ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    فخامة الرئيس بن مبارك صاحب القدرة العنكبوتية على تحديد الضحية والالتفاف    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    كرة القدم تُلهم الجنون: اقتحامات نهائي دوري أبطال أوروبا تُظهر شغف المُشجعين    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    ما خطورة قرارات مركزي عدن بإلغاء العملة القديمة على مناطق سيطرة الحوثيين؟.. باحث اقتصادي يجيب    "إنهم خطرون".. مسؤول أمريكي يكشف نقاط القوة لدى الحوثيين ومصير العمليات بالبحر الأحمر    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    غدر به الحوثيون بعدما كاد أن ينهي حرب اليمن.. من هو ولي العهد الكويتي الجديد؟    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    مشهد رونالدو مع الأمير محمد بن سلمان يشعل منصات التواصل بالسعودية    تنديد حقوقي بأوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    شاهد: مقتل 10 أشخاص في حادث تصادم مروع بالحديدة    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الامتحانات.. وبوابة العبور    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبادرة الرئيس لاينبغي النظر إليها من الزاوية الحزبية الضيقة
نشر في الجمهورية يوم 25 - 10 - 2007

في حين يختلف الوضع في بلدان الديمقراطيات الناشئة حيث ينشغل الناس في المعتركات السياسية الصعبة، بدافع الحرص على تطوير التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة، ولاينظرون للتنمية الاقتصادية إلا من زاوية اهتمامهم بالتنمية السياسية كغاية مجردة، بغض النظر عن إهمال ماتحتاجه العلاقة الجدلية بين السياسة والاقتصاد من العناية والرعاية والأولوية، لأن من يملك السلطة يملك الثروة، هناك في ذلك العالم الدائم الحركة والتغيير والتطور، تستطيع الشعوب أن تعيش بدون سياسة، لكنها لا تستطيع أن تعيش بدون اقتصاد، لأن من يملك الثروة يملك السلطة فتجعل الأولوية للاقتصاد على السياسة رغم مابينهما من العلاقة..وهنا في البلدان الديمقراطية الناشئة - الأقل حركة والأقل فاعلية وقدرة على التغيير والتطور - لاتستطيع الشعوب أن تعيش إلاّ في الدوامة الصاخبة والمضطربة للتعددية، فتجعل الأولوية للسياسة، باعتبارها أقرب وأسهل الطرق الموصلة للثروة، عن طريق السيطرة على الحركة الاستثمارية والشراكة غير المشروعة للموارد الاقتصادية تحت شعار «السياسة أولاً» وبعدها الاقتصاد، رغم ماتمليه عليها الحاجة من أولويات اقتصادية واجتماعية ملحة توجب على السياسيين وضع مالديهم من الطاقات والامكانيات في خدمة العملية الاقتصادية.
هناك تنشغل الأحزاب بالعمل أولا،ً ولاوقت لديها للانشغال بالتفلسف والمجادلة والمزايدة والمكايدة الايديولوجية، من منطلق اقتناع الجميع أن الأولوية للاختراعات والابتكارات التكنولوجية والإلكترونية العلمية، ولاتترك للسياسة سوى أوقات محدودة، تبدأ ببداية الدورة الانتخابية التنافسية وتنتهي بانتهائها، بعد أن تكشف بها الأحزاب الحاكمة والمعارضة، عما لديها من برامج انتخابية تنافسية، عبر مالديها من الوسائل الإعلامية المختلفة، حيث تحتل المسألة الاقتصادية والاجتماعية الخدمية والمعيشية الصدارة والأولوية المحورية الملحة، إلى درجة لايكاد فيها الزائر أو الوافد إلى هذه البلدان يعلم أن هناك تعددية حزبية وتداولاً سلمياً للسلطة، إلا في أوقات الدورات الانتخابية وماتستوجبه الدعاية الانتخابية من حملات تحتل الأولوية في الوسائل الإعلامية.
