المساحات الداخلية في العمارة التقليدية اليمنية تتسم بالرحابة والقابلية للتكيّف الوظيفي الواسع، فكل مساحة من هذه المساحات يمكنها أن تتحول ببساطة شديدة إلى أداء وظيفة جديدة .. أي أن غرف النوم يمكنها أن تكون دواوين لاستقبال الضيوف .. وهكذا دواليك. المساحات الداخلية تعبر عن فلسفة للفراغ تساعد على الاسترخاء والتأمل، فالجدران ليست صادمة.. والرؤية مفتوحة دوماً على قابليات متعددة لاستشراف الطبيعة المحيطة.. والممرات واسعة وطويلة، والمساحات المخصصة للأفراد مثالية جداً قياساً بما نراه في منازل العصافير العصرية.. أما الكائنات الحية من طيور وغيرها فإنها تجد أنيساً وملاذاً في المساحات المحيطة بتلك المنازل مما يخلق حواراً داخلياً حميماً بين الإنسان والحيوان .. بين الإنسان والطبيعة . لا تقف تجليات الجمال والتوازن الوظيفي عند حدود الفراغات ومثالية التفاعل مع الأجواء بل تنساب بعيداً صوب النور والضياء .. فمن سمات هذه العمارة وجود «القمريات»، وهي عبارة عن زجاج ملون بألوان الطيف يتم وضعه على رؤوس النوافذ والأبواب.. وحالما تشرق الشمس تدخل الإنارة إلى المنزل عاكسة كل ألوان الطيف، فيما يذكرنا بالمنشور الضوئي الأوروبي الذي يقول لنا: إن الضياء الذي لا نراه ليس في نهاية المطاف سوى سلسلة من الألوان .. وهكذا ذهب فنانو المدرسة التأثيرية الفرنسية الذين رسموا كما يرون لا كما يعرفون، حيث إن الألوان التي نراها تختلف عن تلك التي قبعت في الذاكرة بوصفها سمة الأشياء والطبيعة. هذه المقولة العبقرية في الفن تحقق منها اليمانيون وترجموها في منازلهم القديمة التي تعتمر بالضياء الملون والتغيرات المستمرة على مدار ساعات إشراق الشمس طوال النهار.. وتلك واحدة من ميزات «عمارة القلوب».