اقتبست هذه المقولة للناقد والكاتب اللبناني عيسى مخلوف « هكذا يسمح لنا التلفزيون أن نشاهد حروبنا وهمجيتنا وطرائق استهلاكنا وابتذال وجودنا » لأفتتح سطوري بحروف أبت أن تخضع لرغبتي في الدخول إلى عالم النوم لتخرجني إلى عالم اليقظة، هذه اللحظة التي تعتبر فاصلة بين الحياة والموت كالخطاب المحتشم لرسائل الدبلوماسية الأوبامية، فقد كانت فاصلة مابين الضحك والبكاء. فالمضحك الممزوج بالسخرية والمملوء بالمرارة هو ابتهاج بعض العرب والفلسطينيين من بينهم بالخطاب ذي الأصول الإسلامية لصاحبه « عنترة بن شداد » عفواً أقصد «باراك أوباما» فقد تصور للبعض بشخصية عنترة بن شداد الذي استُنفر كي ينقذ بنت العم وهي فلسطين عفواًَ أخطئ اليوم كثيراً أقصد إسرائيل، فقد تصور البعض أن هذا الخطاب المحتشم سيسهم في نصر قضاياهم ويحرر لهم القدس والأقصى ويحمل اللاجئين الفلسطينيين بالطائرات الأمريكية إلى يافا، وحيفا، وعكا كي يعودوا إلى بيوتهم. والمبكي أنه أعلن أن القدس عاصمة لإسرائيل عندما اختار « رام إيمانويل» لمنصب كبير موظفي البيت الأبيض، أي كبير المستشارين وهو اليهودي المعروف بانتمائه لأسرة صهيونية فقد كان والده عضواً في منظمة شاركت في مذبحة دير ياسين. والمضحك أن محتوى ذلك الخطاب المحتشم الضغط على العرب والمسلمين بقبول الحل القائم على أساس الحوار بين دولتين وهي فلسطين وإسرائيل بعيد عن العنف على حد قوله ...وليس فعله. والمبكي تلك التصريحات العربية التي ركزت على أن هذا حدث مهم وأن يقف رئيس أمريكي في قلب عاصمة عربية ليلقي خطاباًَ بهذه الأهمية من التركيز والشمولية متجاهلاً النظر في أية وريقات ، بادئاًَ كلامه بالسلام باللغة العربية ليتناول الإرهاب ، والقضية الفلسطينية، والملف النووي الإيراني، والديمقراطية والتسامح الديني، وحقوق المرأة ،والتنمية، والعولمة، وصراع الحضارات... وأن هذا الخطاب يصنف ضمن الخطب التاريخية التي يجب أن يٌحتفظ بها... مغفلين الإحباط الذي أصابنا ونحن نستمع إلى ذلك الخطاب المحتشم العديم الفائدة. والمضحك المقرون بالدهشة استخدامه للتعابير القرآنية التي وضعت لجعل بعضنا يشعر بإيجابية عالية. والمبكي أنه لم يتحدث أحد بعد الخطاب عن التحولات الأمريكية تجاه العالم الإسلامي والعذر دائماً هو العودة لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر التي جعلناها شماعة لغمسنا في مستنقعات الإرهاب التي تحيط بنا من كل جهة لذا لا أحد يناقش الفلسطينيين المنقسمين، ولا كيف نعالج مشاكلنا الاقتصادية، مفسحين المجال لغيرنا مناقشة قضايا الحقوق الخاصة بالمرأة، ولا كيف ستُحرر جامعتنا من العقول المستعمرة والرابضة على تلال التخلف والجهل. والمضحك أن الإدارة الأمريكية تعثرت في زرع التجربة الديمقراطية داخل دول إسلامية حديثة رغم كل ذلك الكم الهائل من شعارات الأصالة والمعاصرة والخصوصية والاستقلالية. والمبكي أن الخطاب فتح كافة المجالات لخلق تفاهم إسلامي - مسيحي وذلك لمقدرة أوباما في فهم خبايا الديانتين . المضحك تصريح أحد الكتاب العرب بأنه من المهم أن تكون هناك رؤية واضحة عند العرب والمسلمين وقادرة على الاشتراك بأفكار عملية في تقديم قوة دفع لتحريك الأمور لصالحهم . والمبكي أنها ليست المرة الأولى التي تنتعش فيها الآمال في المنطقة وتكتسب العملية السياسية زخماًَ وقوة ودفع... ثم لسبب أو آخر تجهض وتعود دورة العنف أشد من السابق. وأخيراً المضحك أن الكل يتوقع بعد هذا الخطاب المحتشم العديم الفائدة ارتفاعاً هائلاً في أسعار النفط، أو نشوء أزمة عالمية في كوريا أو أمريكا الجنوبية، أو تعقيدات في القضية الفلسطينية بالانقسام الحالي بين « فتح » و« حماس ». والمبكي أن هذا الخطاب الأوبامي المحتشم كان ناقصاًَ ولم يكتمل فهو لم يتطرق إلى مشكلة القرصنة في البحر العربي والحيرة قائمة لهذا الإقصاء. ويبقى مهماًَ أن نعي جميعاً وبالأخص الفلسطينيين ما حدث منذ وعد بلفور في عام 1917 إلى ما حدث من بوش حين أعلن دعمه للصهاينة بقوله: « إنكم لستم سبعة ملايين بل أنتم (3007) ملايين» مشيراً إلى عدد سكان الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى خطاب أوباما المحتشم برسائله الدبلوماسية بأن الرسالة بصوت واحد وهي.... بأنه بعد هذا الخطاب دورة العنف ستزيد وليس الإرهاب فهم لا يمارسون الإرهاب وإنما «دورة العنف أشد وأقسى».