الأحزاب والمترشحون هم اللاعبون الوحيدون في سباق المنافسة الانتخابية استناداً إلى ما هو نافذ من القوانين المنظمة للعملية السياسية والعملية الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية ولعبة التداول السلمي للسلطة.. قد يكون هؤلاء المترشحون ينتمون إلى أحزاب وتنظيمات سياسية حاكمة أو معارضة، وقد يكونون مستقلين متحررين من الانتماءات الحزبية؛ يختلفون في الوسائل والبرامج والسياسات والأيديولوجيات؛ ويلتقون على الاقتناع بالثورة والوحدة والديمقراطية والعدالة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة والدائمة والمستمرة من حيث هي أهداف وغايات استراتيجية جامعة لمن هم في الحكم ومن هم في المعارضة ومن هم حزبيون ومن هم مستقلون من المترشحين. الأنظمة السياسية الديمقراطية والأنظمة الانتخابية تختلف من بلد إلى آخر، ومن تجربة إلى تجربة أخرى، إلى حد التعدد والتنوع من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني، إلى النظام المختلط، ومن نظام الفائز الأول إلى نظام القائمة النسبية، إلى النظام المختلط الذي يأخذ أفضل ما في نظام الفائز الأول وأفضل ما في نظام القائمة النسبية رغم تنوعها. إلا أن الثابت والمؤكد عن تجربة أن لكل نظام من هذه الأنظمة السياسية والانتخابية مميزاته وعيوبه، إيجابياته وسلبياته التي تجعل الخيارات النوعية مفتوحة، ولكن عن فهم وعن دراسة مسبقة تحرص على الربط المستمر والدائم بين النظري وبين العملي، وبين الواقع وبين التجربة والممارسة العملية، والأخذ بأفضل الخيارات والمميزات ذات الإيجابيات الأكثر من السلبيات بعيداً عن الانتقائية الفئوية المرتجلة ذات السلبيات الأكثر من الإيجابيات التي تحمل للشعوب ما تتطلع إليه من الأمن والاستقرار والرخاء والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية. أقول ذلك وأقصد به أن اللاعبين السياسيين مطالبون دائماً بتقديم ما هو واعد ومفيد من المصالح الوطنية المشتركة والجامعة الباقية على المصالح الأنانية الذاتية الزائفة والزائلة التي لا تخلّف للشعوب سوى الصراعات والحروب الدامية والمدمرة للوحدة الوطنية وللأمن والاستقرار والسعادة الناتجة عن المكايدات والمزايدات السياسية والاعلامية التي لا تخلف سوى الفقر والجهل وما بينهما من التداعيات العنيفة والغادرة والأحقاد والكراهية السياسية والمناطقية ذات الميول والنزعات الأسرية والعشائرية والقبلية والمذهبية والحزبية المقيتة، التي تتنافى مع حق الشعوب في المواطنة المتساوية وفي الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية والتنمية والسلام الاجتماعي والسيادة المجسدة للرخاء والرفاهية الاجتماعية الموجبة للاختلاف الباحث عن بناء اليمن الجديد في نطاق الوحدة المستندة إلى القديم والجديد. أما أن تسود بين الأحزاب والتنظيمات السياسية تلك النزعات التنافسية الهدامة والمدمرة لما هو ممكن من الطاقات والإمكانيات المتاحة والمحدودة بحثاً عن المستحيلات التي تتخذ من المبالغات المطلبية كلمة حق لتمرير ما هو باطل من الأفكار والنظم السياسية الباحثة عن النجاحات السهلة في جدار المستحيلات؛ فذلك أسلوب انتهازي رخيص لا يتفق مع الأهداف والغايات النبيلة؛ وهو الضياع الذي يبحث عن النجاح في مدارب المستحيلات وفضاءاتها السرابية التي لا تخلف سوى الفشل وما ينطوي عليه من الإهدار لكل الممكنات المتاحة. أقول ذلك وأقصد به أن المتحاورين لابد أن تتوفر لديهم مقادير كافية من النوايا الحسنة الموصلة للجميع إلى بر الأمان وما ينطوي عليه من حسن استغلال ما لدى الشعب والوطن من الموارد والخيرات الحياتية والحضارية التي لا تتنافى مع الحرية والديمقراطية والحق