أما هنا حيث تشتغل السياسة والصحافة بالتفلسف أولاً، وبعده العمل، لا وقت لديها تهدره في الانشغال بالأمور الاقتصادية وماتوجبه من الخطط والبرامج والسياسات ذات الصلة بأخر وماصل إليه العلم من المبتكرات الجديدة للثورة الصناعية، لأن الدولة غنيمة وليست مجرد وسيلة لتحقيق ماتحتاجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية من التخطيط والتنفيذ في عصر يقال عنه عصر «الثورة الصناعية العملاقة» و«عصر العولمة والتجارة» في عالم مابعد الذرة والخلية من الإلكترونات والجينات في البلدان المتخلفة والأخذ بالديمقراطية.. أينما ذهبت لا تجد سوى الحديث الصاخب عن التعددية السياسية والحزبية وحلم التداول السلمي للسلطة والمطالب الدائمة للمعارضة المتفرغة للتشكيك بعمل الحكومة، والحكومة المشغولة بالتصدي للمعارضة، عبر سلسلة من الفعاليات والاعتصامات الحزبية المكلفة، المهدرة للوقت في متاهات الصراعات الجانبية.. لايهم الجميع مايترتب على تلبية المطالب من الأموال على حساب التنمية بدافع الرغبة المتناقضة بين الظاهر المعلن الذي يزايد على أفضل الأنظمة الحاكمة والأنظمة الانتخابية، وبين الباطن المستتر الذي يطالب بقسط معقول وغير معقول من السلطة والثروة كغنيمة ظفر بها افترسها ولو إلى حين من الوقت..الذي يغادر الثقافة الشمولية إلى الثقافة الديمقراطية والأنظمة الانتخابية وأنظمة الحكم الموصلة بسهولة إلى السلطة على نحو نوجزه بالآتي :
1 - يعلم الجميع انه لاوجود لأنظمة ديمقراطية وانتخابية كاملة وأنظمة حكم وأنظمة انتخابية ناقصة في العالم، وفي التاريخ الحديث والمعاصر ويعلمون أيضاً إن للنظام الرئاسي رغم ايجابياته مميزاته الكثيرة، له عيوبه وسلبياته. وان للنظام البرلماني ونظام القائمة النسبية له هو الآخر مميزاته وعيوبه. وأن مابينهما من النظام المختلط لايخلو هو الآخر من العيوب والمميزات مثله مثل نظام القائمة الفردية، وأن الأصل يعود إلى القناعة وحسن الممارسة وسلامة النية المعبرة عن مطالب متطابقة الظاهر والباطن، تحرص على تقديم المصداقية كمدخل إلى الثقة وتتخذ من الديمقراطية صمام أمان لحماية الوطن ووحدته وحسن استثمار ماينطوي عليه من الموارد والثروات.
2 - ويعلم الجميع ان كل شيء في الكون والإنسان من مابعد الذرة والخلية من الالكترونات والجينات يخضع للجدل وقوانين النسبية مثله مثل ماحققته البشرية وفكرت فيه واكتسبته من العلوم والفنون والتقنيات والنظم والدساتير والقوانين والايديولوجيات والأفكار والنظريات السياسية والديمقراطية عملية ناقصة رغم مايبدو عليها من التطور إلى الأفضل.
ويؤمنون أن الكمال صفة من صفات الله الخالق للكون والإنسان وهو وحده العالم بماكان وماهو كائن وماسوف يكون دون غيره من المخلوقات الناقصة المادية الجامدة والحية والعاقلة الخاضعة للتخارجات الزمانية المترابطة والتعقيدات المكانية المركبة وان الانسان العاقل صاحب علم محدود وفاعلية محدودة قياساً إلى علم الله وفاعليته الخارقة.
