناري في العالم على الأقل اي قطعة سلاح لكل عشرة اشخاص على وجه البسيطة. وثلث هذا الكم فقط في ايدي الجيوش او الاجهزة الامنية اما الباقي فموزع بين الميليشيات غير الحكومية او السكان. ويقول تجار مثل بري إن سوق ايرتوجتي الرئيسي في منطقة البكارة التجارية بمقديشو بها اكبر مخزون على الاطلاق وإن الأموال تتدفق على تجار السلاح. غير أن المجازفة بالتعرض للسطو او الغش كبيرة كما تتأرجح الأسعار بشكل كبير. وهي في أدنى مستوياتها الآن بسبب وفرة الأسلحة. ويقول بري " الشيء الجيد أن بضاعتنا لا تفنى... نحصل على الكثير من الأموال لكننا دائما في رعب". ويقول تجار إن من الممكن ان يتم اعتقالهم او حتى ذبحهم من قبل الإسلاميين اذا أمسكوا بهم خارج السوق. وقال بري " لكن داخل سوقنا نحن ديوك. هناك المئات من تجار التجزئة والجملة وكل منهم له أربعة حراس مسلحين جيدا". وروى أنه ذات مرة حمله اسلاميون ملثمون وعصبوا عينيه ونقلوه الى موقع مشهور لتنفيذ أحكام الاعدام حين وجدوه يحمل بندقية ام 16 امريكية طلبها قرصان. وبينما كانوا يضربونه بعقب بندقية جاء صديق له اتصالات جيدة مع حركة الشباب المتمردة وأنقذه. وقال بري " الحكومة أفضل من الإسلاميين فهم لا يقتلون الناس. يأخذون ممتلكاتنا ويسجنوننا لبضعة ايام فقط". وذكر تجار أنه في حين يأتي الاسلاميون الى السوق للشراء يتم توصيل الاسلحة للحكومة والمشترين الآخرين. وقال بري " نفكك الاسلحة ثم نأخذها سرا الى اي أحد يريد الشراء". وقال التجار إنه باستثناء المسدسات من اليمن وبنادق الكلاشنيكوف من كوريا الشمالية والقنابل اليدوية من إمدادات الحكومة فإن معظم الأسلحة مستعملة. ومن بين ارخص الأسلحة بندقية كلاشنيكوف هندية يبلغ سعر الواحدة منها 140 دولارا لكن المقاتلين ينتقدون رداءة نوعيتها مقارنة بالبندقية نفسها التي تنتجها كوريا الشمالية وهي مقاومة للحرارة وسعرها 600 دولار والروسية الخفيفة التي يبلغ سعرها (400 دولار). وعلى رأس الأسلحة الخفيفة يبلغ سعر اغلى مسدس وهو روسي الصنع الف دولار. وتباع القنبلة اليدوية مقابل 25 دولارا واللغم مقابل 100 دولار. وليس هناك نقص في مصادر تلك الاسلحة. وأظهر تقرير للكونغرس الامريكي عام 2006 ان نحو 70 دولة تنتج أسلحة صغيرة وخفيفة. ويشير مراقبون لصناعة الاسلحة الى أن معظم الاسلحة تصنع بشكل قانوني في مصانع كبيرة نسبيا لكن الكثير منها يتم تحويله من وجهاته المزمع نقله اليها باستخدام اوراق مزيفة. وفي مقديشو ليس تجار السلاح هم المستفيدون الوحيدون من الحرب. فمقابل 15 دولارا عن كل قبر يحفره يجني علي عثمان العامل بالمقابر المال في كل مرة ترتفع فيها حصيلة القتلى. وقال عثمان لرويترز وهو يدفن رضيعا " احيانا احفر نحو 20 قبرا وأمكث هنا حتى المساء". ويشير مصرفيون صوماليون الى أنه كلما اشتد القتال كلما زادت تحويلات الاموال بالبرق. وقال مصرفي " الشهر الماضي كان جيدا جدا بالنسبة لنا " مشيرا الى تأجج القتال في مقديشو. وتفيد تجارة الحرب ايضا باعة الألواح الحديدية حيث إنها أرخص من الخشب لصناعة النعوش. كما يتمتع تجار الأقمشة بتجارة اكفان نشطة. وقال محمد عبدي وهو صاحب متجر "يتم شراء لفات من هذه الخامة حين يموت الناس مثل الذباب... لكنني لا أستطيع ان أقول إنني سعيد بالموت لكن هذا حال الطبيعة".