البنك المركزي يعلن موعد واماكن الصرف للمرتبات    اليمنيون.. أسياد البحر والجو في زمن الخنوع العربي    حمدان: العدو الصهيوني يتحمل مسؤولية حياة أسراه    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    توجيه الرئيس الزُبيدي بتكريم أوائل الثانوية.. تقدير واحتفاء جنوبي بالعلم والتفوق    الحكومة تجدد تأكيدها: الحوثيون حوّلوا المساعدات الدولية إلى أداة تمويل لحربهم    صاعقة رعدية تودي بحياة فتاة في المحويت    في لقاء موسع بالحديدة: العلامة مفتاح يدعو للاستعداد لموسم الامطار    القَطَا و الغراب    جهود خليجية للإفراج عن بحارة محتجزين في صنعاء    غدا الثلاثاء .. انطلاق المعسكر الإعدادي لمنتخب الناشئين    البنك المركزي يوقف تراخيص أربع شركات صرافة لمخالفتها الأنظمة    غضب جنوبي يتصاعد ضد احتكار هائل سعيد ونهب مقدرات ما بعد الحرب    النفط يتراجع بعد اتفاق "أوبك+" على زيادة الإنتاج في سبتمبر    الحديدة.. اعتقالات تطال محتجّين على خلفية مقتل مواطن في مديرية المراوعة    التفتيش القضائي يقر نزولا لمتابعة القضايا المتعثرة    الحديدة: فريق طبي يقوم بعمل معجزة لاعادة جمجمة تهشمت للحياة .. صور    تعليق العمل في المجمع القضائي بتعز احتجاجًا على اعتداء عسكريين    عدن.. البنك المركزي يوقف تراخيص أربع كيانات مصرفية    مصور رياضي يُمنع من تغطية مباراة بدوري بيسان بتعز.. أكرم عبدالله يوضح ملابسات الحادثة ويطالب بالإنصاف    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    الجماعي يطلع على سير أداء اللجنة المشتركة واللجان البرلمانية الدائمة    الحزام الأمني بالعاصمة عدن يضبط ثلاثة متهمين بممارسة السحر والعبث بالآثار عدن    "حاشد" صوتكم لا خصمكم    ميسي يغيب عن الملاعب لمدة غير محددة نتيجة إصابة عضلية    "صهاريج عدن" على قائمة التراث العربي المعماري بقرار من الألكسو    تضامن حضرموت يتعاقد رسميا مع المدرب السعودي بندر باصريح    حجة.. وفاة مواطن بصاعقة رعدية في مديرية بني قيس    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا غرق قارب مهاجرين باليمن    سلطة التكنولوجيا هي الاولى    تقرير حقوقي يوثق 5618 انتهاكا ارتكبتها مليشيات الحوثي الإرهابية بحق النساء    القاضي المحاقري يشيد بجهود محكمة استئناف ذمار    حضرموت التاريخ إلى الوراء    تدشين فعاليات وانشطة الاحتفاء بالمولد النبوي بذمار    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يعزي في وفاة المخرج الإذاعي سعيد شمسان    شرطة مأرب تضبط كمية من مادة الحشيش قادمة من مناطق المليشيا    الأرصاد الجوية تحذّر من أمطار رعدية في عدة محافظات    مناقشة الإعداد والتجهيز لإحياء فعاليات ذكرى المولد في إب    لقب تاريخي.. ماذا ينتظر باريس وإنريكي في أغسطس؟    رئيس جامعة إب يتفقد سير الأداء بكلية العلوم التطبيقية والتربوية والكلية النوعية بالنادرة والسدة    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    السقلدي: تحسن قيمة الريال اليمني فضيخة مدوية للمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة    مفاجأة مونتريال.. فيكتوريا تقصي كوكو    سمر تختتم مونديال السباحة بذهبية رابعة    في السريالية الإخوانية الإسرائيلية    عدن .. البنك المركزي يحدد سقف الحوالات الشخصية    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    جحيم المرحلة الرابعة    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    إعلان قضائي    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرخ
نشر في الجمهورية يوم 06 - 05 - 2010

كلّما وصلت إلى الشارع المؤدّي إلى بيتنا، خفق قلبي بسرعة مجنونة. أحياناً، وأنا أتقدّم نحوه، أراه يميل شرقاً، أو ينحني بضعة سنتيمترات إلى الأمام, فأفكّر في الهرولة إليه، باسطة يديّ لالتقاطه.
ة
كادت أنفاسنا تخنقنا. الستائر القاتمة كانت تزيد الغرفة ضيقاً. سرير صغير، خزانة خشبية، جهاز كمبيوتر مغطّى بطبقة رقيقة من الغبار.
