قد تكون المهمة الصاخبة مملة وسامجة عندما لا نطل منها على شيء أو عندما تتحول إلى ميدان للتكسب الشخصي على حساب الهدف المعلن. يحدث هذا في قضايا كثيرة تمتد من قضايا الأحوال الشخصية كالخلاف بين زوجين إلى الخلاف بين جارين إلى الخلاف في قضايا كبيرة؛ مثل تلك التي يخرج فيها مجاميع عن القانون فتتعالى الرغبة في حل المشكلة ودياً وبالوساطة والوسطاء. في القضايا الخلافية العائلية كثيراً ما يكتشف الأذكياء أن الوسيط هو ذاته من يوتر الأجواء ويفسد العلاقة حتى دون وجود مصلحة شخصية مفهومة.. ربما فقط استجابة لحالة نفسية لا يقتنع حاملها بأهمية الاعتراف بها والخضوع للعلاج.. يحدث هذا من قبل ناس يختطفون دور المصلحين بين الجيران، تأتي الأيام لتكشف أن المصلح لم يكن إلا مخرباً للعلاقة ونافخاً في كير سوء الفهم. وكثيراً ما تلجأ الدولة نفسها إلى وسطاء، لكن بعض الوسطاء يلعب دوراً سلبياً مع تحول الموضوع إلى وسيلة للتكسب الذي يظهر في قيام الوسيط.. نفسه بتسميم الأجواء. والأدهى أن يتكاثر عدد الباحثين عن أدوار ليست وفق قاعدة «الصلح خير» وإنما وفق القاعدة النفعية «اللي تكسب به العب به» وهذا ما يثير التساؤل حول حضور وغياب الاعتبار الأخوي والوطني والأخلاقي والديني للتوسط.. وأسوأ تلك الوساطات هي التي تلغي القانون والشرع نهائياً. وفي تراثنا أن شاباً أرسل والده ليخطب له، فكان أن اقتنص الأب الفرصة وخطب الفتاة لنفسه، مبرراً بالقول: أبوك أحق يابني، وهو تجسيد مخجل للكثير من الوساطات الفاسدة.