3 - ويعلم الجميع ان لكل شعب من الشعوب وأمة من الأمم خصوصياتها وثقافتها المحكومة بمالديها من الهوية الوطنية والقومية والاسلامية لكنه رغم حرصه على الأصالة لايستطيع أن يعزل نفسه عما يجري من حوله وفي العالم من تبدلات علمية وتكنولوجية سياسية واقتصادية قابلة للانتقال والاستطارة من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان بحثاً عما هو ايجابي من التجارب الانسانية الناجحة والناضجة بعقل مفتوح وقلب عامر بالاستعداد للحب المعبر عن الاحترام للآخر رغم الاختلاف معه في عصر أصبح فيه العالم مدينة واحدة، إذا لم أقل غرفة واحدة بحكم ما أحدثته ثورة الاتصالات والقنوات الفضائية وتقنية المعلومات من منجزات كأنها المعجزات. قضت على الحواجز المكانية وذوبت المسافات والتعقيدات المكانية وطورت العقول الجامدة والمتخلفة وجعلت العلم بكل مخترعاته ومبتكراته التكنولوجية والالكترونية شركة بين الشعوب والأمم مثله مثل الأنظمة الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وحقوق الانسان وحرية الصحافة.
4 - ويعلم الجميع ان هناك ثورة سياسية هائلة لاتقل تطوراً عن الثورة الاقتصادية العملاقة التي غيرت وجه التاريخ وحققت منجزات كان ينظر إليها بانها ضرب من ضروب الاحلام والأساطير الخرافية تفرض نفسها على حياة الشعوب وحقها في الحرية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المحققة للسعادة المنشودة.
5 - ويعلم الجميع ان الايديولوجية اللبرالية قد حققت الكثير من التبدلات الديمقراطية إلى درجة طغت فيها على غيرها من الايديولوجيات وفرضت نفسها على جميع الثورات المستندة إلى قوة الشرعية الثورية المفروضة بقوة السلاح في مرحلة اطلقت عليها مرحلة الشرعية الدستورية القائمة على الشرعية الانتخابية للدولة بكل ما لديها من السلطات ولان التجربة الديمقراطية اليمنية قد ولدت مرادفة للوحدة كأحد أهم المنجزات العظيمة للثورة اليمنية مثلها مثل غيرها من التجارب الديمقراطية الناشئة التي تتطلع إلى الانتقال من النظام الرئاسي النيابي المختلط إلى الأفضل لمزيد من الفعاليات الحوارية بدافع الحرص على التطوير.
6 - يعلم الجميع ان الرئيس علي عبدالله صالح صاحب دور عظيم ليس في قيادة التحول من مرحلة الشرعية الثورية وماقبل الوحدة التي كانت فيها القوات المسلحة هي أداة التغيير الوحيدة للقيام بالثورات إلى مرحلة الوحدة اليمنية والديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الانسان. وانه الوحيد الأقدر على قيادة التجربة الديمقراطية الناشئة من النظام المختلط إلى النظام الرئاسي ومن نظام المجلس النيابي الواحد إلى نظام المجلسين والغرفتين التشريعيتين الاقدر على مشاركة ومراجعة السلطة التنفيذية ومن السلطة المحلية الناقصة الصلاحيات إلى الحكم المحلي الواسع الصلاحيات الذي ينتخب فيه مدراء المديريات ومحافظو المحافظات ومن الفترة الطويلة لمدتي الرئاسة ومجلس النواب إلى الفترات الزمنية القصيرة المواكبة لمايحدث في البلدان الديمقراطية الناضجة والمجربة للتداول..إلى غير ذلك من استناد مهمة ترشيح المرشحين لعضوية اللجنة العليا للانتخابات إلى السلطة القضائية المستقلة عن الاحزاب نهاية بإشراك المرأة بنسبة 15 ? في عضوية مجلس النواب فقد كشفت العمليات الانتخابية عن خيبة أمل كبيرة.
