الخبر الذي أثار الهلع والقلق بين صفوف قطاعات واسعة من الناس حصل منذ أسبوعين تقريباً عندما نشرت صحيفة سعودية تفاصيل القبض على خمسين مواطناً يمنياً داخل "وايت ماء" كانوا في طريقهم إلى المملكة العربية السعودية للبحث عن عمل.. مثّل الخبر لي ولكثيرين غيري صاعقة كبيرة، وذكّرني برواية الكاتب والروائي الفلسطيني الكبير غسان كنفاني "رجال في الشمس" التي كانت مقررة على طلاب الثانوية العامة في عدن قبل الوحدة، حيث كان صاحب الصهريج يقوم بتهريب مجموعة من الفلسطينيين بين بغداد والكويت للحصول على عمل في الكويت. قصة الخمسين يمنياً الذين كانوا يهرّبون بواسطة "وايت ماء" أحزنت الكثيرين ودفعتهم للتساؤل عن كرامة اليمنيين التي تهدر في الشتات، خاصة أن فرص العمل صارت مع الأزمة المالية العالمية تتضاءل في الداخل فيلجأون إلى الخارج للحصول على ما يسد رمقهم ورمق أفراد أسرهم. ومؤخراً تكشفت حقائق عن قيام بعض الشركات باستغلال حاجة اليمنيين ورغبتهم في الحصول على عمل في دول الخليج؛ فأوهمتهم بقدرتها على توفير فرص عمل في هذه الدول وتحصلت منهم على أموال مقابل الحصول على تأشيرات دخول لهذه البلدان دفعها البعض بالدولار والبعض الآخر بالعملة المحلية، واكتشف الناس أن هذه الوعود لم تكن سوى سراب!!. نعلم أن الكثيرين يحلمون بالذهاب إلى دول الخليج التي توفر فرص عمل لكثير من الجنسيات الآسيوية والعربية، إلا أن الطريقة في الحصول على هذه الفرص لا يجب أن تمرّغ كرامة الإنسان في التراب. فنحن نسمع عن طرق كثيرة لتهريب اليمنيين إلى دول الجوار بطرق مختلفة، لكن أن يتم حشر 50 نفساً في صهريج ماء؛ فهذا أمر جديد ومبتكر من قبل بعض المهربين الذين يحصلون على أموال كبيرة مقابل عملهم هذا!!. على الحكومة مراقبة الطرق الجديدة في تهريب مواطنيها إلى دول الجوار ومنعها ومحاسبة المتسببين فيها، ولا تجعل الانطباع يتكرس عند الناس أن الدولة تريد التخلص من مشاكل مواطنيها فتفتح لهم الطريق إلى جهنم بالتغاضي عن حالة التهريب التي تتم للمواطنين بتلك الطريقة التي تمت مؤخراً. لا نريد أن ينتهي بنا المطاف داخل صهريج ماء، علينا أن نجد طريقة للحفاظ بها على ما تبقى من كرامتنا، وأن نبحث بجدية مع دول الخليج لإيجاد وسيلة لتوفير عمالة بطريقة مشروعة تكون قادرة على رفع اسم اليمن عوضاً عن الطريقة المهينة التي تتم اليوم لمواطنينا