شممت رائحة الرطوبة واستعدّ وبر جسدي للمطر. ثم حملني السرير إلى عالم من دون جدران. في تلك اللحظة النادرة، عرفت كم أريد الحياة. كم أعشق قساوتها.
سألته عن حبيباته السابقات، شقراوات أوروبا الشرقية. سأل متعجّباً: "كيف تسألين هذه الأسئلة, والآن بالذات?!".
صمتُّ وانكفأت إلى نفسي أكثر، ثم سمعت صوت بكائي، يتدافع من دون حذر. ذُعر وسألني:" هل أؤلمكِ؟". قلتُ:"لا. بل دموع الفرح".
كنت أكذب، واعتقدت أني نجوت بكذبتي.
ة
أحصي درجات بيتنا وأنا أرتقيها. حين أجتاز باب المدخل، أبحث عن شرخ الحائط الغربي وعن الفجوة المرمّمة في أعلاه.
يمرّ تامر، ابن أختي، بدرّاجته الثلاثية العجلات من أمامي، فيرجعني صخبه من تخيّلاتي، وأنتبه لأمّي تناديني منذ دخلت. أتبع صوتها مهتزّة الخطى، وصورة انفجار قويّ تلمع تحت جفنيّ.
في مكاني المفضّل، على الكنبة الواطئة، أجلس أراقب ما استجدّ على الحائط الغربي من شقوق. تتراءى لي طرقات وروافد أنهار وأجساد عارية بأطراف طويلة وتجاعيد جباه وأيادٍ...
أسفل الفجوة، عن اليسار، يوجد التلفاز. هنا، حيث أجلسُ، كان جدّي يتابع برامجه الطريفة، "أبو سليم الطبل"، "أبو ملحم"، "بربر آغا". وهنا ابتسم للمرّة الأخيرة.
ة
من بين الطيّات البيضاء فاحت ابتسامته الهادئة، فشعرت أنّ هذه اللحظة تساوي حياتي، وأردت أن ألتقطها، كي أقول إنّي لمستُ السعادة يوماً.
" سأقتلك إذا تركتني"، قال لي وهو يتمدّد على ظهره فوق الغيوم. فقلت: "اذاً سأنتظر الموت الليلة".
لم يهتمّ بكلامي. كلّ مرة، أخرج من شقّته، تاركة خلفي عهداً بعدم المجيء ثانية، وبعد أيّام قليلة أو كثيرة، أعود. أجد على طاولته شيئاً اشتراه لي، محفظة بدلاً من محفظتي التي ضاعت، ساعة بدلاً من ساعتي المعطّلة دوماً، شالاً قلت يوماً أنني أنوي شراءه، كي أغطّي به رأسي وأنا متسلّلة إلى شقّته.
تخفّيت بالشال وخرجت، مردّدة أنها المرة الأخيرة. لكن! في السوق وفي الجامعة، شعرت بأنّني لو كنت أملك المال، لما اشتريت ساعة جديدة ولا محفظة.
هربت من نفسي ومن الوعد الذي أمقته.
في المصعد، أدرت ظهري للمرآة. ركضت نحو باب الشقّة وأغلقته بسرعة، كي لا يدخل ظلّي خلفي.
نثرت الصور ورحت أذكّره بها وبنا. ما كنّا عليه، ما قلناه، ما فعلناه في خلال التقاط الصور. حشر الصور في حقيبة يدي ورماها نحو باب المدخل قائلاً: "لا تعودي إلا من دونها".
ة
لم يعد أحد في البيت يبتسم للتلفاز. بعد أن ينهكه اللعب، ينام تامر على البلاط البارد، فتحمله جيهان إلى غرفتنا، وينامان لتوّهما. سرعان ما ألحق بهما، ليس لأنّني متعبة أو ناعسة، بل لأنّني أخاف أن أطيل البقاء وحدي في غرفة الجلوس.
في سريري، تحت النافذة وقرب سرير أختي وابنها، لا يعود الشرخ يقلقني. أفتح الكتاب وأقرأ جملة لا تعني شيئاً، كتبها أديب معروف، قد يكون رام بها معنى كبيراً.
أرفع نظري إلى السماء محاولةً تحديد مكان القمر. هو الآن في زاوية ما من السماء. أبقي النافذة مفتوحة في انتظاره.
كانت جيهان تسخر منّي عندما أقول لها إنّ للقمر رائحة، وإنّي أشمّها حين أراه. في هذه الساعة من الليل، تبدأ تلك الرائحة تطرق نافذتي.
هل أوقظها لتعرف أنّني لست واهمة؟ هل أوقظها لأخبرها أنّني أشمّ روائح طفولتي، روائح ثيابي ولُعبي وأغطيتي وكتبي، وسندويتشات المدرسة، والممحاة التي لها شكل إجاصة ورائحة وردة. ورائحة مالك، الطفل الذي كان حبيبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.