7 - يعلم الجميع ان مبادرة فخامة الأخ الرئيس قد استوعبت ماقبلها من المبادرات والمطالب الحزبية حاكمة كانت أو معارضة التي تقدمت بها الاحزاب والتنظيمات السياسية الحاكمة والمعارضة. وان الرئيس قد وعد بها الهيئة الناخبة في برنامجه الانتخابي الذي منح الثقة بموجبه باعتباره رئيساً لكل اليمنيين بمافيهم اولئك المنتمون للاحزاب والتنظيمات السياسية في المؤتمر والمشترك والمجلس الوطني للمعارضة على حد سواء وبالطبع فإن هذه المبادرة لم تكن وليدة اللحظة التي ولدت فيها باعلان المبادرة بقدر ماهي وليدة فترة طويلة من التفكير والانفتاح على التجارب الديمقراطية الناضجة والدراسات المقارنة بين الأنظمة ناهيك عن الخبرة العملية الطويلة التي اقنعت الرئيس صالح بأن النظام الرئاسي أفضل من غيره من الأنظمة وأن الانتخاب الحر والمباشر لمدراء المديريات والمحافظين وأعضاء مجلس الشورى أفضل من التعيين. في مرحلة من الزهد عن السلطة متقدمة على ماسبقها من المراحل ناهيك عن حرصه على تحويل الأقوال والوعود النظرية إلى واقع عملي يحفظ له مايحتاجه من الثقة والمصداقية بين صفوف الملايين من قاعدته الشعبية الواسعة.
8 - يعلم الجميع أن كل مبادرة هي مجموعة من الأفكار والمقترحات القابلة للحذف والإضافة عبر الحوار قبل أن تصبح مشروعاً جاهزاً تقدمه الحكومة إلى مجلس النواب. لذلك كانت دعوة الرئيس موجهة للشعب بكل هيئاته ومنظماته الحزبية والمدنية وكافة رجال السياسة والصحافة والثقافة والفكر والقانون بمافيهم اولئك المستقلون الذين لاتربطهم أي انتماءات حزبية أو نقابية أو مهنية. من المشتغلين في المعاهد والكليات العسكرية والجامعات العامة والخاصة ومراكز الدراسات والبحوث المختلفة..يندرج في نطاقهم ممثلو الحزب الحاكم وممثلو أحزاب اللقاء المشترك الذين يديرون حوارات مغلقة شبه سرية خلف الكواليس لم تصل إلى نتيجة عملية محسوسة وملموسة وقابلة للتعديل عبر قنواته الدستورية.
10 - لقد أراد الرئيس بذلك الاسلوب وبتلك الشفافية أن يرتقي بالمبادرة من الأساليب شبه السرية الحزبية المغلقة إلى الاساليب العلنية ومن نطاق العصبيات الايديولوجية المتناقضة إلى فضاءات الوطن والعلنية المتحررة من أجل حوارات مفتوحة تدار بعقليات مستنيرة وحريصة على توسيع نطاق المشاركة الشعبية وتطوير المنظومة الدستورية والقانون من ساحة المواطنة الثابتة وغير القابلة للتمييز الناتج عن طغيان الخاص على العام متجاوزاً بذلك كل المعوقات الناتجة عن اختلاف الارتباطات والولاءات الصغيرة حزبية كانت أو أسرية أو عشائرية أو قبلية.. مناطقية جهوية كانت أو مذهبية طائفية. تنظر للسلطة بأنها غنيمة وغاية لذاتها.
11 - يعلم الجميع أن المبادرات التي تصدر عن رئيس الجمهورية الحاصل على ثقة الهيئة الناخبة هي مبادرات قابلة للحياة وليست من المبادرات الحزبية القابلة للموت غايتها تقوية سلطات وصلاحيات الهيئة الناخبة لتجسد المعاني العظيمة للديمقراطية الحقة «حكم الشعب نفسه بنفسه» باعتبار الشعب هو المصدر الوحيد للسلطة والانتخابات بوابتها الوحيدة. القابلة للتنافس على قاعدة التكافؤ بين جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية والمستقلين..وطالما كان الأخذ بأفضل التجارب هو الغاية الجامعة الموجبة للحوار، فإن على أطرافه السياسية أن يتجردوا من مصالحهم فلا يحاول المؤتمر أن يظهر بأنه صاحب المصلحة الوحيدة في المبادرة وأن يبدي مالديه من الملاحظات مثله مثل غيره من الأحزاب مطلوب من جميع الاحزاب أن يتجردوا عن مواقعهم مؤقتاً.. ولاينظروا للتطور من واقع المصلحة الخاصة أي أن يتجرد من هم في الحكم من مصلحتهم الآنية.
