لا أعلم شراً أكثر خطراً على الإنسان والمجتمع من الأنانية، وتُعرف الأنانية بأنها حب الذات إلى درجة الحصر، فالأناني لا يعرف إلا نفسه، ولا يهمه الآخرون. الأنانية خطرة في الإنسان؛ غير أن الأديان والأعراف المجتمعية تهدف إلى تهذيبها، لتستقيم شؤون الحياة، فالحياة لا تقوم إلا على تعاون بين الأفراد. وفي عقيدة الإسلام دعوة صريحة إلى تقديم المجتمع على الفرد، وهناك ما يسمى ب"الإيثار" وهو أن تقدم غيرك على نفسك فيما لا يضرك، وليس منا من بات شبعاناً وجاره جائعاً، ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لغيره ما يحب لنفسه. ولقد بلغ من ضعف الإيمان عند كثيرين أن يعيش الفرد لنفسه حياة رخاء وبحبوحة عيش، بينما يعيش الآخرون في جحيم الشظف وقسوة مشهودة، بل إن ما يبلغ بمجتمع من التسيب والفوضى وعدم المبالاة والإهمال؛ إنما سببه الأنانية والحب المفرط للذات. إن الأناني يجني على نفسه كثيراً ليكون إنساناً منبوذاً يكرهه أفراد مجتمعه ولا يحبه الله ورسوله. ولقد بلغ من قسوة القلب أن يهدي الأناني الطوفان لمجتمعه بينما يحظى الأناني بأكثر من قارب نجاة، ولا بأس أن يقدم الأناني نفسه ليكون الأول، لكن عليه أن يترك فرصة للثاني وهكذا، لأنه إن لم يتح لأحد أن يقف في الطابور فإنا نسأله كيف سيعيش وحده؟!. لقد جرب كثيرون من الناس هذه البلوى؛ ولكن ليسألوا أنفسهم هل هم سعداء، ثم ليسألوا المجتمع حولهم: هل هذا المجتمع راض عنهم؟!. الأنانية قد تكون موهبة، وقد تكون كسباً، وواجب الأسرة أن ترشد أطفالها إلى نعمة حب الناس وحب الخير للآخرين، ولكن من يرشد الأسرة نفسها وقد أصبحت هي الأخرى محاطة بالجهل والبؤس؛ وربما الأنانية؟!.