في آخر يوم دراسي، وبعد أن أكملت التصحيح ورصد درجات تلاميذي الصغار.. تنفست الصعداء، وشعرت كأن جبلاً انزاح من على ظهري، بل إن صح التعبير ماتبقى من ظهري ! وبأمر إداري كان علي أن «أتكعف» مراقبة لجان المراحل التي لم تنته اختباراتها ! بالرغم من أني صرت مؤمنة حد التقى أن المدارس الأهلية مشاريع ربح مادي فقط، ومشاريع أجيال فاشلة، إلا أنني لم أكن أتوقع أن يصل الفشل واللامسئولية والمغالطة حداً يجعل طالباً بل طلاباً في الصف الرابع أو الخامس أو الثامن لا يحفظون الحروف الهجائية. في لجنة الاختبار ناداني «سياف» - اسم أحد الطلاب - وطلب مني قراءة السؤال، سألته ما معنى كلمة دانية، أجاب قريبة.. قلت له: اكتبها، نظر إلي بتعجب «ماهو يا أستاذة مادراني كيف يكتبوها ؟! أمسكت ورقته وأخذت أقلبها فإذا هي بيضاء من غير سوء.. قلت له: اكتب «قاف» فكتب «غ» ماهذا.. «جاف» .. قلت «بس أية أخرى».. وحين صرخت في وجهه اعتذر وأخبرني بأنه تذكر، ناولته الممحاة، فمسح النقطة ونظر إليّ مبتسماً ابتسامة عربية 100% إلا هكذا صح ! وحين طلبت منه أن يكتب «باء» كتب «نون» ... وهكذا.. أما طلاب وطالبات المراحل الأعلى، فإنهم يسألونك ببلاهة، هل تلتصق الألف مع الذال في كلمة «لماذا» وحين تجيبه، أن لا، يسألك باندهاش «ليش» ؟! فتضطر أن ترد عليه قائلاً، لا يجوز، الألف «مش محرم الذال» والكلمة الناتجة عن التصاقهما «بنت حرام» باقي لكم شيء»..! وعلى فكرة سياف وإخوانه وأخواته ينتقلون إلى صفوف عليا، وبنجاح باهر!! هل تعرف وزارة التربية والتعليم ماذا يحدث في المدارس الخاصة، أم أن علاقتها بهذه المدارس مادية فقط ؟ هل فكرت وزارتنا أن تكلف بعض الموجهين والتربويين الموثوق بهم لكي يطلعوا على نماذج عشوائية من إجابات التلاميذ، ثم مقارنتها مع النتيجة التي ترفع إلى التربية. وعلى ذكر الموجهين، هناك من هؤلاء الموجهين من تربطهم علاقة صداقة بمديري المدارس الخاصة، فيتقايضون، أنا أرفع عنكم تقارير دسمة، وأنتم تؤكدون أني زرت مدرستكم «ولا بارك الله بالوجه اللي قفى». وبسؤال يوجه لمعلمة في مدرسة خاصة.. هل يحتوي كشف الدرجات الذي ترفعينه على طلاب راسبين ؟ ستجيبك ببساطة..نعم ! ولكنه ينجح في الكنترول؟ لأن درجة الحرارة هناك مرتفعة، تماماً كالمبلغ الذي يدفعه ولي الأمر ليتخرج ابنه برتبة حمار.! نحن في المدارس الخاصة، وبدعم من وزارة التربية نقتل أجيالاً ونعبث بحاضرهم ومستقبلهم، نوهمهم بأنهم ناجحون وبامتياز، على الرغم من أننا ندرك أن الصفر حرام فيهم. ماذنب هؤلاء التلاميذ الذين لا يعرفون من المدرسة سوى مبالغ تدفع وشهائد ترفع.؟! [email protected]