ويتجرد من هم في المعارضة من مخاوفهم ومن حساباتهم الضيقة التي تحصر وجهة نظرهم في نطاق ماهو آني من المصالح المحتملة.. طالما كانت غاية الجميع التداول السلمي للسلطة أي أن يتعامل صاحب الأغلبية مع المبادرة أنه في المعارضة وأن يفترض صاحب الأقلية أنه في الحكم.. بأن مالايمكن للمعارضة أن تقبله اليوم ،قد يكون بامكانها أن تقبله في الغد ومالايمكن للسلطة أن تقبله اليوم قد تقبله في الغد طالما اتفق الجميع أن السلطة متغيرة ودوارة وأن المواطنة هي الثابتة التي تستمد من الدستور والقانون ماتحتاجه من الأسس الراسخة المنظمة والمساواة غير القابلة لأي شكل من أشكال التمييز والتفرقة والظلم والعنصرية والمناطقية والقبلية..في اطار التجرد من المؤشرات السياسية والاقتصادية التالية للمواطنة يفترض الانطلاق من الهوية اليمنية والعربية والاسلامية قبل الهويات الايديولوجية والعصبيات الحزبية والمهنية التي ينحدر منها جميع المتحاورون دافعهم الأول والأخير تطوير مالدينا من منظومة دستورية وقانونية منظمة للحياة والحرية بين أبناء الشعب اليمني الواحد في الجمهورية اليمنية التي ورثت ماقبلها من الجمهوريات النظرية.. بماهم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات متناسين عن اقتناع قدر الامكان لمالديهم من المواقع الحزبية والسياسية في السلطة والمعارضة ومابينهم من الخلافات الفكرية حتى يمكنهم الاتفاق على تعديلات دستورية واصلاحات سياسية وموضوعية لاتفهم أنها خاضعة للانتقائية أومفصلة على مقاس الأشخاص والجماعات والأحزاب لأن التشريعات ذات أعمار أطول من الفترات الزمنية الفاصلة بين دورتين انتخابيتين رئاسية كانت أو برلمانية أو محلية من يستفد منها اليوم بثقة الهيئة الناخبة فقد لايساعده الغد على المحافظة على الثقة وهكذا في دواليك من الحركة والتطوير.
ولنا في ذلك أن نعود إلى عمر التجربة الديمقراطية اليمنية منذ اللحظة الأولى لأول عملية انتخابية تنافسية برلمانية وحتى اليوم وسنجد الاشتراكي والإصلاح اللذين كانا من المشاركين بالتفصيل والشخصية أكثر المتضررين في موقع المعارضة مما شاركوا به بفاعلية في موقع الحكم وسينطبق الأمر ذاته على المؤتمر الشعبي العام في الغد عندما تفرض عليه الهيئة الناخبة أن يصبح معارضاً بعد أن كان حاكماً وصاحب الأقلية بعد أن كان صاحب أغلبية أي أنه مطالب أن يتعظ من الذين سبقوه، أن التفصيل والشخصنة لايمكن أن تكون الوسيلة المثلى لتطوير الممارسة الديمقراطية الدائمة والمستمرة..إن الحزب أوالتنظيم السياسي الذي لايحكم بعقلية من سيعارض في الغد لايمكن أن يكون على قناعة بأن المشكلة والحل تكمن في الاستناد إلى أفضل مافي الديمقراطية من الأنظمة والدساتير الديمقراطية غير القابلة للتغيير بالأساليب البسيطة والطرق السهلة وماينطبق على حزب الأغلبية الحاكم ينطبق على احزاب الاقلية البرلمانية والاحزاب الذين لاتمثيل لهم بالبرلمان من معارضة ولكن بعقلية من سيحكم في الغد دون حاجة إلى تجاوز المعقول والمقبول في خطاباتهم السياسية والاعلامية الناقدة والمعارضة لصاحبة الأغلبية الحاكمة.. كأن يلجأ إلى الاثارة الاعلامية وسوء ممارسة الحقوق والحريات دون سقف من الشعور بالمسئولية المعبرة عن يقظة الواجب الوطني الملازم للحق حتى لايكون في المستقبل مطالباً من معارضيه بانجاز بالمستحيلات الأقرب إلى المعجزات منها إلى الممكنات القابلة للتحقيق..