والعدل، لأن الأصل في نجاح أية عملية حوارية أن توازن بين المتطلبات المادية للتنمية الاقتصادية والمتطلبات المعنوية للتنمية السياسية؛ تكون هذه الأطراف محتكمة إلى فضيلة النوايا الصادقة والحسنة بعيداً عن التمترس خلف ما هو كريه من ذميم وقبيح وسوء النية المجردة من المصداقية والموضوعية والطاردة للثقة بين جميع الأطراف. ومعنى ذلك أن سوء النية الذي يمارس الشطارة بأسلوب الدجل ويتخذ من المطالبة بأفضل ما في الأنظمة السياسية والانتخابية مبررات ظاهرها الرحمة الناتجة عن حسن النية وفي باطنها العذاب المعبر عن سوء النية الذي يحاول تفصيل المنظومة الدستورية والقانونية على ما لديه من المقاسات القبلية المحكومة باللحظة الزمنية الآن دون صلة بما قبلها من اللحظات الماضية ودون قدرة على الاتصال بما بعدها من اللحظات المستقبلية الواعدة. فذلك هو الاحتيال الذي له بداية من الممكنات الواعدة باحتمالات غلبة النصر على العمل المبنية على المصداقية والموضوعية وليس له نهاية بحكم ما يبحث عنه من الأوهام السرابية المبنية على عدم المصداقية وعدم العقلانية في ركاب الخيال المفرط بالاستغلال والاستهبال الذي تتقدم فيها تداعيات الفشل على دواعي الانتصار والتداعيات الواعدة بالمستحيل على التداعيات الواعدة بالممكن. الذين يقولون إن النظام البرلماني أفضل من النظام الرئاسي يتناسون أن هذا النظام أو أحسن ما فيه موجود في النظام الحالي الذي يجمع بين أفضل ما في النظامين معاً الرئاسي والبرلماني، مثلهم مثل الذين يطالبون بالنظام الرئاسي ويصفونه بأنه أفضل من النظام البرلماني والنظام المختلط يقعون بنفس الخطأ الذي يتجاهل ما في النظام النافذ من إيجابيات تأخذ بأفضل ما في النظامين البرلماني والرئاسي. ومعنى ذلك أن الجمع بين أفضل ما في نظام الفائز الأول وأفضل ما في النظام النسبي يمثل الممكن ويمثل الأفضل بعودة الطرفين إلى النظام المختلط الذي يمكن لطرفي الحوار الاتفاق عليه دون حاجة إلى ربطه بالنظام الرئاسي أو بالنظام البرلماني الذي يوازي النظام السياسي المختلط ويتكامل معه ولا يلغيه، على افتراض ان المشترك أو الغاية بين طرفي العملية الحوارية يهدف بحسن النية إلى تطوير النظام الانتخابي والارتقاء به إلى مستوى النظام السياسي المختلط؛ مع شيء من المراجعة الباحثة عن توازن السلطات والصلاحيات الموجبة للتكامل بين صاحب الأغلبية البرلمانية وصاحب الأغلبية الرئاسية على فرض أن تصل المعارضة إلى البرلمان بالأغلبية التي تمكنها من تشكيل الحكومة، ويبقى صاحب الأغلبية الحالية في موقع رئيس الجمهورية مع شيء من إعادة النظر في الصلاحيات والاختصاصات التي تجنب البلد مغبة العواقب الوخيمة لأية مصادمات ناتجة عن تناقض الاختصاصات وتضاد السلطات منعاً لأية نوايا انقلابية تهدد الوحدة الوطنية وتلغي هدف التداول السلمي للسلطة كما حدث بين فتح وحماس، وبما يحقق التكامل والتكافؤ وإيقاف الفساد. أخلص من ذلك إلى القول إن التمديد يحتاج من طرفي العملية السياسية إلى تبادل التنازلات الحوارية والتوقف عند الممكنات وعدم الربط بين الممكن من التعديلات وبين المستحيلات التي تجعل الحوار غير مجدٍ؛ لا يخلف سوى المزيد من الإشكالات والمصادمات التي يتضرر منها الجميع جراء الاستخدام المتعسف للعبة التعددية الهادفة إلى تحقيق التداول السلمي للسلطة ولا يستفيد منها سوى أعداء الثورة والجمهورية وأعداء الديمقراطية والتنمية الشاملة. وأخيراً لابد للتعديل من أن يطالب بإزالة ما في الدستور من قيود الفترتين باعتبار الرئيس علي عبدالله صالح هو من أكدت التجربة بأنه رئيس لكل الأحزاب، ورئيس لكل اليمنيين قبل وبعد أن يكون رئيساً للحزب الحاكم الذي يشاركها نفس القناعة.