إن الحزب أو التنظيم السياسي الذي يؤبد نفسه في الحكم أوفي المعارضة لايمكنه أن يزعم بأنه يمارس في قناعاته نوعاً من أنواع الديمقراطية المشروعة بدافع الحرص على التعدد والتنوع والتداول وماينطبق على صاحب الأغلبية من واجب تجاه صاحب الأقلية البرلمانية أوالمحلية ينطبق على صاحب الأقلية الذي يمارس التهميش والالغاء للاحزاب الصغيرة التي لم تصل إلى أي تمثيل في الانتخابات البرلمانية والمحلية، لأنه يستغل مالديه من الأصوات والممثلين لممارسة الإلغاء والتهميش بحق منهم أصغر منه وكأنه يفرغ مالديه من عقد إقصاء الأغلبية على نحو يدفعهم إلى مغادرة ساحة المعارضة والعمل مع صاحب الحكم الذي تحتم عليه مصلحته أن يستخدمهم أبواقاً بثمن بخس جداً مع الرغبة في إدانة المعارضة والاستدلال على عدم اقتناعها بالتعددية الحزبية لفرض كبريائه ودعم سلطاته وتطويل ديمومته في السلطة باعتبارهم اصحاب أقلية عاجزة عن التأثير الإيجابي أو السلبي في الأحداث في أى مبادرات أو تعديلات دستورية أى يسيء استخدام ماله من الحق دون احساس بما عليه من الواجب تجاه المعارضة بهدف اسكاتها ومساومتها على دعم استخدام ماهو مخول لها من الصلاحيات والسلطات الدستورية.. أى أن الحق يتحول في غياب الواجب إلى نزعة مستبدة وشمولية ومسيئة للتجربة الديمقراطية أياً كان النظام المتبع وسواء كان نظاماً خليطاً من الرئاسي والبرلماني أو كان نظاماً رئاسياً أو كان نظاماً برلمانياً لكل منهما الكثير من المميزات والكثير من العيوب لا أعتقد بأن لهما علاقة بالأزمات الة القابلة للتحول من نظامها القابل للمعالجة إلى أزمة اقتصادية صعبة المعالجة، وهكذا نصل مما تقدم إلى أن تجربتنا الديمقراطية الناشئة لا تعاني من خلل في المنظومة الدستورية والقانونية لكنها بحاجة إلى تطوير نفسها من أجل حيوية وفاعلية وتداول أكثر، لكن الاهتمام بالتنمية السياسية لايعنى عدم الاهتمام بالإصلاح، الخلل الذي تعاني منه التنمية الاقتصادية ناتج عن تراكم الفساد بصورة تؤثر سلباً على ما لدينا من المصداقية ومانحتاجه من الثقة في بعضنا البعض الموجبة لتقديم علاقة التعاون والتفاعل والتكامل البناءة على علاقة المتناقضة والتضاد الهدامة، وما تسفر عنه من تراكم الأحقاد والبؤس القابلة للانفجارات المدمرة لوحدة الوطن والشعب المضيعة للوقت والمهدرة للجهد والمبددة لما لديه من الطاقات والإمكانيات في متاهات الدروب الفرعية والصراعات الهامشية التي تضيف فساداً إلى فساد ومعاناة اجتماعية واقتصادية غير المحتملة إلى ماهو محسوس وملموس من المعاناة المحتملة بدافع الخوف على السلطة أو بدافع الطمع فيها من خلال جدل عقيم وصراع حاد بين الحزبين المتصارعين الأول والثاني اللذين ينظران إلى السلطة بأنها غنيمة وأن من ظفر بها افترسها ويسعيان للاستعانة ببقية الأحزاب والتنظيمات السياسية المستبعدة والمهمشة من كل الحسابات في الظروف العادية والسهلة التي لا وجود لها إلا في حسم الصراعات الطارئة في الظروف الاستثنائية الصعبة أقول ذلك وأقصد به أن المهام الملمة حسب المطالب المعلنة لأحزاب المشترك لايجب أن تنحصر فقط في نطاق المطالب السياسية الأقرب إلى المطالب الذاتية منها إلى المطالب الاقتصادية والاجتماعية الشعبية والموضوعية المحسنة لموقفه لاينبغي أن تكون سبباً يمنعها من المشاركة في إثراء المبادرة واظهارها أنها مبادرة مؤتمرية 100 ? رغم علم الجميع أن المؤتمر له الكثير من التحفظات حول الكثير من المقترحات التي تحد من صلاحياته وتمنع رئيسه من تعيين كوادره في فترة حكمه.
لابد للمطالب الذاتية الأنانية من التراجع لصالح المشترك من المطالب الموضوعية بدافع الحرص على تطوير العملية الديمقراطية ولايمكن لأي عملية تحاورية أن تقدم النجاح على الفشل إلاّ من خلال استعداد الجميع لتبادل التنازلات عبر الحوار بصمت ونكران للذات وتغليب الولاء للوطن والشعب اليمني على الولاءات الحزبية الضيقة ذات الآفات المغلقة.
أخلص من ذلك كله أن مبادرة رئيس الجمهورية ليست مبادرة المؤتمر الشعبي العام وليست مبادرة أحزاب اللقاء المشترك وليست مبادرة غيرهم من الأحزاب الأخرى داخل وخارج المجلس الوطني للمعارضة ومجلس النواب، الممثلين وغير الممثلين لاينبغي النظر إليها من الزاوية الحزبية حتى لاتصدم بعصبيات رفض حزبية مضادة تساويها في القوة وتعاكسها في الإتجاه لكنها لاتخلو من أفكار مشتركة استلهمها رئيس الجمهورية بحكم موقعه من جميع الأحزاب ومن جميع منظمات المجتمع المدني ومن الشخصيات الوطنية المستقلة من انفتاحه على التجارب الإنسانية للديمقراطيات الناضجة ومن المظاهرات والمسيرات الجماهيرية المطالبة بالحق وحتى المطالبة بالباطل، ومن النضال الطويل للمرأة اليمنية الفاعلة كناخبة والمهمشة من جميع الأحزاب كمرشحة ومن التدخلات الحزبية بأعمال اللجنة العليا للانتخابات كهيئة دستورية محايدة ومسقلة لأن السلطة القضائية سلطة مستقلة والقضاة غير مسموح لهم بالانتماءات الحزبية، باعتبارها أقرب الطرق للإضرار بالعدالة وما ينطبق على حاجة الناس إلى العدالة من الحيادية والاستقلالية ينطبق على حاجة الأحزاب المتنافسة على السلطة إلى الحرية والنزاهة والاستقلالية والحيادية والشفافية المناطة بالقضاة.
وقبل ذلك وبعد ذلك على حكومة الأغلبية أن لاتركن إلى ما تقوله المعارضة بأن المبادرة هروب إلى الأمام من الأزمة الاقتصادية التي دخلت إلى بيوت البؤساء من ذوي الدخل المحدود والذين لا دخل لهم من العاطلين عن العمل الذين تمزقهم البطالة وتسحقهم الارتفاعات السعرية إلى نخاع العظم فالاقتصاد هو الهم الأكبر الذي يتوجب على الحكومة حشد كل ما لديها من الطاقات والإمكانيات المادية وحسن استثمارها في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية واتخاذ كافة التدابير العملية لتأمين البيئة الاستثمارية وتجهيزها بكافة الضمانات والحمايات الأمنية والقضائية وتطهير كافة الوزارات والمؤسسات والهيئات والمصالح الحكومية من العناصر الفاسدة والمفسدة حماية لرجال المال ورواد السياحة.
لازال عالم اليوم في البلدان الديمقراطية الناضجة مشغولاً في المعتركات الاقتصادية بدافع الحرص على تطوير الصناعة والزراعة والتجارة.. ولاينظر للسياسة إلا من زاوية العلاقة الجدلية بينهما وبين الاقتصاد الحر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.